إجراءات التسريح التأديبي في القانون الجزائري

0

إجراءات التسريح التأديبي وآثاره:

لقد أعطى المشرع الجزائري الحق لصاحب العمل في توقيع العقوبة التأديبية المناسبة لدرجة خطورة الخطأ المرتكب من قبل العامل، وذلك حماية لمصالحه، غير أنه قيد استعمال هذا الحق بجملة من الشروط والإجراءات جراءات التسريح التأديبي وآثاره:

أولا: إجراءات التسريح التأديبي: يمكن تصنيف هذه الإجراءات إلى إجراءات موضوعية وأخرى تشكلية:

1-             الإجراءات الموضوعية: يحق لصاحب العمل تسريح العامل تأديبيا إذا ما ثبت أنه ارتكب خطأ مهنيا جسيما مع وجوب مراعاة الظروف التي ارتكب فيها الخطأ الجسيم، ومنه تتمثل الإجراءات الموضوعية للتسريح التأديبي في:

أ‌-     ارتكاب خطأ مهني يكيف على أنه جسيم، وقد سبق أن بينا مفهوم الخطأ المهني الجسيم، وما ينبغي التأكيد عليه هو أن الأخطاء المهنية الجسيمة وردت في المادة 73 من قانون 90/11 المعدلة على سبيل الحصر.

ب‌-وجوب مراعاة المستخدم للظروف التي ارتكب فيها العامل الخطأ الجسيم، إذ أنه يجب على صاحب العمل أن يراعي ظروف وملابسات ارتكاب الخطأ المحيطة بالعمل، أو أن يبحث عن الدوافع والمبررات التي أدت بالعامل إلى ارتكاب مثل هذه الأخطاء، ويتجلى ذلك من خلال الرجوع إلى سيرة العامل طوال مدة عمله، فمراعاة الظروف المحيطة بارتكاب الفعل، والدوافع، ومعرفة سيرة العامل كل هذا يساعد بشكل أو بآخر في تكييف الفعل أو الخطأ من جهة، وفي تحديد العقوبة المناسبة له من جهة أخرى، والملاحظ في هذا الشأن بخصوص قانون العمل الجزائري 91/29 أنها جاءت لتحمي الطرف الضعيف في علاقة العمل، وهو العامل، حتى عند ارتكابه لخطأ مهني جسيم، إذا لا يمكن لصاحب العمل فصل العامل من منصب عمله بحجة أنه ارتكب خطأ جسيما من دون أن يراعي الظروف والملابسات التي أحاطت بارتكاب هذا الخطأ، ودرجة الضرر الناتج عنه، وهي ما يعرف بالظروف المخففة في القانون الجنائي. كما أن المادة 73 من قانون 90/11 جعلت من ارتكاب العامل لخطأ جسيم من المحتمل أن ينجر أو ينجم عنه التسريح، بمعنى أن ارتكاب العامل لخطأ مهني جسيم لا يؤدي بالضرورة إلى تسريحه تأديبيا. ولا يفوتنا في هذا الصدد القول كما أشار إلى ذلك القاضي دحماني مصطفى أن هذه المادة (أي المادة 73-1 من قانون 90/11 المعدل) والتي تنص على أنه: "يجب أن يراعي المستخدم على الخصوص عند تحديد وصف الخطأ الجسيم الذي يرتكبه العامل والظروف التي ارتكب فيها الخطأ ومدى اتساعه ودرجة خطورته والضرر الذي لحقه وكذلك مراعاة السيرة التي كان يسلكها العامل حتى تاريخ ارتكابه الخطأ نحو عمله وممتلكاته". إن هذه المادة تعد سلاحا قويا في يد العامل في حالة لجوئهم إلى القضاء من أجل إلغاء قرارات تسريحهم، والمطالبة بإفادتهم بالمادة 73-1 باعتبار أن المستخدم لم يراعِ محتواها.

كما أن هذه المادة أعطت السلطة التقديرية للقاضي في اعتبار وصف الخطأ جسيما أم لا.

وفي هذا الإطار جاء قرار المحكمة العليا في ملف رقم 49103 بتاريخ 6 مارس 1989 مؤكدا على ضرورة الأخذ بالظروف المحيطة بالعامل عند ارتكابه الخطأ لتكييف الخطأ، وذلك في قضية (ب.ع) ضد (الشركة الوطنية للأبحاث والاستغلالات المنجمية) إذ قررت أنه:

"متى كانت أحكام المادة 76 من الأمر 82/06 تقضي بأنه يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار في تحديد وتكييف الخطأ الجسيم المرتكب من العامل ظروف ارتكابه ومداه ودرجة خطورته والضرر الناجم عنه، وسلوك هذا العامل اتجاه عمله وأملاك المؤسسة المستخدمة إلى غاية ارتكابه الخطأ، فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد مخالفة للقانون".

2-             الإجراءات الشكلية: وتتمثل فيما يلي:

أ‌-     ضرورة وجود نظام داخلي للهيئة المستخدمة:

إذ تنص المادة 73-2 من قانون 90/11 المتضمن علاقات العمل الفردية المعدل والمتمم بالقانون رقم 91/29 على ما يلي: "يعلَن على التسريح المنصوص عليه في المادة 73 أعلاه ضمن احترام الإجراءات المحددة في النظام الداخلي". يفهم من هذا النص أن وجود نظام داخلي في المؤسسة التي تشغل أكثر من 20 عاملا ضروري، وذلك لأنه يتم فيه تحديد الإجراءات التأديبية الواجب اتباعها قبل اللجوء إلى فصل العامل من منصب عمله، كما يقوم صاحب العمل بتحديد طبيعة الأخطاء المهنية ودرجات العقوبات المطابقة لها في النظام الداخلي الذي بعده.[1]

ب‌-احترام الضمانات المقررة قانونا للعامل المعني بالتسريح:

هناك مجموعة من الضمانات التي خصها المشرع الجزائري للعامل المعني بالتسريح التأديبي، وذلك حماية للطرف الضعيف في علاقة العمل، ويظهر هذا جليا بعد تعديل المادة 73 من قانون 90/11، ولكن بداية تجدر الإشارة إلى أنه قبل تعديل المادة 73 من القانون السالف الذكر كانت هذه الأخيرة تخول لصاحب العمل وضع الإجراءات التأديبية الواجب اتخاذها لتسريح العامل، وذلك من خلال النظام الداخلي الذي يقوم صاحب العمل بوضعه كما أسلفنا الذكر، وهذا إذا كانت المؤسسة تشغل أكثر من 20عاملا، وفي حالة ما إذا لجأت المؤسسة إلى تسريح العامل في حالة وجود نظام داخلي لم يتم إعداده طبقا للمواد 79.77.75 يعد عملها هذا تسريحا تعسفيا.

-  غير أن الجديد الذي أتت به المادة 73-3 من قانون 90/11 بعد تعديلها بقانون 91/29 هو كما جاء في نصها ما يلي: "يعلن عن التسريح المنصوص عليه في المادة 73 أعلاه ضمن احترام الإجراءات المنصوص عليها في النظام الداخلي، ويجب أن تنص هذه الإجراءات على التبليغ الكتابي لقرار التسريح، استماع المستخدم للعامل المعني الذي يمكنه في هذه الحالة أن يختار عاملا تابعا للهيئة المستخدمة ليصطحبه".

إذن كما هو واضح من خلال نص المادة 73-3 من قانون 90/11 والمدرجة بالمادة 3 من قانون 91/29 أنه بالإضافة إلى الإجراءات المنصوص عليها في النظام الداخلي هناك إجراءات وجوبية وضرورية ينبغي على صاحب العمل القيام بها، ذلك لأنها تعد بمثابة حقوق دفاع للعامل، وإلا عد التسريح تعسفيا.

وعليه سوف نتناول بالتحليل هذه الإجراءات أو الضمانات الممنوحة للعامل:

-        سماع العامل: يعد سماع العامل المعرض للتسريح التأديبي إجراء جوهريا ينبغي على صاحب العمل القيام به وإلا اعتبر قرار التسريح المتخذ ضده غير قانوني، ومن ثم عد التسريح تعسفيا، ولا يخفى أن سماع العامل له أهمية بالغة إذ يعطي للأطراف فرصة لتقدير ظروف وخطورة الوقائع ومدى اتساعها، والضرر اللاحق بصاحب العمل. كما يمكن العامل من إعطاء توضيحات أكثر عن كيفية صدور هذا الخطأ، وعليه يمكن القول أن إجراء السماع هذا الذي نص عليه المشرع يعد عنصرا فعالا في تمكين المستخدم من تطبيق المادة 73-1 تطبيقا سليما ومن ثم الوصف السليم للخطأ الذي يرتكبه العامل إن كان خطأ جسيما أم لا.

ولكن مما ينبغي الإشارة إليه كما تنبه لذلك القاضي دحماني مصطفى في محاضرة ألقاها بمجلس قضاء وهران "أنه يعاب على المشرع أنه لم ينظم الإجراء الأولي المتمثل في الاستدعاء ولم يضبط حدوده كتاريخ وساعة السماع موضوع الاستدعاء، والوقائع المنسوبة إليه، وكذا إخباره بحقوقه كحقه في اختيار من يمثله عند السماع".

وهذا خلافا لما نص عليه المشرع الفرنسي الذي ضبط عملية الاستدعاء بصفة محكمة وجعل من عدم ذكر إحدى البيانات المنصوص عليها سببا في الطعن بعدم قانونية الاستدعاء.

-        حق العامل في اختيار من يمثله: إن من بين الإشكالات التي تطرح في هذا الباب هو عدم معرفة العامل بحقه في التمثيل أي في اصطحاب من يمثله، فهل له أن يتضرع بعدم معرفته بحقه، ومن ثم تمسكه أمام القضاء بخرق إجراء أو حق من حقوق الدفاع، وبالتالي الطعن في قرار التسريح؟

وهل صاحب العمل ملزم بتنبيه العامل بهذا الحق قبل سماعه؟

وما هي الضمانات الممنوحة للعامل الممثل لزميله حتى لا يتعرض للمضايقة من طرف المستخدم؟

وهل يمكن أن يكون العامل الممثل من مؤسسة فرعية تابعة للمؤسسة الأم؟

كل هذه التساؤلات وغيرها لم يضع لها المشرع الجزائري جوابا، ولتفادي كل هذه الأسئلة كان يجب أن يتدخل المشرع بتنظيم عملية الاستدعاء موضحا وقت اللقاء، تاريخه، ومكانه مع تذكير العامل بحقه في التمثيل وإلا فإن لم يكن الأمر كذلك فعلى الأقل إجبار المستخدم بأن يأخذ إشهادا بالكتابة أو التوقيع من العامل أنه فعلا تم إعلامه بحقه في التمثيل، وقد تنازل عن ذلك، وهذا بموجب محضر ليكون حجة على العامل إذا ما أثار هذه النقطة أمام القضاء.[2]

هذا وإن المشرع سكت عن مسألة اعتبار استدعاء العامل للسماع فترة عمل، وبالتالي تدفع له أجرته فيها ما دام الاستدعاء كان من صاحب العمل أم لا يعتبر كذلك.

-        التبليغ الكتابي لقرار التسريح: إن المشرع الجزائري لم يضبط عملية التبليغ بمواعيد قانونية، ولا كيفية التبليغ تاركا ربما المجال للنظام الداخلي لإعطاء توضيحات حول هذه العملية، وهذا على خلاف المشرع الفرنسي الذي بين وحدد آجال التبليغ وكيفية إجرائه، كما ميز بين التبليغ وبين تسبيب التسريح، فالتبليغ يكون بعد اللقاء الذي يجمعه بالعامل وهو لا يعدو أن يكون مجرد إشعار عن القرار الذي سيتخذه فيما بعد، فلا بد أن يبعث على الأقل في مدة زمنية قدرها يوم مفتوح مع احترام كافة المواعيد إذا صادف نهاية ذلك اليوم يوم عيد او عطلة رسمية أو راحة أسبوعية، إما أثناء اللقاء أو في أجل أقصاه عشرة أيام في يوم مغادرته لمكان العمل، وتطبق بشأنه نفس الحكام فيما يخص المواعيد.

أما بالنسبة للمندوبين النقابيين إذا ما ارتكبوا خطأ ما، فقد أورد قانون 19/14 الصادر في 2 جوان 1990 المتعلق بكيفية ممارسة الحق النقابي في المواد 52، 54، 55 و56 منه أورد حكما خاصا بهم مفاده "أنه في حالة ارتكاب المندوب خطأ أثناء ممارسته نشاطه المهني غير المتعلق بالنشاطات النقابية فلا يحق للمستخدم اتخاذ أي إجراء تأديبي، إلا بعد إعلام المنظمة النقابية".

ماذا يقصد المشرع بالإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقيات الملزمة ؟

إن أول ملاحظة تثيرها هذه العبارة هي: ورود كلمة ملزمة أمام اتفاقية، فهل هذا يعني أن هناك اتفاقيات غير ملزمة؟ لقد ذهب بعض المحللين إلى اعتبار أن كلمة تسريح الواردة في المادة 73-4 الفقرة 1 من قانون رقم 90/11 جاءت عامة ولم تحدد أي وصف له، واعتبرت أن الإجراءات المراد تصحيحها والواردة في مصطلح الاتفاقيات الملزمة جوهرية وليست من النظام العام، أي تلك الإجراءات التي تتعلق بها هو مفروض على المستخدم أن يقوم به مسبقا كالتزام منوط به بموجب الاتفاقية الملزمة مثلما هو الحال بالنسبة للتسريح في إطار التقليص من عدد العمال الذي ينظمه المرسوم التشريعي رقم 94/09 والذي يفرض إجراءات مسبقة وفي هذه الحالة يكون جبر انتهاك الإجراءات ممكن وفي صالح الطرفين، وان ما يؤكد هذا التحليل حسب القاضي دحماني مصطفى وهو تخصيص المشرع الفقرة 2 من المادة 73/4 للتسريح خارقا لأحكام المادة 73 (التسريح التأديبي) بمعنى أن هذه الفقرة تنظم نتائج التسريح التعسفي في إطار القواعد التأديبية (الموضوعية والشكلية)، أما الفقرة التي سبقتها فتتكلم عن التسريح دون تحديد.

ضف إلى أن الاتفاقيات الملزمة فيما يخص الإجراءات التأديبية لا يمكن تصورها، ذلك أن الإجراءات القانونية توحي إلى النظام الداخلي فلا يمكن التصور أن المستخدم سيتنازل عن الحق الممنوح له قانونا بموجب المادة 77 من قانون 90/11، ويقوم بإجراء اتفاقية مع ممثلي العمال فيما يخص الإجراءات التأديبية، ومن جهة ثانية فإنه بموجب المادة 120 من القانون لا يدخل موضوع الإجراءات التأديبية من ضمن الفقرات المنصوص عليها على سبيل المثال والتي تحدد مجالات الاتفاقيات الجماعية في مجال شروط التشغيل والعمل وليس الإجراءات.

كما أن الحديث عن التقليص أيضا بموجب الاتفاقيات الملزمة تتضمن أيضا قبل اللجوء إليه اتباع إجراءات قانونية معينة منصوص عليها في المواد 70 و71 من قانون 90/11.

هذا ويضيف القاضي دحماني مصطفى بأن المادة 73-4 جاءت مباشرة بعد الحديث عن التسريح التأديبي، وبالتالي فلا مجال لاعتماد تحليل إجراءات التسريح للتقليص من عدد العمال والواردة في المرسوم التشريعي 94/02 المؤرخ في 26/05/1994 المتعلق بالحفاظ على الشغل وحماية الأجراء الذين يفقدون عملهم بصفة لا إدارية.

وإن كنا نشاطر القاضي دحماني مصطفى في جل ما جاء به، إلا أننا نأخذ عليه قوله في كون أن المادة 73-4 فقرة 2 خصها المشرع للتسريح خرقا لأحكام المادة 73 (أي التسريح التأديبي) بمعنى أن هذه الفقرة تنظم نتائج التسريح التعسفي في إطار القواعد التأديبية والشكلية، فأما الفقرة السابقة فتتكلم عن التسريح بدون تحديد. إذ أنه وحسب الكثيرين أن المادة 73-4 بفقرتيها الأولى والثانية تتكلم عن نتائج التسريح التعسفي، ذلك أن عدم احترام القواعد الموضوعية والشكلية للتسريح التأديبي يعد تسريحا تعسفيا طبقا للمادة 73-3، غير أن الفقرة الأولى من المادة 73-4 تتكلم عن أثر عدم احترام الإجراءات القانونية للتسريح التأديبي أو الاتفاقيات الملزمة، أي مخالفة القواعد الشكلية للتسريح التأديبي، أما الفقرة الثانية فتتكلم عن مخالفة القواعد الموضوعية للتسريح التأديبي (المادة73)، أي عدم التزام صاحب العمل المنصوص عليها قانونا.

ثانيا: آثار التسريح التأديبي:

لقد سبق وأن ذكرنا أن التسريح التأديبي هو الذي تحترم فيه الإجراءات الشكلية والموضوعية، وأهم آثار التسريح التأديبي هي: إما التسريح مع مهلة الإشعار المسبق والتعويض عن التسريح، وإما التسريح بدون مهلة إشعار والتعويض، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد هو: متى يستفيد العامل المسرح تأديبيا من مهلة إشعار وتعويض، ومتى يحرم منهما؟

إن الإجابة عن هذا السؤال نجدها في النظم الداخلية للمؤسسات، إذ أنه بالرجوع إلى هذه النظم نجدها تحدد طبيعة الأخطاء والعقوبات الموافقة لها، فتحدد بذلك الخطاء من الدرجة الثالثة والعقوبات الموافقة لها، وهي: التنزيل من الرتبة، أو التسريح مع مهلة الإشعار والتعويض، أو التسريح بدون مهلة الإشعار والتعويض.[3]

وحسب الأنظمة الداخلية فإن عقوبة التنزيل وعقوبة التسريح مع مهلة الإشعار والتعويض تخص العمال الذين ارتكبوا أخطاء مهنية من الدرجة الثالثة، ولكنها ليست أخطاء جسيمة، كتكرار الأخطاء من الدرجة الثانية، يستفيد العامل المسرح من مهلة الإشعار والتعويض طوال مدة مهلة الإشعار من ساعتين مدفوعتين الأجر، والحكمة من التعويض عن مهلة الإشعار المسبق هي إعطاء العامل المسرح فرصة للبحث عن منصب عمل آخر، ويكون التسريح بدون مهلة إشعار ولا تعويض عند ارتكاب العامل خطأ مهنيا جسيما، كما نصت على ذلك المادة 73 من قانون 90/11 المعدلة والمتممة بالقانون رقم 91/29 المتعلق بعلاقات العمل.

إذن يتبين من خلال ما ورد في الأنظمة الداخلية لبعض المؤسسات الاقتصادية أن التسريح مع مهلة الإشعار المسبق والتعويض يكون عند ارتكاب العامل خطأ من الدرجة الثالثة. أما التسريح بدون مهلة الإشعار والتعويض يكون عند ارتكاب العامل خطأ مهنيا جسيما، غير أنه طبقا لأحكام قانون 90/11 المعدل والمتمم بقانون 91/29 فإن التسريح سواء كان مع مهلة الإشعار والتعويض أو بدونهما لا يكون إلا عند ارتكاب العامل الأجير خطأ مهنيا جسيما، ومن ثم كل تسريح خارج عن الحالات المنصوص عليها قانونا يعتبر تسريحا تعسفيا طبقا للمادة 73-1 من قانون 90/11، وهو ما يجعل الأنظمة الداخلية لبعض المؤسسات الاقتصادية مخالفة للقانون رغم أنه مصادق عليها من قبل مفتشية العمل، ذلك أنها أضافت حالات وأخطاء إذا ما ارتكبها العامل يكون معرضا للتسريح في حين أن المادة 73 قد حصرت الأخطاء التي ينجم عنها التسريح التأديبي.[4]

هذا ويضيف القاضي دحماني مصطفى أن الأصل في التمييز بين النوعين من التسريح (تسريح مع مهلة الإشعار والتعويض أو بدونهما) يرجع إلى التمييز بين نوعين من الخطأ الجسيم، خطأ جسيم لا يجعل استمرار علاقة العمل أمرا مستحيلا، وهو الذي يمنح فيه التعويض ومهلة الإشعار، وخطأ جسيم يستحيل معه استمرار علاقة العمل، وهو الذي يتم بدون مهلة إشعار ولا تعويض.
وإن التمييز بين النوعين من الخطأ الجسيم يرجع إلى الظروف التي ارتكب فيها الخطأ الجسيم، ومدى اتساعه، ودرجة خطورته والضرر الذي ألحقه بالمؤسسة ووسائلها، وكذا السيرة التي كان يسلكها العامل الأجير حتى تاريخ ارتكابه



[1] انظر المادة 77/2 من قانون 90/11، علاقات العمل الفردية: "يحدد النظام الداخلي في المجال التأديبي طبيعة الأخطاء المهنية ودرجات المطابقة وإجراءات التنفيذ".
[2] القاضي دحماني مصطفى، بحث حول تحليل المادة 73-4 قانون 90/11 –مرجع سابق-.
[3] المادة 136 من النظام الداخلي الخاص بديوان الترقية والتسيير العقاري بمستغانم المصادق عليه من قبل مفتشية العمل في 30 ماي 1995، غير منشور.
[4] قرار عن الغرفة الاجتماعية بالمحكمة العليا، ملف  رقم 155985 بتاريخ 10/2/1998، م ق عدد 1، 2000.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه