أركان جريمة التزوير في المحررات الرسمية أو العمومية في القانون الجزائري

2
أركان الجريمة
              كما أوردنا سابقا عند تطرقنا لمناقشة أركان جريمة التزوير بصورة عامة فإن وقوع هذه الجريمة على المحرر الرسمي أو العمومي لا يلغي أي ركن من أركان الجريمة المذكورين في الجنائي العام، وعلى عكس ما يراه أصحاب الفقه المصري فإن المشرع الجزائري يثبت ويؤيد فكرة وجود الركن الشرعي في جريمة تزوير المحرر الرسمي أو العمومي.
      وعليه فإن لجريمة تزوير المحررات الرسمية أو العمومية ثلاث أركان وهي: 

الركن الشرعي:
                ويتمثل هذا الركن في صفة الجاني إذ أن المشرع الجزائري يشترط لقيام جريمة التزوير في المحررات الرسمية أو العمومية أن يكون الفاعل موظفا عاما مختصا، أو أن يكون أي شخص أخر عدا فئة الموظفين العامين كالمستعمل للمحرر المزور على علم به. و كذا بالنسبة للمدلي بتقرير غير مطابق للحقيقة أو شاهد لواقعة لم يشهدها.
      ووفقا لما نصت عليه المادة 214 من قانون العقوبات الجزائري:" يعاقب بالسجن المؤبد كل قاض أو موظف أو قائم بوظيفة عمومية إرتكب تزويرا في المحررات العمومية أو الرسمية أثناء تأدية وظيفته:......" .
 فإنه يشترط لقيام التزوير في المحررات الرسمية أو العمومية أن يقع فعل تغيير الحقيقة على المحرر الرسمي أو العمومي من طرف موظف عام أثناء تأدية وظيفته.
      ووفقا لما نصت عليه المادة 216 من قانون العقوبات الجزائري:"يعاقب بالسجن المؤقت من عشرة سنوات إلى عشرين سنة وبغرامة من1.000.000 دج إلى2.000.000 دج، كل شخص، عدا من عينتهم المادة 215، إرتكب تزويرا في محررات رسمية أو عمومية."    
 فإنه يشترط لقيام التزوير في المحررات الرسمية أو العمومية أن يقع فعل تغيير الحقيقة المحرر الرسمي أو العمومي من طرف أي شخص كان ما عدا الذين عينتهم المادة 215 ق ع ج .               
      ووفقا لنص المادة 217 من فانون العقوبات الجزائري:"يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة من 500 دج إلى 1000 دج كل شخص ليس طرفا في المحرر أدلى أمام الموظف بتقرير يعلم أنه غير مطابق للحقيقة...."       
      ووفقا لما نصت عليه المادة 218 من قانون العقوبات الجزائري:"......كل من استعمل الورقة التي يعلم أنها مزورة."
فإنه يشترط لقيام التزوير في المحررات الرسمية أو العمومية أن يقع فعل تغيير الحقيقة من طرف شاهد او شخص أدلى بشهادة أو تقرير أمام موظف عام وهو يعلم


 بأنه غير مطابق للحقيقة، أو أي شخص استعمل الورقة التي يعلم أنها مزورة.
      والملاحظ هنا أن صفة الجاني تغيرت من كون أن الجاني في أول الأمر كان موظفا عاما، ثم تحول إلى أي شخص يوقع عمل التزوير على المحرر الرسمي أو العمومي، ثم أصبح الجاني شاهد الزور والمستعمل للمحرر الرسمي المزور وهو يعلم بأنه مزور.ولتحقق هذه الجريمة يلزم توفر الأركان العامة للتزوير في المحررات الرسمية أو العمومية، ثم ضرورة وقوع فعل تغيير الحقيقة على هذه المحرر وأن يصدر هذا الفعل عن أي شخص ويتجسد ذلك في حالات إصطناع الأفراد للمحررات الرسمية أو العمومية وإدخال تشويه عليها.(1)
       وبالتالي نستطيع القول بأنه لا يشترط لكي يتحقق التزوير في الورقة الرسمية أن يحصل تدخل فعلي من طرف الموظف العام المختص بتحرير تلك الورقة أو إكتسابها لصفة الرسمية، فالقانون يعتبر الإصطناع طريقة للتزوير، وبناءا عليه يرتكب تزويرا كل من يصطنع ورقة رسمية أو عمومية وينسب صدورها لموظف عمومي مختص متى كان مظهرها دالا على أنها ورقة رسمية،وتطبيقا لهذا الحكم فالأمثلة كثيرة وعديدة على تزوير محرر رسمي أو عمومي سواء من الموظف العام أو غيره من الشاهد أو المستعمل وعندئذ لا يكون التزوير إلا ماديا.
الركن المادي:
               يتمثل الركن المادي في جريمة تزوير المحررات الرسمية أو العمومية في تغيير الحقيقة محرر بإحدى الطرق التي نص القانون تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا و على هذا يمكن تقسيم الركن المادي إلى أربعة عناصر وهي:المحرر بإعتباره محل جريمة التزوير و تغيير الحقيقة بإعتبارها النشاط الإجرامي و طرق التزوير وأخيرا الضرر.
و على عكس ما يراه الفقه المصري بأن الضرر ركن من أركان جريمة التزوير أدرجناه كعنصر من عناصر الركن المادي.
محل التزوير:
              تنص المواد من 214 إلى 218 قانون العقوبات الجزائري أنه لكي يتحقق الركن المادي لجريمة التزوير يجب أن يكون تغير الحقيقة حاصلا في محرر رسمي،
  محل الجريمة إذن يكون هو المحرر الذي يتطلب فيه توفر بعض الشروط لقيام الركن المادي لجريمة التزوير، بمعنى المحرر الذي يصلح أن يكون محلا لجريمة التزوير يجب أن يكون على شكل معين و له مصدر ومضمون معين.
شكل المحرر:
              يشترط في المحرر الرسمي أن يتخذ شكل الكتابة أو العبارات الخطية وعلى هذا الأساس لا يعد محررا كل ما هو غير مكتوب كالعداد و الحاسب والأسطوانات وأشرطة التسجيل أيا كانت أهميتها القانونية. ولا تهم طريقة الكتابة ونوع مادة المحرر الذي أثبتت عليه الكتابة.(1)
مصدر المحرر:
                 يجب أن يكون مصدر المحرر الرسمي ظاهر فيه، فإن استحال تحديد مصدر المحرر الرسمي أو تعذر إنتفت عن الكتابة فكرة المحرر الرسمي الذي يصلح محلا لجريمة التزوير،و مصدر المحرر ليس بالضرورة بخط يده أو بتولي طبعه،وإنما هو من عثر على مضمونه واتجهت إرادته إلى الإرتباط به.(2)
مضمون المحرر:
                  يجب أن يتضمن المحرر الرسمي سردا لواقعة أو تعييرا عن إرادة، فالمكتوب الذي لا يتضمن سوى إسم شخص أو عنوانه أو توقيعه مجردا أو تحت عبارات أو علامات تحمل معنى مترابط لا يصلح أن يكون محلا لجريمة التزوير.
 و من ناحية أخرى لا يقع التزوير لنفس السبب إذا نص فعل تغيير الحقيقة على أمر يتصل بالمحرر الرسمي دون أن يعد من كتابته.(3)
تغيير الحقيقة:
                يقصد به الفعل الإجرامي الذي يقوم به التزوير في المحررات و المقصود بالحقيقة هو ما تعين إثباته في المحرر وفقا لإرادة صاحب الشأن أو وفقا لقرينة يقررها القانون، فإذا ثبت في المحرر ما يخالف إرادة صاحب الشأن ولو كان ما أثبته مطابق للواقع فإن التزوير يتحقق، فلو حرر شخص شهادة دراسية مثلا أو زواج وضمنها بيانات مطابقة للحقيقة ولكنه قلد إمضاءات الموظف المختص ووضع

أختام السلطة فإنه يكون قد قام بتغيير الحقيقة في المحرر وما يتحقق من جراء التزوير.
        غير أنه لا تقوم جريمة التزوير إذا كانت الحقيقة هي التي كتبت في المحرر الرسمي ولو كان من كتباها يعتقد خطأ أنه يدون غير الحقيقة، وهكذا لا يقوم التزوير في حق المرأة التي تملي على ضباط الحالة المدنية بيانات تصرح فيها بوفاة زوجها على منفعة.
         وعلى هذا الأساس فلا يعتبر تغييرا لها أي إضافة لمضمون المحرر الرسمي أو حذف منه طالما الحقيقة المنبعثة منه بنفس حالتها قبل الإضافة أو الحذف.
طرق التزوير:
               لا يتحقق الركن المادي للتزوير بمجرد تغيير الحقيقة بأية طريقة من الطرق،وإنما يجب أن يكون هذا التغيير قد حدث بإحدى الطرق التي يحددها القانون على سبيل الحصر كما سبق ذكره سالفا.
الضرر:
        لم يذكر القانون صراحة عنصر الضرر في جريمة التزوير، ولكن الفقه و القضاء يجمعان على ضرورة وجود الضرر كشرط لقيام جريمة التزوير،و يعتبر الضرر العنصر الأساسي في جريمة تزوير المحررات الرسمية،فإذا تخلف الضرر إنتفى التزوير ولو توافرت كل أركانه،بمعنى ينتفي الضرر إذا إنتفى الحق أو انتفت المصلحة التي يمكن لتغيير الحقيقة في المحرر إصدارها.
        والمقصود بالضرر كعنصر من عناصر الركن المادي في جريمة تزوير المحررات هو ذاك الضرر الفعلي المباشر المنتهي إلى العالم الخارجي لا إلى نية الجاني والذي يتمثل في إهدار حق أو مصلحة يحميها القانون كأثر لتغيير الحقيقة.
         ولا يشترط في الضرر أن يحل بشخص معين أيا كان،كما لا يشترط أن يبلغ الضرر درجة معينة من الجسامة،و تقدير وجوه من المسائل التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع.
         وللضرر صور متنوعة:(1)
  
          فقد يكون الضرر ماديا: وهو الذي يصيب المجني عليه في ماله، فتتأثر به ذمته المالية سواء بطريقة زيادة عناصره السلبية أو بطريقة إنقاص عناصره الإيجابية، و هذا من أبرز أنوع الضرر و أكثرها شيوعا،ومن هذا القبيل تزوير عقد بيع أو إيجار أو إصطناع سند دين.
          وقد يكون الضرر معنويا: وهو الذي يمس سمعة المجني عليه أو إعتباره أو حريته في التصرف كأن ينتحل شخص ما إسم غيره في وثيقة رسمية.
          كما وقد يكون الضرر محققا والذي يقصد به الضرر حدث فعلا ويتم ذلك باستعمال المحرر المزور فيما زور من أجله.
الركن المعنوي:
                 جريمة التزوير في المحررات من الجرائم القصدية التي يلزم القيام بها توافر القصد الجنائي لدى المزور،كما أنها من جهة أخرى تعتبر من جرائم القصد الخاص بإعتباره نية أو غاية يقوم بها الجاني من جراء إرتكابه للركن المادي للتزوير.
و ينحصر القصد الجنائي في هذه الجريمة في قصدين:(1)
الأول:القصد الجنائي العام
        ويتمثل في علم الجاني بجميع عناصر وأركان الجريمة التي يتكون منها، أي إدراكه بأنه يغير الحقيقة في محرر رسمي بإحدى الطرق المنصوص عليها قانونا، ومن شأن هذا التغيير للحقيقة أن يترتب ضررا ماديا أو أدبيا حال، أو محتمل الوقوع يلحق بالفرد والمجتمع وبالتالي لا تقوم جريمة التزوير في المحررات الرسمية في حالة الموظف الذي يثبت في المحرر الرسمي البيانات الكاذبة التي يمليها عليه صاحب الشأن طالما لم يكن عالما بما تتضمنه هذه البيانات من تغيير للحقيقة.
الثاني:القصد الجنائي الخاص
       زيادة على القصد العام يجب أن يتوفر لدى الفاعل القصد الخاص، أي إتجاه نية المزور لحظة إرتكاب فعل تغيير الحقيقة إلى إستعمال المحرر الرسمي المزور،فإذا لم تتوفر تلك لحظة إرتكاب الفعل ولو توفرت بعد ذلك فلا تزوير لأنه يلزم معاصرة القصد للفعل كقاعدة لقيام القصد الجنائي، ومع ذلك يجب التنبيه إلى أن إستعمال المحرر الرسمي المزور ليس ركن في جريمة التزوير،فقد لا يستخدم المحرر
  الرسمي ومع ذلك تقوم الجريمة إذا توافرت لدى الجاني نية إستعمال المحرر كمسألة نفسانية باطنية.
وهي لهذا السبب قد تتوفر لدى أحد الجناة دون الباقي، كما وقد تتوفر لدى الشريك دون الفاعل على حسب ظروف الواقعة.
           خلاصة القول في هذا المجال هو أن جريمة التزوير المذكورة في المادة 214 قانون العقوبات الجزائري و المنسوبة إلى أي قاضي أو موظف أو مكلف بخدمة عامة لا يمكن إعتبارها قائمة ومتوفرة إلا بعد إثبات توفر عناصرها كاملة،و أن إهمال أحدها أو بعضها يجعل الجريمة منعدمة، وأن الحكم متضمن إدانة المتهم بالتزوير دون الإشارة إلى كل العناصر ومناقشتها يجعل الحكم أو القرار منعدم الأساس وناقص التسبب.
           وعليه ينتج عن ذلك إلغاء الحكم أو نقض القرار والذي يكون مؤسسا وغير مكتمل التسيب

التعليقات

  1. هل عدم ذكر التاريخ والساعة سهوا في محرر رسمي يعتبر تزويرا؟

    ردحذف
  2. السلام عليكم.............هل انجاز مقرر اداري مثل قرار الترقية او قرا للتعيين في منصب عال يخالف الاجراءات القانونية مثل الاقدمية وفترة التربص او التكوين -هل تعتبر هذه القرارات مزورة ؟؟؟؟

    ردحذف

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه