لمحة تاريخية عن نشأة الديمقراطية و تطورها

0
: لمحة تاريخية عن نشأة الديمقراطية و تطورها: إن فلاسفة اليونان هم أول من إستنبط فكرة الديمقراطية، فقد ذكرها أفلاطون (428- 349 ق.م) حيث قال = مصدر السيادة هو الإرادة المتحدة للمدنية " أي الشعب".

       كما أن أرسطو ( 384-329 ق.م ) قسم الحكومات إلى ثلاثة أنواع ملكية، أرستقراطية و جمهورية.

و كان يقصد بالحكومة الجمهورية تلك التي يتولى زمام الأمور فيها جمهور الشعب أو عدد كبير من أبناء الأمة.

و قد كانت مدن اليونان القديمة أول من طبق الديمقراطية، إذ كانت كل مدينة تعتبر دولة، و كان يحيط بكل منها سور داخله المساكن، و في وسطها ميدان فسيخ و هو السوق يجتمع فيه الأحرار من الشعب لتدبير أمورهم.

و كانت أثينا أشهر هذه المدن إعتناقا لهذا النظام، حيث كان المواطنون الأحرار الذين تتجاوز أعمارهم العشرين عاما يجتمعون في هيئة جمهورية عمومية كان يطلق عليها جمعية الشعب كانت تناقش إقتراحات القوانين و تصدرها و تختار أعضاء الحكومة و تباشر مراقبة هذه الحكومة، كما كانت تنظر في العلاقات الخارجية كعقد المعاهدات و إعلان الحروب و غير ذلك.

       أما عند الرومان، فإن فكرة الديمقراطية لم تستطيع أن تثبت جدورها في روما لأسباب ترجع إلى طبيعة الرومان، و تعلقهم الشديد بالتقاليد الموروثة و عدم تحمسهم ( عكس اليونانيين ) للمبادئ الخلابة، فلم يكن الرومانيون يحفلون بالمذاهب و النظريات السياسية مثل اليونانيين و إنما اهتموا بالواقع الملموس و لما انهارت طبقة المزارعين وهي دائما عماد الديمقراطية المستقرة، لم يثبت في روما نظام ديمقراطي بالمعني السليم.

       و قد أشارت الكتب السماوية إلى فكرة الديمقراطية، و إن كان نصيب كل منها متدرج، فالديانتان اليهودية و المسيحية دعتا إلى تقديم الأخلاق و أوجبتا الرحمة و البر و الإحسان بين الناس، و هي من الدعائم الأساسية التي مهدت للبشر للأخذ بالديمقراطية، أما الدين الإسلامي فسجل الفضائل و الأحكام الخلقية التي دعت إليها الديانتان اليهودية و المسيحية ثم خطابا الإنسانية خطوات بعيدة المدى إلى الأمام فدعا بشكل صريح إلى نظام الديمقراطي في شكل مبدأ عام في قوله تعالى          "و أمرهم شورى بينهم "و قوله" و شاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله "   و قد سادت الديمقراطية في أروع معانيها و مظاهرها في صدر الإسلام و ذلك في عهد الخلفاء الراشدين.

       أما في العصور الوسطى، فقد شهد العالم نظما استبدادية دكتاتورية تأسست معظمها على نظريات الحق الإلهي الذي جعل الملوك و الأمراء فوق المحاسبة،     و فوق المساءلة الأمر الذي دفع بالمبدأ الديمقراطي إلى زوايا الظلام، و لم يقدر له الظهور إلا مرة عام 1484 حين أعلن فيليب بوت في اجتماعات الهيئات العمومية الفرنسية في عهد الملك شارل الثامن الذي كان حينئذ قاصرا، أن الشعب هو صاحب السلطة و أنه هو الذي يمنحها للملك، و أنه مادام الملك قاصرا، فإن الشعب صاحب السلطة يكون صاحب الحق في تنظيم شؤون الوصاية على الملك. و مع هذا، فقد بقي المبدأ الديمقراطي الذي نادى به الفلاسفة مجرد فكر سياسي بحت لم يجد تجسيدا قانونيا أو ماديا إلى أن تفجرت الثورة الفرنسية علم 1789 فكانت نقطة تحول في حياة المبدأ الديمقراطي حيث صدر عام 1793 بفرنسا دستور نص في المادة 25 على أن " السيادة تتركز في الشعب، و هي غير قابلة للإنقسام، و لا تسقط بالتقادم، و لا تجوز التنازل عنها ".

       و من فرنسا إنتقل المبدأ الديمقراطي إلى معظم شعوب العالم و إتسع انتشاره بعد الحرب العالمية الأولى، ولا نكاد نصادف دستوار إلا و يعتنق المبدأ الديمقراطي بشكل أو بأخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه