الأفعـال المبـررة في القانون الجزائري

0
الأفعـال المبـررة
 FAITS JUSTIFICATIFS
 
مقدمـة  : إذا ارتكب شخص طبيعي خطأ جزائيا، عمديا كان أو غير عمديا ، فإنه يتحمل مبدئيا المسؤولية الجزائية.
 
لكن الأمر لا يكون كذلك في كل الأحوال حيث نص القانون على حالات ترتكب فيها أفعال مخالفة للقانون ومع ذلك لا يعاقب مرتكبها جزائيا.
 
ويحدث ذلك إذا ارتكب الفعل في ظل سبب من أسباب الإباحة أو إذا توافر مانع من موانع المسؤولية.
ولقد نص قانون العقوبات الجزائري على أسباب الإباحة في المادة 39 و 40 من ق.ع .ج وحصرها في الأفعال المبررة وهي :
1- الفعل الذي أمر وأذن به القانون.
2- الفعل الذي دفعت إليه الضرورة الحالة للدفاع المشروع.
   لقد أخذت بعض التشريعات بحالة الضرورة ورضا المجني عليه كأسباب الإباحة.
 
I )- الفعل الذي يأمر به أو يأذن به القانون : لا تقتصر عبارة القانون على النص الذي يصدر عن السلطة التشريعية وحسب بل تتسع لتشمل قاعدة تنظيمية.
 
1)- الفعل الذي يأمر به القانون :
هي الأعمال التي يقوم بها الموظف عند أداء مهمته.
مثال 1 : توقيف شخص من قبل الشرطة القضائية تنفيذا للأمر بالقبض أو الإحضار.
مثال 2 : مدير مؤسسة عقابية الذي يستلم شخصا ويحبسه تنفيذا لأمر إيداع.
 
2)- الأفعال التي يأذن بها القانون :
تأخذ عبارة القانون مدلولا أوسع حيث لا يقتصر على القانون في حد  ذاته بل يشمل العرف.
 
وقد يكون الإذن من القانون في حد ذاته.
 
مثال 1 : تفتيش منزل من طرف ضابط الشرطة القضائية بإذن من وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق م : 44 ق.إ.ج.
 
مثال 2 : القبض على مجرم من طرف العامة في حالات التلبس بالجنايات أو الجنح المادة 61 ق.إ.ج.
 
وقد يكون الإذن من  العرف.
مثال 1 : ممارسة عنف خفيف من طرف الأولياء على أولادهم لتأديبهم وقد يكون الإذن من الشريعة الإسلامية.
 
مثال 2 : حقق الزوج على تأديب زوجته بالضرب الخفيف وليس المبرح.
 
II)- الدفاع المشروع :
تعريف :
هو دفع اعتداء حقيقي غير مشروع وحال بالقوة يقع على الشخص أو ماله أو على غيره في نفسه أو ماله، بحيث أن المدافع لا يجد وسيلة أخرى لدفع الاعتداء إلا بارتكاب جريمة."
 
·       هناك من أعتبر الدفاع المشروع استعمال لحق.
·       هناك من يرى من الفقهاء بأن الدفاع المشروع تفويضا قانونيا باستعمال سلطة الضبطية الإدارية في منع الجرائم أو الاعتناء على الحقوق التي يحميها القانون العقوبات ويأتي بها عند غياب هذه السلطة.
·       والصحيح أن الدفاع المشروع ترخيص من القانون للمدافع ليرد الاعتداء.
 
1)- شروط الدفاع المشروع :
أ)- لزومية الدفاع :
* يجب أن يكون الاعتداء حالا (عبرت عنه المادة 32/2 ق.ع بـ "الضرورة 
   الحالة."
* يجب أن يكون الاعتداء غير مشروع، أي لا يسبق الاعتداء إلى حق أمر أو أذن
   به القانون (تنفيذ أمر بالقبض).
·       يجب أن يكون الشخص أمام خطر لا يمكن ردة إلا بارتكاب جريمة دون النظر إلى مصدر الخطر.
·       أن يكون الدفاع هو الطريق الوحيد لدفع الاعتداء.
·       أن يستعمل المدافع القوة اللازمة لدفع التعدي عليه وما زاد على ذلك يعتبر جريمة لتجاوز حق الدفاع المشروع.
·       أن يكون الخطر حالة الوقوع أو على وشك الوقوع.
 
ب)- تناسب الدفاع مع الاعتداء :
* يجب أن يكون الدفاع متناسبا مع جسامة الاعتداء والوسائل مثال : المرأة التي تقتل من حاول هتك عرضها تكون في حالة الدفاع المشروع.
 
    ويحتوي التناسب على العناصر التاليـة :
* يجب أن يكون لقوة الدفاع تناسب مع الهجوم من حين الوسيلة والجسامة.
* يجب أن يكون الدفاع يهدف لمنع وقوع الجريمة أو توقيف مفعولها.
 
2)- إثبات الدفاع المشروع :
يثور التساؤل حول من يقع عليه عبء الإثبات أن الاعتداء كان حالا وغير مشروعا وأن الدفاع كان ضروريا ومتناسبا.
يقع عبء الإثبات أصلا على النيابة العامة.
 
 
قرينة الدفاع :
وطبقا لنص المادة 40 ق.ع يستفيد المدافع من قرينة الدفاع المشروع في ثلاث حالات :
·       دفع اعتداء واقع على حياة شخص أو سلامة جسمه.
·       منع تسلق الحواجز أو الحيطان أو مداخل المنازل أو الأماكن المسكونة أو توابعها أو كسر شئ منها أثناء الليل.
·       الدفاع عن النفس أو غير ضد مرتكبي السرقات أو النقب بالقوة.
 
3)- آثار الدفاع المشروع :
إذا ثبت قيام الدفاع المشروع يزول عن عمل الفاعل أي طابع إجرامي ومن ثم لا تسلط عليه أية عقوبة.
 
وبالتالي إذا كان الملف على مستوى النيابة يتعين عليها حفظه وإذا على مستوى التحقيق يتعين عليه إصدار أمر بانتقاء وجه الدعوة وإذا كان على مستوى جهة الحكم يتعين عليها إصدار حكم بالبراءة.
·       حالة تجاوز الدفاع المشروع :
إن المشرع الجزائري لم ينظر حالة التجاوز في حق الدفاع لا كن عند تعداده للأعذار القانونية التي تخفف العقوبة التي أوردها في المادتين : 277 و 278 ق.ع.ج وهي :
·   حالة الشخص الذي يتعرض لضرب شديد من آخر فهو إما أن يدفع الاعتداء عليه بالضرب أو اعتداء آخر يتناسب مع فعل المعتدي وفي هذه الحالة يعتبر في حالة الدفاع المشروع.
 
وإما يرتكب في سبيل دفع الاعتداء جريمة قتل أو جرح وفي هذه الحالة يكون فعل الدفاع غير متناسب مع فعل المعتدي فهنا يعتبره القانون معذورا ويعاقب على التجاوز.
 
* حالة الذي يرتكب جرائم القتل أو الجرح لدفع تسلق أو ثقب الأسوار أو تحطيم مداخل المنازل وإذا حدث ذلك أثناء النهار فالقانون يخفف العقوبة على مرتكبيها.
 
* أما إذا ارتكب ذلك أثناء الليل، فإنه يعتبر في حالة الدفاع المشروع وبالتالي يستفيد من  الأفعال المبررة (م : 40-41 ق).
 
III)- حالة الضرورة ورضا المجني عليه :
1)-حالة الضرورة :
هي حالة لا يكون فيها مرتكب الجريمة مكرها على ارتكابها وإنما يكون أمام خيارين :
·       إما أن يتحمل أذى معتبرا أصابه في شخصه أو في ماله أو أصاب غيره في شخصه.
·       إما يرتكب الجريمة.
 
مثال : الشخص الذي يختلس خبزا حتى لا يموت جوعا.
 
بالنسبة للمشرع الجزائري لم يأخذ بحالة الضرورة كسبب عام للإباحة أو انتفاء المسؤولية ومع ذلك فقد نصت المادة 308 من قانون العقوبات على إباحة إجهاض المرأة الحامل إذا كان ضروريا لإنقاذ حياة الأم من الخطر.
 
أ)- شروط حالة الضرورة :
الشروط المتعلقة بالخطر :
مثلما هو الحال في الدفاع المشروع أي أن يجد الشخص نفسه أمام خطر حال : أو على وشك الوقوع يهدد شخص غيره.
-         وجسامة الخطر تقدرها محكمة الموضوع.
 
   الشروط المتعلقة بالعمل المرتكب :
-         يجب أن يكون العمل المرتكب في مواجهة الخطر الحال ضروريا للحفاظ على سلامة الشخص أو المال.
 
آثار حالة الضرورة :
-         تتفق الأنظمة القانونية التي أخذت بحالة الضرورة على :
-         عدم  العقاب على العمل المرتكب.
-          عدم مساءلة مرتكبه مدنيا.
 
2)- رضا المجني عليه :
الأصل أن رضا المجني عليه لا أثر له على المسؤولية الجزائية، كون أن القانون الجزائي من النظام العام ومن ثم فلا يجوز للمجني عليه أن يعطل تطبيقه بإرادته.
 
مثال : لا أثر لرضا المجني عليه على تجريم فعل الطبيب الذي ينهي ألم مريض ميؤوس شفاؤه.
 
وفي هذا السياق جرم المشرع الجزائري مساعدة الغير على الانتحار المادة 273 ق.ع.ج.
 
وبعض التشريعات أخذت برضا المجني عليه كسب من أسباب الإباحة، خاصة في حالة مساعدة مريض ميؤوس شفاؤه، على الموت إذا طلب منه ذلك مثال : هو لهذا في مسألة  القتل يدافع الرحمة (EUTHANASIE).
 
ولقد سمح المشرع الجزائري كاستثناء في المادة 64 ق.إ.ج دخول مسكن شخص برضا صاحبه وبالتالي لا يعد جريمة انتهاك حرمة مسكن.
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه