نشأة قانون العقوبات و تطوره في المجتمع الإنساني

0
نشأة قانون العقوبات و تطوره في المجتمع الإنساني

       أ)ـ المجتمع البدائي: كان الناس في هذه الفترة لا يعرفون إلا أنانيتهم فكانت كقاعدة قانونية تحكمهم القوى و الغلبة ثم تطور الحال للعشيرة فتجمعت هذه العشائر و كونت قبائل و كان على رأس كل قبيلة شيخها يتصرف في أمور القبيلة و كانت العقوبات قاسية جدا مماأدى إلى إتساع و تكرار سلسلة من الحروب و لقد ساد في هذه الفترة قانون مصالح العرف و العادات و التقاليد أيا كانت سيئة أم حسنة.

       ب)ـ عصر الإنتقام للآلهة: عندما بدأت بذور الدولة في الظهور بإعتبار الإنسان هو خليفة الله في أرضه فكل شخص يرتكب فعلا يخالف العقيدة الروحية لجماعته تغضب الآلهة عليه فلا يهدأ لها بال حتى يثأر منه للآلهة و لقد رسخ في أذهان الناس أنذاك أن الصواعق و الزلازل و الحرائق و الفيضانات و الأمطار الغزيرة هي بمثابة غضب الآلهة على كون أحد المجرمين لم يأخذ جزاءه.

       ـ ج)ـ عصر الإصلاح: بعد أن أخذت الدولة مكانتها في الفكر الجماعي زال النقاب على الظلم الإلاهي و نادوا بالتآخي و الرحمة و أن على الدولة أن تنظم أفرادها و توجههم الوجهة المبررة لغاية وجودها فعليها أن تعاقب المذنب بقدر جريمته و في هذه الحقبة نادى الفقهاء و الفلاسفة بتحديد الغاية من العقاب هل هي الإنتقام أم الإصلاح.

       ـ الأفكار العامة للفقهاء و الفلاسفة: إنقسم التفكير في تحديد العقاب         و الكيفية التي يجب الإستناد إليها لتصور الغاية من الجزاء.

       المذهب المادي: ينظر أصحاب هذا الإتجاه إلى الجزاء على أنه الغاية لكل جريمة (مهما كانت ظروف الجاني و دوافعه و بيئته) و من هنا يجب أن يحقق هذا العقاب العدالة المطلقة التي هي الوحيدة إذا وجدت يتجسد النفع سواء للمجني عليه   أو المجتمع.

       المذهب الذاتي: يؤكد أنصار هذا الإتجاه أن الجريمة ليست حدثا عرضيا يرتبط بفكرة حرية الإختيار بل هي نتيجة لعوامل مختلفة تؤثر على تكوين عقلية المجرم و نفسيته فمثلا نقصان وسائل العيش من الأسباب الرئيسية للإجرام و من هنا فعند العقاب يجب أن تؤخذ هذه الوسائل بعين الإعتبار إذ لو لاها ما حدثت الجريمة و في مضمون هذا التيار بدأ البحث عن أسباب الجريمة بل و دوافعها فبعضهم يسندها إلى العوامل الإقتصادية و آخرون يرجعونها إلى العوامل الوراثية و استقر بهم المطاف إلى تقسيم المجرمين إلى طوائف فقالوا بوجود مجرم بالميلاد و آخر بالعاطفة و آخر بالصدفة و آخر بالتعود و من هذه المنطلقات يتحدد العقاب فمثلا المجرم بالولادة يعرف بتشوهات في خلقته فيجب قتله منذ نشوئه و أما الآخرون فيعالجون كل حسب وزن و إطار جريمته حسب تصنيفهم السابق.

       و هكذا بالنظر إلى تبني المذهب المادي فكرة دخول الشيطان في جسد المجرم مما يغضب الآلهة و تركيز المذهب الذاتي على الظروف و العرق (الوراثة) و بما أن كلا المذهبين لم يقدم حلا مرضيا لمعضلة أسباب الإجرام ظهر المذهب الوسطي.

       المذهب التوفيقي: أخذ أنصار هذا الإتجاه مزايا كلا المذهبين مع الأخذ بعين الإعتبار إنسانية الإنسان و كرامته مهما كانت جريمته فضيعة فخرجوا بالمبادئ التالية:
       ـ تقسيم المجرمين إلى طوائف حسب خطورتهم و أحوالهم الصحية.
       ـ تقسيم الأشخاص إلى جنسهم و ذلك بتفريد العقاب لكل منهم.
       ـ تحديد دراسات واقعية تحت حراسة الإختبار القضائي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه