عبء إثبات الإنهاء التعسفي في القانون الجزائري

0

: عبء إثبات الإنهاء التعسفي:

بادئا بذي بدء نقول أن الإنهاء التعسفي يتحقق بثبوت أمر من الأمور التالية:

1-  عدم استناده لأي مبرر أي أن الإنهاء لا يستند إلى سبب معين بموجبه يتم وضع حد لعلاقة العمل التي تربط بين الطرفين، وإنما قرار الإنهاء هذا ما جاء إلا ليعبر عن رغبة أحد الطرفين في التحلل من عقد العمل.

2-  عدم جدية مبرر الإنهاء: ومثال ذلك أن يكون صاحب العمل في قراراه المتخذ بشأن تسريح العامل يستند إلى مبرر تافه وغير جدي.

3-  عدم صحة المبرر: كأن يكون تسريح العامل بحجة انه ارتكب خطأ جسيما في حين أن هذا الخطأ غير ثابت في جانب العامل.

ولكن التساؤل الذي يطرح نفسه هو: من يتحمل عبء إثبات التعسف، هل هو صاحب العمل أم العامل؟

طبقا للقواعد العامة في القانون المدني في شأن السبب، فإن الطرف المنهي لا يلتزم بذكر السبب الذي استند إليه فيما أقدم عليه من إنهاء، بحيث أنه لا يجوز أن يستفاد من السكوت عن ذكر سبب الإنهاء خلوه من المبرر، على اعتبار ما تقرره المادة 98 من القانون المدني"كل التزام مفترض أن له سببا مشروعا ما لم يقع الدليل على غير ذلك. ويعتبر السبب المذكور في العقد هو السبب الحقيقي حتى يقوم الدليل على ما يخالف ذلك، فإذا قام الدليل على صورية السبب فعلى من يدعي أن للالتزام سببا آخر مشروعا أن يثبت ما يدعيه".

ويقابل هذه المادة 137/1 من القانون المدني المصري، بل وأكثر من هذا فإنه لا يستفاد التعسف من مجرد عدم صحة السبب المذكور للإنهاء، لأن هذا يفتح الباب عندئذ للطرف المنهي أن يثبت سببا آخر مشروعا، وهو ما يستفاد من نص المادة 98/2 ق.م.

كما أن مقتضى القواعد العامة في استعمال الحقوق أن الأصل هو شرعية استعمالها ما لم يقم الدليل على خلاف ذلك ممن يدعيه باعتباره هو الذي يدعي خلاف الثابت أصلا[1]، وهو ما يتفق مع القواعد العامة في الإثبات الشرعية و القانونية[2].

أما فيما يتعلق بعبء لإثبات التسريح الصادر من رب العمل فإن قواعد الإنهاء لخطأ تأديبي توجب على صاحب العمل أن يفصح عن الأسباب المبررة لقراره بالتسريح، وهو ما يمثل التزاما بالإعلان عن السبب الذي استند إليه في فصل العامل، بحيث إذا امتنع عن تقديمه قامت قرينة على تعسف الإنهاء لمصلحة العامل، ومنه يستنتج أنه على الطرف الذي ينهي العقد أن يفصح عن الأسباب التي أدت إلى هذا الإنهاء، فإذا لم يذكرها قامت قرينة لصالح الطرف الآخر على أن إنهاء العقد وقع بلا مبرر.

إلا أن صاحب العمل وإن التزم بتقديم أسباب ومبررات الإنهاء – التسريح – فإنه غير مطالب بإثبات صحتها، فإذا ذكر صاحب العمل سبب فصل العامل، فليس عليه عبء إثبات صحة هذا السبب، وإنما يكون على العامل عبء إثبات عدم صحته، وأن التسريح لم يكن له ما يبرره، فإذا أثبت العامل عدم صحة المبرر الذي يستند إليه صاحب العمل في فصله، كان هذا دليلا كافيا على تعسف صاحب العمل.
وفيما يلي نتناول في المطلب الثاني الآثار الناتجة عن التسريح التعسفي



[1] المقصود بالمدعي هنا هو كل من يدعي أمرا خلاف الظاهر على مدار سير الدعوى سواء كان هو من رفع الدعوى، أو من رفعت ضده في الأصل.
[2] على الدائن إثبات الالتزام، وعلى المدين إثبات التخلص منه، وهو ما يتأسس على قاعدة احترام الوضع الثبت أصلا، وأن الأصل هو براءة الذمة، وأن على من يدعي التزام غيره بما يخالف هذا الأصل أن يقيم الدليل على دعواه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه