الأوامــر القـــضـــائــيـة في القانون الجزائري

0

الأوامــر القـــضـــائــيـة

                                        

 

مـــقـدمــة :   يتمتع قاضي التحقيق بسلطات واسعة ،    وقد خصه المشرع الجزائري بصفة المحقق(م 38 ق ا ج) وصفة القاضي علما أنه حسب التشريع الجزائري  التحقيق يمر على درجتين الأولى بواسطة قاضي التحقيق المواد66-175 ق إ ج والثانية بواسطة غرفة الاتهام كد رجة عليا في المواد 176-211 ق ا ج.وتتعدد اختصاصات قاضي التحقيق حسب طبيعة الإجراء والغرض من مباشرتها، فهناك إجراءات يباشر ها يكون الغرض منها الحصول على الدليل وتسمى أعمال التحقيق وهناك إجراءات يباشر ها تسمى بالأوامر.

 

فقد يصدر قاضي التحقيق مجموعة من الأوامر تختلف من حيث طبيعتها فهناك أوامر.

 

1)- أوامر ذات طبيعة إدارية :   يصدرها بصفته محققا لا يمكن استئنافها كأمره بالانتقال إلى مكان الجريمة لإجراء معاينة، أو الأمر برد الأشياء الموجودة تحت سلطة القضاء(م86 ق ا.ج) الأمر بالتفتيش.

2)- أوامر ذات طبيعة قضائية :  هذه الأوامر يصدرها عند فتح التحقيق كالأمر بعدم الاختصاص .

3)- أوامر في مواجهة متهم :    كالأمـر بحبـــسه مؤقتا.

4)- أوامر يصدرها عند انتهاء التحقيق :  كالأمر بألا وجه  للمتابعة أو الأمر بالإحال

 

إن ما يهمنا بصفتنا ضباط شرطة قضائية هو الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق في مواجهة المتهم ونخص بالذكر الأوامر القسرية التي نتعامل بواسطتها مع قاضي التحقيق.

 

*الأوامر القسرية :  هي التي نظمها المشرع الجزائري في المواد 109 وما يليها من قانون الإجراءات الجزائية، وهي من أخطر المهام المنوطة بقاضي التحقيق لما تشكل مساسا بالحريات الفردية وهي :

 

                            - الأمر بالضبط والإحضار.

                                 - الأمر بالقبض.

                             - أمر بإيداع المتهم.

 

حيث جاء في نص المادة 109 ا.ج" يجوز لقاضي التحقيق حسب ماتقتضيالحالة أن يصدر أمرا بإحضار المتهم أو بإيداعه في السجن أو بإلقاء القبض عليه" وحسب ما جاء في المادة 109/3 أن هذه الأوامر نافذة على كامل تراب الجمهورية.

 

البيانات العامة للأوامر :  هي شروط شكلية يجب أن يتضمنها كل أمر تتعلق بالخصوص بالمتهم والتهمة وبالجهة المصدرة للأمر ومواد القانون المطبقة وهي الشروط المحددة في المادة 109/1 ق ا ج، كما يجب أن يتضمن كل أمر تاريخ إصداره وتوقيع قاضي التحقيق وختمه وتأشيرة وكيل الجمهورية.

 

-البيانات الخاصة :  تعرف بالشروط الخاصة لأنها تتعلق بكل أمر مثل شرط استطلاع رأي وكيل الجمهورية قبل أن يصدر قاضي التحقيق الأمر بالقبض 119/2 وفي تمديد  الحسب المؤقت (125 ق إ ج) وفي الإفراج المؤقت الذي يبادر به قاضي التحقيق من تلقاء نفسه(م 126 ق ا ج).

 

أولا:الامر بالإحضار:  هوذلك الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية لا قتياد المتهم ومثوله امامه علىالفوروقد نظمه المشرع الجزائري في المواد 110.116 ق إ ج ويتضمن الأمر بالإحضار أمرين هما

 

أ)- الأمر بالحضور الطوعي أمام قاضي التحقيق وذلك بأن يبلغ المعني بالأمر وعرضه عليه وتسليمه نسخة منه فيبدي استعداده للحضور(110).

 

ب )- الأمر بالحضور عنوة  وهو الذي يرفض فيه المعني بالأمر الامتثال أو يحاول الهروب وفي هذه الحالة على منفذ الأمر إحضاره قسرا أو جبرا بواسطة القوة العمومية(116).

 

ويعني ذلك أن الأمر بالإحضار في شقه الأول هو دعوة المتهم من طرف قاضي التحقيق بواسطة القوة العمومية للحضور والمثول أمامه في موعد و مكان محددين والثاني يتضمن معنى الإكراه عند عدم الامتثال للأمر الأول حيث يجوز إحضاره جبرا بواسطة القوة العمومية.

 

وطبقا للمادة 110 ق إ ج فإنه يجوز أيضا لوكيل الجمهورية إصدار الأمر بالإحضار وما يجب ذكره أن المشرع الجزائري لم يتطرق لمسألة تنفيذ  الأمر بالإخطار داخل المنازل مثلما ذلك في تنفيذ الأمر بالقبض في المادة م 122 ق ا ج.

 

*حالة ضبط المتهم في دائرة اختصاص قاضي التحقيق مصدر الأمر:  يقتاد في هذه الحالة فورا أمام قاضي التحقيق الذي عليه استجوابه في الحال مستعينا بمحاميه  م112 /1 ق ا. ج  وطبقا للفقرة الثانية من نفس المادة فإنه إذا تعذر استجوابه يقتاد فورا إلى وكيل الجمهورية الذي يطلب من قاضي آخر من المحكمة استجوابه و إلا أخلي سبيليه.

 

*حالة ضبط  المتهم خارج دائرة اختصاص قاضي التحقيق الأمر:  يقتادالمتهم فورا إلى وكيل الجمهورية لمكان القبض الذي يستجوبه عن هويته ويتلقى أقواله بعد أن ينبهه بحقه بعدم الإدلاء بشيء ثم يحيله إلى قاضي التحقيق الذي أصدر الأمر(114).

 

ويمكن للمتهم ان يعارض في احالته  باِبداء حجج جدية تدحض التهمة، وإن فعل ذلك يقتاد إلى مؤسسة إعادة التربية ويتم إبلاغ قاضي التحقيق المختص في الحال بأسرع الوسائل(عن طريق الفاكس او التلكس) وفي هذه الحالة يرسل وكيل الجمهورية بدون تأخير محضر مثوله إلى قاضي التحقيق

ويرجع لقاض التحقيق مصدر الامر تقرير ما اذا كان ثمة محل لنقل المتهم .

يشار هنا أن المشرع الجزائري لم يتطرق إلى قضية مدة نقل المتهم إلى قاضي التحقيق مصدر الأمر في الحين أن المشرع الفرنسي حددها بأربعة أيام ابتداء من تاريخ التبليغ.

 

*حالة عدم العثور على المتهم :  لم يتطرق المشرع إلى قضية تفتيش مسكن المتهم لتنفيذ أمر الضبط والإخطار مثلما فعل في الأمر بالقبض (م122 ق إ ج) لكن في المادة 115  ذكر أنه يرسل الأمر إلى محافظ الشرطة أو قائد فرقة الدرك الوطني وفي حالة غيابهما إلى ضابط الشرطة رئيس قسم الأمن المتواجدة بمقر إقامة المعنى بالأمر الذي يحرر محضر بحث بدون جدوى.

 

ثانيا:الأمــــربالـقــبـــــض :  الأمر بالقبض هو الأمر الذي يصدره قاضي التحقيق إلى القوة العمومية للبحث عن المتهم واقتياده إلى المؤسسة العقابية المنوه عنها في الأمر حيث يجرى تسليمه وحبسه (119ـ1)

 

-         ويفهم من ذلك أن الأمر بالقبض يتضمن أمرين هما :

 

 أمر بإيقاف المتهم وأمرا باعتقاله وإيداعه مؤسسة عقابية.

 

وقد تناولت المادة 119 ق إ ج تعريف الأمر بالقبض، والهدف في إصداره هو وضع المتهم تحت تصرف قاضي التحقيق في مدة لا تزيد عن 48 ساعة لاستجوابه ثم اتخاذ ما يراه بشأنه كحبسه مؤقتا أو وضعه تحت المراقبة القضائية أو إخلاء سبيله.

 

شروط إصدار الأمر بالقبض :   إذا كان لقاضي التحقيق الحق في إصدار الأمر بالقبض فإن المادة 119/2 ق إ ج قيدته بشروط للقيام بهذا التصرف وهذه الشروط هي :

 

1)- أن يكون المتهم  هاربا أو مختف عن العدالة أو من الأشخاص المقيمين خارج التراب الجمهورية.

2)- أن تكون الجريمة موضوع الأمر بالقبض جناية أو جنحة يعاقب عليها القانون بالحبس أكثر من شهرين طبقا للمادة  05 و 27 ق.ع أي استبعاد الجرائم المعاقب عليها بالغرامة أو المخالفات.

3)- استطلاع رأي وكيل الجمهورية وطبقا لنص المادة 181 ق. إ .ج يجوز لرئيس غرفة الاتهام إصدار أمر بالقبض بناءا على  طلب النائب العام وذلك إذا توافرت الشروط التالية.

 

1)- أن لا تكون غرفة الاتهام منعقدة لأن انعقادها يعطي لها الحق في إصدار الأمر.

2)- أن تكون غرفة الاتهام قد أصدرت أمرا بالأوجه للمتابعة.

         3)- ظهور أدلة جديدة من شأنها تدعيم الأدلة السابقة

 

*نتائج إصدار الأمر بالقبض :  - ينتج عن إصدار الأمر بالقبض وتنفيذه ثلاثة نتائج

1)- حالة القبض على المتهم في دائرة اختصاص قاضي التحقيق مصدر الأمر: طبقا للمادة 120 ق إ ج فإن الشخص محل الأمر بالقبض يقتاد بدون تأخير إلى مؤسسة إعادة التربية المذكورة في وثيقة الأمر وفي هذه الحالة يجب على قاضي التحقيق استجوابه خلال 48 ساعة من حبسه  طبقا للمادة 121/1 ق. إ. ج وإذا تعذر استجوابه خلال هذه المهلة يقدم أمام وكيل الجمهورية الذي يطلب من قاضي التحقيق أو إلى قاضي آخر من قضاة المحكمة في حالة غيابه باستجوابه في الحال و إلا أخلي سبيله ، و إلا يعد حبسه حبسا تعسفيا.

 

إلا أنه عمليا كثيرا ما يصادف ضابط الشرطة القضائية برفض رئيس المؤسسة العقابية استلام المتهم قبل عرضه على وكيل الجمهورية أو القاضي المصدر للأمر.

 

2)- حالة القبض على المتهم خارج دائرة اختصاص القاضي مصدر الأمر : يقتاد فورا إلى وكيل الجمهورية مصدر الأمر الذي يستجوبه عن هويته ويتلقى أقواله بعد أن ينبهه بحقه بعدم الإدلاء بشيء يذكر ذلك في المحضر (121/2 ) ثم يخبر القاضي المصدر للأمر دون تأخير ثم يأمر بتحويله.

 

يشار أيضا أن المشرع الجزائري أغفل المهمة المحددة لنقل المتهم مثلما حددها المشرع الفرنسي بأربعة أيام.

 

3)- حالة عدم العثور على المتهم : طبقا للمادة 122 ق إ ج يجوز للمكلف بتنفيذ الأمر بالقبض الدخول منزل  الشخص محل الأمر بالقبض مع احترام القواعد العامة الخاصة بالتفتيش المذكور في المادة 47 ق إ ج و اصطحاب القوة العمومية اللازمة  لكي لا يفلت من سلطة القانون

غير أنه طبقا للفترة الثانية من المادة 122 ق. إ. ج إذا تعذر إلقاء القبض عليه يتم تعليق الأمر بآخر محل  لسكن المتهم بعد عملية التفتيش ويحرر محضر تفتيش السكن بحضور شاهدين اللذان يوقعان على المحضر مع الإشارة أنه يجوز لهما الامتناع على الإمضاء ويرسل المحضر إلى القاضي الأمر (م 122 /5 ق إ ج).

ملاحظة1: يجوز لقاضي التحقيق اصدار الامر بالقبض في حالتين: ـ اذا كان المتهم هاربا ـ او كان مقيما خارج اْقليم الجمهورية وفي ماعدا ذلك يتعين عليه ان يمتنع عن اصدار امر القبض ، غير أنه يلاحظ من خلال الممارسة القضائية فان قضاة التحقيق لايلتزمون دائما بأحكام المادة119ـ2 من :ٌق اج ، حيث يلجأون الى اصدار امر بالقبض ـاِما بمجرد عدم مثول الشخص المطلوب امامهم في التاريخ المعين في الاستدعاء دون التأكد من استلامه للاستدعاء( انتظار رجوع وصل الاستلام للتاكد من عدم امتثال صاحب الشأن للاستدعاء)ودون المرور بالامربالاحضار مما يشكل خرقا صارخا لحقوق الانسان واعتداء على الحرية الفردية أو أن يستخدم قضاة التحقيق الامر بالقبض بناء على طلبات النيابة العامة الواردة في طلب فتح التحقيق ، وهذه الطلبات تستند الى محاضر التحقيق الولي (محاضر الشرطة القضائية) التي غالبا ما تفيد ان المشتبه فيه في حالة فرار  بمجرد عدم العثور عليه  أو عدم حضوره الى مكاتب الضبطية القضائية  التي تجري التحقيق وتبعا لذلك فقد يحصل ان يفاجأ الشخص المطلوب  بالقبض عليه وهوالسبب لكونه لم يتلق اي استدعاء  من مصالح الشرطة القضائية ولا من قاض التحقيق  بل ويجهل تماما ان هو محل متابعة.

 

ملاحظة2: عند تنفيذ أمر بالقبض وتقديم المتهم امام ، نيابة الجمهورية،  يجب أن يستجوب في الحال بمساعدة محاميه من طرف قاضي التحقيق مصدر الامر، غير أنه اِذا تعذر  استجوابه على الفور يقتاد المتهم الى المِؤسسة العقابية , حيث لايجوز أن يبقى فيها أكثر من 48سا وعند انقضاء هذه المهلة يقدم المتهم تلقائيا  من قبل مدير المؤسسة العقابية أمام وكيل الجمهورية  الذي يطلب من قاضي التحقيق الذي أصدر الامر أو في حالة غيابه من أي قاض أخر  من قضاة الحكم بالمحكمة ، القيام باِستجوابه في الحال واِلا أخلي سبيله.

 

ثالثا: الأمر بالإيداع :  هو اعتقال المتهم بمؤسسة عقابية منوه عنها بالأمر، وقد عرفت المادة 117/1 أن أمر الإيداع هو ذلك الأمر الذي يصدره القاضي إلى رئيس مؤسسة إعادة التربية باستلام وحبس المتهم ويبلغ هذا الأمر للمتهم وينوه على هذا الأمر بمحضر استجوابه.

ويجوز لرئيس غرفة الاتهام إصدار الأمر بالإيداع إذا كانت غرفة الاتهام غير منعقدة وظهرت أدلة جديدة .

وعندما يستلم رئيس المؤسسة العقابية المتهم يسلم إقرارا بذلك إلى منفذ الأمر، ويتم إصدار هذا الأمر بناءا على طلبات النيابة.

 

*شروط إصدار الأمر بالإيداع :

1)- أن يصدر الأمر من طرف قاضي التحقيق ومن تلقاء نفسه متى رأى ضرورة لذلك ، وقد يكون بناءا على طلب النيابة العامة التي يجوز لها الطعن بالاستئناف أمام غرفة الاتهام إذا رفض قاضي التحقيق إيداع المتهم في مهلة عشرة(10) أيام (118/3 ق إ ج).

2)- أن تكون الجريمة جناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس أو بعقوبة أشد.

3)- أن يصدر الأمر عقب استجواب المتهم( (م118/1 ق ا ج).

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه