مفهوم الطفولة المتروكة

0
مفهوم الطفولة المتروكة
المطلب الأول:تحديد مفهوم ترك الأطفال
قبل الحديث من كثير المصطلحات التي تستخدم لهذه الطائفة من الطفولة، وبعد حديثنا عن قبل الحديث تعريف الطفولة سابقا، سنقوم بالبحث في طائفة خاصة جدا من هذه الطفولة ونعني بها الطفولة المتروكة، فما معنى هذا المصطلح؟
لقد تعددت التسميات التي أطلقت على طائفة من الطفولة فقدت عائلاتها لأسباب متعددة سنتعرض لها لاحقا، " الطفولة المهملة " وأحيانا أخرى " الطفولة المسعفة " وأحيانا أخرى " الطفولة المشردة "، كما سميت بـ " الطفولة الضائعة " أو " الطفولة المحرومة " أو " الطفولة المنتهكة "، كما سميت هذه الطائفة بصيغة أخرى " أطفال بلا أسر " ، " أطفال الشوارع " وهكذا تتعدد الأسماء وتتعدد في المعنى، إلا أنه إذا دققنا وأمعنا في تلك المصطلحات، لثبت لنا أنها مصطلحات تختلف  في دقائقها ومعانيها الضيقة، وهو ما سنتعرض له من خلال تحديد مفهوم الطفولة المهملة والمصطلحات المشابهة لها.
فعلى غرار الطوائف الأخرى من الطفولة والذين يسمون في علوم الاجتماع والنفس بـ  " الأطفال ذوي الحاجات الخاصة " ، " الطفولة المعوقة "(01 )، و " الطفولة الجانحة "(02) و " الطفولة العصابية " (03 )، فإننا لن نجد تعريفا خاصا بمعنى الطفولة المتروكة، إلا أننا حاولنا تحديد نطاقه من خلال ما ورد هنا وهناك، إذ من الصعوبة بما كان الوقوف عند معناه بالتحديد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-  وأهم مشكلات هذه الطائفة الضعف العقلي أو تأخره، شلل الأطفال، الصم، البكم، مرض الكساح، وما شابه ذلك.
2-  وأهم مشكلاتها، جرائم عصابات الصغار، استغلال الكبار للطفولة لترويج المخدرات والدعارة والاستغلال الجنسي.
3-  وتتمثل أهم مظاهرها في حالات التبول اللاإرادي، الأمراض السيكوباتية، عيوب النطق والكلام والخوف وغيرها.
وبالرجوع إلى عبارة " الطفولة المتروكة " فإن مفهومها ينحصر في تلك الفئة من الأطفال ذوي الحاجات الخاصة من جهة الأسرة، وبمعنى أدق " تلك الفئة المحرومة من أحد الأبوين أوكليهما بأي طريقة كانت سواء كانوا أطفالا شرعيين أو غير شرعيين وإن كان تركيزنا سيظهر على الفئة الثانية على أساس أنهم أكثر الفئات حرمانا. 
وعليه يمكن أن تعدد فئة الطفولة المتروكة في:
الطفل غير الشرعي (الفرع الأول) وما يندرج في هذا الإطار.
أطفال الشوارع (الفرع الثاني) لسبب من أسباب الطلاق ومشاكله، مرض العائلة، مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية، أسباب طبيعية كالكوارث الطبيعية من زلازل وفياضات وغيرها.
الفرع الأول:الطفل غير الشرعي:
بخلاف الطفل اللقيط، الذي لم يحسم أمره، فيما إذا كان ولدا شرعيا، فيما أو غير شرعي فإن الطفل غير الشرعي محسوم أمره، على أساس أنه ناتج من علاقة غير شرعية (زنا، اغتصاب، فسق ودعارة وغيرها).
فقد يلتقي اللقيط إذن مع الطفل غير شرعي، بل قد يصبح كذلك إذا اثبت بعد العثور عليه أن تقسيمنا أو تمييزنا للطفل غير الشرعي عن اللقيط (01)،كان من باب الحديث عن ظاهرة الطفولة غير الشرعية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من ظاهرة أعم  هي الطفولة المتروكة.
والطفل غير الشرعي، هو الطفل الناتج عن علاقة جنسية خارج إطار عقد الزواج وما يلحق به، خلافا للمادة 40 من قانون الأسرة الجزائري التي تنص على أنه " يثبت النسب بالزواج الصحيح، وبنكاح الشبهة، وبكل نكاح تم فسخه بعد الدخول طبقا للمواد 32 و 33 و 34 من هذا القانون ".


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
01-                   اللقيط: مجهول النسب.
وتضييقا من نطاق وحجم الأطفال غير الشرعيين أثبت المشرع نسب الولد من أبيه في الزواج الباطل، وهو ذلك الزواج الذي فقد ركنا من أركانه الشرعية الأساسية (الرضا)، أو الذي أضل فيه ركنان من الأركان التي اعتبرها المشرع من شروط الصحة، أو في حالة الزواج بإحدى المحركات.
في حين يلحق نسب ولدا لزنا من أبيه الزاني على رأي جمهور الفقهاء. 
الفرع الثانيطفال الشوارع:
لقد كثرت التعريفات حول هذا المفهوم إلا أن الشائع أنه أن يجمع كل تعريف ثلاث معايير:
أولا: مكان الإقامة وهو الشارع.
ثانيا: اعتماد الطفل على الشارع كمصدر للدخل والبقاء.
ثالثا: عدم وجود مصدر للحماية أو الرعاية أو الرقابة سواءا من أفراد أو المؤسسات.
وينقسم بالتالي أطفال الشوارع بحسب تعريف " اليونسيف " إلى:أطفال في الشارع، وهم الذين يعملون طوال النهار ثم يعدون إلى أسرهم ليلا أو ليس لهم أسر أصلا وهذا القسم الثاني هو الذي نراه يهمنا على أساس انعدام الأسرة لدى الطفل لأي سبب كان.
في حين تعرف منظمة الصحة العالمية (O. M.C) أطفال الشوارع بتقسيمهم إلى أربعة أصناف:
الصنف الأول: الأطفال الذين يعيشون في الشارع لا يشغلهم سوى البقاء و المأوى.
الصنف الثاني:المنفصلون عن أسرهم بصرف النظر عن مكان إقامتهم سواء في الشارع أو في الميادين أو الأماكن المهجورة أو دور الأصدقاء أو الفنادق أو دور الإيواء.
الصنف الثالث: الأطفال الذين تربطهم علاقة بأسرهم ولكن تضطرهم بعض الظروف إلى قضاء ليالي أو معظم الأيام في الشارع
الصنف الرابع: الأطفال في الملاجئ المعرضون لخطر أن يصبحوا بلا مأوى وهناك تعريف قانوني آخر يرى أنهم «أطفال من الذكور والإناث المقيمون بالشارع بصورة أو شبه دائمة، والذين يعيشون في الشارع دون حماية أو رقابة أو إشراف من جانب أشخاص راشدين في مؤسسات ترعاهم» وهذا التعريف يركز على معيارين أساسيين همـا :ارتباط الطفل بحياة الشارع والبعد عن المنظور التجريمي للتعامل مع الظاهرة.
الواضح من خلال هذه التعاريف أن أطفال الشوارع مفهوم واسع وشامل، يجمعهم في كل ذلك أنهم أطفال مهملين اضطرتهم أسباب مختلفة للخروج للشارع وهم بالتالي معرضون لكافة عوامل الجنوح والإهمال.
ونظرا لخطورة وحداثة الظاهرة وتعقدها وتشعبها فإنه يصعب وضع تعريف جامع ومانع لها، غير أن واقعها وملامحها تظهر بما لا يدع مجالا للشك خطورة وصعوبة النتائج التي تؤدي إليها هذه الظاهرة.
وتجمع الدراسات على أن ظاهرة أطفال الشوارع شهدت انتشارا واسعا في السنوات الأخيرة في الوطن العربي عامة، حيث لا توجد هناك إحصائيات دقيقة حول عدد هؤلاء الأطفال على مستوى العربي، وإنما توجد تقديرات محلية تمت وفق اجتهادات الباحثين فيقدر عددهم مثلا في السودان بـ 3700 طفل حسب إحصاءات 1991 وتشير الدراسات أخرى إلى ارتفاع الرقم بكثير في السنوات الأخيرة، وأن عددهم بالمغرب وصل إلى 23700 طفل في منتصف التسعينات فيما لا يتعدى عددهم إلى 7000 طفل في اليمن، غير أن المتفق عليه أن الظاهرة موجودة وبشكل ملفت، وبالتالي فلا بد من التصدي لها، وترجع تلك الدراسات أسباب هذه الظاهرة إلى التحولات الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية التي تشهدها كثير من الدول العالم، الأمر الذي أفرز نتائج سلبية كاتساع دوائر الفقر والبطالة والتحول نحو الخصخصة وارتفاع الأسعار مما أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية وعدم الاهتمام بالمسائل الاجتماعية عند إعداد الميزانيات العامة، وغيرها من العوامل الفرعية والمهمة كالتسرب المدرسي، والتفكك الأسري وهو يعتبر عاملا مهما في انتشار ظاهرة أطفال الشوارع، فوجود المشاكل داخل الأسرة من الأب والأم والأبناء، وحدوث الانفصال والطلاق يخلق جوا من التصدع والتفرق مما يدفع إلى التشرد.
كما يمكن أن يعتبر اليتم فقدان الوالدين أو أحدهما سببا في ضعف الرقابة على الأطفال ومن ثمة انحرافهم أو خروجهم إلى الشارع، واللقيط مجهول الأبوين يعد كذلك في كثير من الأحيان مظهرا من مظاهر أطفال الشوارع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه