جريمة سرقة السندات المقدمة للمحكمة في القانون الجزائري

0
2- جريمة سرقة السندات المقدمة للمحكمة :

              تنص المادة : 382 ق ع ج على " كل من قدم سندات أو أوراق أ, مذكرات في منازعة إدارية أو قضائية ثم إختلسها بأية طريقة كانت ، أو امتنع عن إعادة تقديمها ..."

               تفترض هذه الجريمة وجود دعوى مطروحة أمام القضاء ، و يقدم طرفيها المستندات الدالة على سلامة موقفه ، و يترتب على ذلك إلتزام كلا الطرفين بالأمانة و عدم التصرف في المستندات المقدمة لتعلق حق الطرف الآخر بها. فإذا قدم أحدهما مستندا أو أوراقا أو مذكرات للمحكمة في إطار منازعة إدارية أو قضائية مطروحة أمام المحكمة ثم إختلسها أو  رفض إعادة تقديمها بعدما سبق له و أن قدمها من قبل للمحكمة ، فإنه يكون قد اقترف الجريمة المنصوص عليها أعلاه.

              تختلف الجريمة المنصوص عليها في المادة : 382 ق ع ( جريمة إختلاس المستندات المقدمة في منازعة ، أو جريمة رفض إعادة تقديم المستندات سبق تقديمها في منازعة) ، عن جريمة خيانة الأمانة في  كون أن هذه الأخيرة يتم التسليم على سبيل الإئتمان و أن حيازة الجاني للمحل حيازة مؤقتة ، و أن التسليم يكون في إطار عقود الإئتمان الستة ، أما في الجريمة المنصوص عليها في المادة : 382 ق ع فإن التسليم لا يتم في إطار الإئتمان            و لا في إطار العقود ، بل يتم في إطار منازعة إما إدارية أو قضائية  مطروحة أمام المحكمة للإثبات . و كذلك أن الجاني في هذه الجريمة هو مالك الشيئ المختلس              ( محل الجريمة ) أي أن في هذه الجريمة المحل لا يقع على مال مملوك للغير ، لأن المستندات أو الأوراق أو المذكرات مملوكة للجاني سبق و أن قدمها للمحكمة ثم لسبب من الأسباب يختلسها منها بأية طريقة كانت ، و كذلك يمكن أن نتصور أن المستندات                  أو المذكرات أو الأوراق فإن الجاني لم يسلمها إطلاقا للمحكمة بل ما تزال بحوزته و لكنه سبق له و أن قدمها للمحكمة و اطلعت عليها ثم أرجعت له ، و لكنه رفض إعادة تقديمها للمحكمة ثانية لسبب من الأسباب . و على خلاف جريمة خيانة الأمانة أين الجاني يقوم بإختلاس أو تبديد مال مملوك للغير.

              و إنطلاقا من الفروق السابقة، فإن المشرع الجزائري أخرج هذه الجريمة من جرائم السرقة و ابتزاز الأموال ، و من جريمة خيانة الأمانة و وضع لها ركنا شرعيا مستقلا و وضع لها أحكام خاصة بها. و لكن نظرا لوجه الشبه الموجود بينها و بين جريمة خيانة الأمانة و إن كان تشابها بسيطا يتمثل فقط في التقديم أي التسليم  ألحقها المشرع الجزائري بجريمة خيانة الأمانة.

أ- محل الجريمة :

              الجريمة تقع على سندات أو أوراق أو مذكرات تم إدخالها في حوزة المحكمة إدخال تام لأن الفاعل لا يتصور أن يختلس سندا أو أوراقا أو مذكرة كانت و مازالت بحوزته.

              و المراد بالسند ورقة أعدت أصلا بطبيعتها لتكون مرتكزا عليها في المطالبة بحق ،أو في دفع هذه المطالبة كإقرار الاعتراف بالدين ، جميع الأوراق التجارية                   و المصرفية ، العقود ، إقرار الإعتراف بالمخالصة و إبراء الذمة.

              أما الورقة فيعد بها كل محرر ليس معدا أصلا لأن يكون سندا لإقتضاء حق  و للبراءة منه ، و إنما يعد كوسيلة إقناع للمحكمة بأمر ما كتقرير الخبرة الإستشارية .

              أما المذكرة فهي محرر كتابي يتضمن دفاع الشخص عن نفسه ، أو تتضمن طلباته ( الطلبات و الدفوع )، مثل العرائض.

و ينبغي أن يكون الجاني قدم المستندات أو المذكرات أو الأوراق أو سلمها للمحكمة ثم إختلسها فيما بعد ،أو قام بتبديلها بغيرها. و المراد بالتقديم كأن يقدم الخصم أو محاميه السند أو الورقة إلى أمين سر المحكمة لضمها إلى ملف الدعوى ، و المراد بالتسليم أن يسلم المحامي أثناء المرافعة السند أو الورقة إلى المحكمة ، أو أن يسلمها إليها الخصم الحاضر في المرافعة.
   

              تقوم الجريمة سواء كانت المنازعة إدارية أو قضائية و حتى لو تكون الورقة المختلسة ليست لها أية قيمة في الدعوى ، فالمشرع لم يشترط شرط أن يكون للسند                  أو المذكرة أو الورقة قيمة أو أثر على المنازعة ، فاشترط فقط مجرد إختلاس ورقة سلمت للمحكمة ، ولا يهم قيمتها ، و لا درجة تأثيرها في الدعوى أو المنازعة.

               و لكن لا تقوم الجريمة إذا تم إختلاس الأوراق التي تسلم لغير المحكمة ، فتلك التي تسلم إلى اللجان الإدارية المختصة في الفصل في بعض المنازعات.

ب- الركن المادي :

               المشرع الجزائري في المادة : 382 ق ع ج أورد صورتين للركن المادي ، فالصورة الأولى تتمثل في فعل الإختلاس و الصورة الثانية تتمثل في رفض إعادة التقديم.

1-         الإختلاس : و هو أن يسلم شخص سندا أو مذكرة أو ورقة للمحكمة في منازعة سواء إدارية أو قضائية ، ثم يختلسها أو يقوم بتبديلها فمثلا: في دعوى إصدار شيك بدون رصيد ، الشاكي يسلم للمحكمة أصل الشيك و بعدها نتصور لسبب من الأسباب سوى قضيته وديا مع الجاني  و لوضع حد للمنازعة و التأثير فيها ، و بأية طريقة  كانت يقوم بإختلاس الشيك من المحكمة حتى تتأثر الدعوى.

2-         رفض إعادة التقديم : في هذه الحالة الجاني يقدم في المرة الأولى السند أو المذكرة            أو الورقة للمحكمة و تطلع عليه ثم تعيده له ، و في وقت لاحق تطلب منه إعادة تقديمه فيرفض لسبب من الأسباب.

ج - الركن المعنوي :

              إن جريمة سرقة السندات أو الأوراق أو المذكرات المقدمة للمحكمة  أو جريمة رفض إعادة تقديمها ثانية هي جرائم عمدية يتخذ ركنها المعنوي صورة القصد الجنائي بعنصريه : العلم و الإرادة ، فيجب أن يعلم الجاني بطبيعة الورقة التي يختلسها و أنه سبق له تقديمها للمحكمة و أنه غير مرخص له في إستردادها من جانب تلك الأخيرة . و يجب  أن تتجه إرادة الجاني إلى إبعاد المستند أو الورقة عن ملف الدعوى ، فإن كان قد أخذ الورقة ليقوم بتصويرها ثم فقدت منه أو وضعا في حقيبة فضاعت منه تلك الأخيرة، كان القصد منتفيا ، كما يجب أن يعلم أنه ملزم بنص المادة بإعادة تقديمها و رغم ذلك يمتنع.

د- العقوبـــة :

              تنص المادة : 382 ق ع ج على أنه " كل من قدم سندات أو أوراق                    أو مذكرات في منازعة إدارية أو قضائية ثم إختلسها بأية طريقة كانت أو امتنع عن إعادة تقديمها ، يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر و بغرامة من 100 إلى 1000 دج ". فالجريمة إذا تعتب جنحة بسيطة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه