إفشاء السر وما يتعلق به من حقوق و واجبات

0
إفشاء السر وما يتعلق به من حقوق و واجبات:
- نبحث في هذه المسألة من أربعة جوانب: عن الصعيد الإداري وفيما يخص الشهادة أمام العدالة وفيما يتعلق بالتبليغ وفي إجراءات التحقيق:
  أ/ على الصعيد الإداري:
- توجد نصوص قانونية واضحة تلزم الأطباء على سبيل المثال بالتصريح الفوري للمصالح الصحية المختصة عن كل الأمراض المعدية التي يكتشفون عليها أثناء تأدية عملهم ولا يجوز لهم التذرع  بالسر المهني في عدم التبليغ (المادة  54 من القانون رقم 85/05 المؤرخ في 16/02/1985 ) وقد يكون التصريح مرخصا به وليس مأمورا به فالأمر سواء في تبرير الإفشاء.
  - بصفة عامة يبرر الإفشاء بالسر بنص خاص إذا كان واضحا ولا يتعارض مع مضمون نص المادة 301 بل وقد يعاقب حينئذ حامل السر عن عدم البوح به.
  ب/ الشهادة أمام العدالة :
- الإفضاء بالسر يكتسب طابعا خاصا عندما يتعلق الأمر بالشهادة أمام العدالة. فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا: هل واجب الشهادة أمام العدالة يبرر الإفضاء بالسر المهني؟
- الجواب يختلف باختلاف الفئة الحاملون للسر.
- هناك فئة من الأشخاص يؤتمنون على السر ثم يطالبون أمام العدالة فيبوحون بالسر الذي أفضي به إليهم ورغم ذلك لا يتعرضون لعقوبة المادة 301 ق ع ج رقم  القانون رقم 90/17 المؤرخ في 31/07/1990 المتعلق بحماية الصحة  وبعد ما يذكر في مادته 206/01  أن الأطباء والجراحي الأسنان والصيادلة الملزمون بكتمان السر يعتقهم منه في مادته 206/03 إذا كان مطلوبون أمام القضاء سواء بصفتهم تلك أو بصفتهم خبراء لديه على شرط أن يتقيدوا في تصريحهم بما هو ضروري لتنوير القضاة حول السؤال المطروح.
- إن المثال الذي ضربناه بالأطباء وأشباههم  ينطلق على كثير من الموظفين والمهنيين كالخبراء في المحاسبة والمهندسين الخبراء وأعوان البريد وموظفي البنوك حيث توجد نصوص خاصة تأمرهم بالمحافظة على السر المهني، وفي نفس الوقت تمنعهم من الاحتجاج به أمام قاضي التحقيق أو بصفة عامة أمام العدالة فيما يتعلق بوقائع المتابعة.
- وهناك فئة أخرى تؤتمن على السر فلا يجوز لها أن تبوح به لأن السر الذي اؤتمنت عليه سر مطلق، فيكون إذن من النظام العام المحافظة عليه لا فرق في ذلك بين السر ذي المصلحة الخاصة أو ذي المصلحة العامة.
- في آخر المطاف نجد أنفسنا أمام مبدأين: الأول يلزم حامل السر أن يبوح به إذا استدعي بصفة نظامية أمام العدالة. والمبدأ الثاني يلزم حامل السر بأن يحافظ عليه. بالمقارنة بين  المبدأين نجد إن المبدأ الثاني يبدو أنه الاستثناء من المبدأ الأول، فإذا كان كلامنا مقبولا فإن عدد أصحاب القائمة الثانية محدود ومحصور بالضرورة ويرجع للقضاء أن يجسد هذه الحقيقة في الواقع ويحددها لأنها لم تأت عن طريق التشريع وإنما كان هو المصدر بالنسبة إليها. إلا أننا و رغم استقرائنا لعدد من الأحكام والقرارات  الصادرة في هذا المجال أو الموضوع لا يمكننا القول متى تكون أمام سر مطلق لا يجوز البوح به، ومتى نكون أمام سر نسبي يجوز إفشاءه إذا أحاطت به ظروف خاصة ومنها المثول أمام العدالة.
- هذا الإقرار بالعجز لا يمنعنا من التصريح أن السر المطلق لا يجوز البوح به هو عادة السر الذي يتلقاه رجال الدين، والحكم، ورجال المن أثناء تأديتهم لوظيفتهم و ما يتلقاه أيضا الأطباء و المحامون في بعض الظروف.
- هؤلاء الأشخاص ملزمون بالمحافظة على السر المهني الذي يحصلون عليه أثناء عملهم، فإن هم باحوا به يتعرضون لعقاب المادة 301 ما لم يعاقبوا بعقوبة أشد، ولا يعذرون بالقول أن البوح أمام العدالة لم يكن عفويا، وإنما وقع تحت الضغط.
- على الصعيد العملي نلاحظ تذبذب في القرارات الصادرة عن القضاء و إلى حد الآن لا يمكن القول إن القضاء قد استقر على رأي واضح يمكن من التمييز بين السر المطلق والسر النسبي.
ج/ التبليغ:
- عقوبة المادة 301 لا تطبق إلا في الحالات التي لا يجوز فيها نص يأمر أو يرخص بالتبليغ. فإذا وجد مثل ذلك النص وعين الجريمة التي يجوز فيها الإفشاء أو عين الشخص الذي يرخص له الإفشاء أو يلزمه به فغن نص المادة لا يطبق.
- مثاله: فيما يخص الجريمة.
- الأطباء والجراحون والصيادلة والقابلات مطالبون بالحفاظ على السر المهني بمقتضى نص المادة 301 إلا أنهم لا يعاقبون بمقتضى الفقرة الثانية من نفس المادة إذا هم ابلغوا عن حالات الإجهاض التي تصل إلى علمهم بمناسبة ممارسة مهنتهم، إما إذا دعوا للمثول أمام القضاء في قضية الإجهاض فيصبحون ملزمين بالإفشاء.
- في نص المادة 301 ترخبص وأمر ترخيص فيما يخص الحالات التي يحصل عليها الأطباء أثناء عملهم  وأمر فيما يخص تأدية الشهادة أمام العدالة. 
مثاله: فيما يخص الأشخاص.
- مأمور الحسابات commissaire aux comptes   ملزم بمقتضى القانون المنظم لمهنته بإبلاغ وكيل الجمهورية بكل الجرائم التي ينكشف عليها أثناء تأدية وظيفته.
  - في بعض الأحيان يرد نص التبليغ في صيغة عامة مثاله نص المادة 181 ق ع يعاقب كل شخص يعلم بالشروع في جناية أو بوقوعها فعلا ولا يبلغ عنها السلطات فورا.
- واجب الإبلاغ هذا عام و يتوجه إلى جميع الأشخاص. وقد يكونوا من الذين لا يقيدهم السر المهني فلا يوجد مشكل بالنسبة إليهم. وإنما الصعوبة عندما يتعلق المر بمن هم ملزمون بالحفاظ على السر المهني مثاله: قد يعلم محام بجناية المادة 181 ق ع ج عن طريق الشائعة فيكون شأنه فيها شأن أي مواطن، فيجب عليه التبليغ فورا. لكنه قد يعلم بالجناية من حديثه مع موكله فتتصف المعلومة بالسر المهني، فهل يجوز التبليغ عنها على نص المادة 181 ق ع ج أم التكلم عنها بناء على نص المادة 301 ق ع ج؟
- في الجواب نقول إنه ملزم بالتبليغ عنها ولا تطاله عقوبة المادة 301 ق ع ج و يمكن استدلال عن هذا الرأي في غياب القضايا المفصول فيها بالقول إن العقوبة المنصوص عليها في حالة عدم التبليغ هي الحبس من سنة إلى 05 سنوات، أي أكثر من العقوبة التي تتوعده في حالة الإفشاء وهي الحبس من شهر إلى ستة أشهر، فعدم التبليغ إذن أخطر على النظام العام من جريمة الإفشاء. ويؤخذ في مثل هذه الحالة بأخف الضررين وهما التبليغ بدلا من السكوت.
د/ التحقيق:
- المادة 11 ق إ ج  تنص على أن إجراءات التحري والتحقيق سرية  مالم بنص القانون على خلاف ذلك، ودون إضرار بحقوق الدفاع وأن إفشاءها يعرض صاحبه إلى العقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات وهي إشارة إلى نص المادة 301 ق ع ج لكن المادة 11 ق إ ج مرن وينبغي تحديد مجاله من جانبين:
- الجانب الأول: إن إفشاء المتعلق بإجراءات التحقيق لا يشكل في حد ذاته جريمة، وإنما الجريمة فيه تقوم عندما يتعلق الإفشاء بسر المهنة بمفهوم نص المادة 301 ق ع.
- الجانب الثاني: إن إفشاء الأسرار في التحقيق قد يباح إذا دعت إليه ضرورة التحقيق الجنائي أو ضرورة إعلام الجمهور و قد  يباح كذلك لضمان حقوق الدفاع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه