سيـــر إجــراءات محاكمـــة الحــــدث الجانـــح.
تتميز محاكم
الأحداث بإجراءات خاصة متميزة عن غيرها من المحاكم ، و ذلك باعتبارها هيئة علاجية
تربوية تهدف إلى إصلاح الحـدث الجانح و تهذيبه بالدرجة الأولى وليس معاقبته ، فهي
بسيطة و مرنة من حيث التطبيق و خالية من التعقيدات التي
تعيق مهمة تقويم الحدث(2).
(1) -مجلة الدراسات القانونية اللبنانية ، المرجع السابق ، ص 158.
(2-)مرشد المتعامل مع القضاء ، المرجع السابق ، ص 130.
- 35-
قـاضي الأحداث
و الهدف من وضعها هو تقريب القاضي من الأحداث و الاهتمام
بمشـــاكلهم الاجتماعية
و العائلية (1).
و انطلاقا من هذه المميزات ، نجد أن المشرع الجزائري بخصــوص
محاكمة الأحداث الجانحين ، احدث قسم خاص بهم على مستوى المحاكم مثلما أشرنا سلفا
والذي يتشكل من قاضي الأحداث رئيسا و مساعدين و أوجب أن تكون المحاكمة و المرافعــات
سرية طبقا للمادة 461 ق.إ.ج
و منع نشر ما
يدور في الجلسات كلها ، بأية وسيلة كانت ، إلا أنه يجوز نشر الحكـم لكن دون ذكر اسم الحدث و لو بالأحرف الأولى .
و اوجب أن تنعقد أقسام الأحداث في غرفة المشورة ، حسب
المادة 460 ق.إ.ج ، و أن يتـم الفصل في كل قضية على حدى في غير حضور باقي المتهمين
، و لا يجوز حضــور المحاكمة إلا الأشخاص المعينون في القانون و هم: شهود القضية و
الأقارب المقربين للحدث ، ووصيه أو نائبه القانوني ، أعضاء النقابة الوطنية
للمحامين ، ممثلي الجمعيات أو الرابطات و المصالح أو الأنظـمة المهتمة بشؤون الأحداث
، و المندوبين المكلفين بالرقابة على الأحداث المراقبين و رجال القضاء و هو ما
أشارت إليه المادة 468 ق.إ.ج
كما أن قسم الأحداث
لا يفصل في الدعوى إلا بعد سماع جميع أطراف الدعوى و هم الحدث ، المسؤول المدني ،
الشهود و المدعي المدني علاوة على مرافعة النيابة العامة و مرافعة الــدفاع ، وعلى هذا الأساس يتعين على
المتهم الحدث الحضور إلى جلسة المحاكمة لســـماعه إذا قررت المحكمة ذلك ، بحيث
يقوم القاضي بتبليغه بالتهمة المنسوبة إليه ثم باستجوابه و ذلك بحضور والده أو
نائبه القانوني ، إضافة إلى محاميه ، إذ أن حضورهما إجباري ، و في حالة ما إذا لم
يختار الحدث و نائبه القانوني مدافعا عنه ،
عين قاضي الأحداث مدافعا من تلقاء نفسه حسب المادة445 ق اج
و تجدر الإشارة
إلى أن إجراءات محاكمة الأحداث تختلف باختلاف المحكمة التي تتـــولاها ،
فالمخالفات تفصل فيها المحكمة مشكلة من قاض فرد إلى جانب الكاتب طبقا للإجراءات
العادية لكن شريطة احترام أوضاع العلانية المنصوص عليها في المادة 468 ق.إ.ج (2).
أما بالنسبة للجنح و الجنايات ، فإن قسم الأحداث يفصل
فيها دون الالتزام بالشكليات المماثلة
(1)- محاضرات
الأستاذة صخري امباركة ، المرجع السابق .
(2)- انظر المادة 446 من الأمر 66- 155 ، المرجع السابق .
- 36 -
قاضي الأحداث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتلك التي تجري أمام
محكمة الجنايات.(1).
إضافة لما سبق يمكن
لقاضي الأحداث الذي يترأس الجلسة و في سبيل تنوير المحكمة حول القضية القيام بسماع الفاعلين الأصليين في الجريمة أو
الشـركاء البالغين ، و ذلك على سبيل الاستدلال ، و إذا دعت مصلحة الحدث إعفاءه من
حضور الجلسة ، فإن لقاضـي الأحداث إمكانية ذلك شريطة أن يمثله محام أو مدافع عنه
أو نائبه القانوني ، و يعتبر قراره ذلك حضوريا
( طبقا للمادة 467 من ق.إ.ج)
و يجوز لقاضي الأحـداث أيضا ، أن يأمر في كل وقت بانسحاب
الحدث طيلة المرافعات كلها أو جزء منها أثناء سيرها ، على اعتبار أنه قد يكون من
مصلحة الحدث عدم سماعه لما يقال سواء عن أسرته أو عنه ، أو ما يقوله الرئيس لوالدي
الحدث ( م 468 ق.إ.ج ) (2).
و بخصوص المضرور من الجريمة التي يرتكبها الحدث ، فإنه
يجوز إذا كانت النيابة العامة هي التي أقامت الدعوى العمومية ضد الحدث.
و تقام بذلك
الدعوى المدنية ضد الحدث مع إدخال المسؤول المدني عنه أو نائبه الــقانوني في
الخصومة.و في حالة وجود متهمين بالغين و آخرين أحداث في قضية واحدة و تم فصل المتابعات
بين هؤلاء و أراد الـطرف المضار مباشرة دعواه المدنية في مواجهة الجميع، فإن الدعوى
المدنية ترفع أمام الجهة القضائية الجزائية التي يعهد إليها بمحاكمة البالغين ،
لكن الأحداث لا يحضرون المرافعات و إنما نيابة عنهم في الجلسة يحضرنوابهم القانونيون.(3) .
و في الأخير ، فإن الحكم الذي يصدره قاضي الأحداث
بشأن الحدث يكون في جلسة علنية بحضور هذا الأخير طبقا للمادة 468 ق.إ.ج و هو ما
يتعارض مع مبدأ سرية الجلسـات ، على النحو الذي أشرنا إليه سالفا ، في قضايا الأحداث
و هو ما يؤدي بنا إلى التسـاؤل عن العـلنية المقصودة من المشرع في هذه الحالة؟ حيث
نص كذلك في المادة 463 ق .إ.ج على أن يصـدر القرار في جلسة سرية مما زاد
المسألة تعقيدا و غموضا وهذا الغموض أدى بالفقه إلى القول بأن القرار
المنصوص عليه في المادة 463 ق.إ.ج يصدره قاضي الأحداث قبل الحكم بالعــقوبة أو
(1)، (2) – أحمد شوقي الشلقاني ، مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع
الجزائري ، ديون المطبوعات الجامعية ، د. ط ، 1999 ، ص 427
(3) -انظر المدتان 475 و 476 من
الأمر 66-155 ، المرجع السابق .
-37-
قـاضي الأحـداث
التدبير و يتعلق
بوضع الحدث تحت نــظام الإفراج
المراقب والذي أشارت إليه المادة 462
ق.إ.ج (1).
و يكون ذلك عندما لا يقتنع قاضي الأحداث بالتحقيق الذي تم
في القضية مع الحدث و يراه غير كاف لاتخاذ بشأنه التدبير أو العقوبة المناســـبة
حسب الأحوال ، و بالتالي يلجأ إلى اتخاذ هذا الإجراء لمدة معينة ، بهدف دراسة سلوك
الحدث.
فهو إجراء بسيط في غرفة المشورة و في سرية تامة في مكتب
قاضــي الأحــــداث (2).
و نخلص إلى أن إجراءات محاكمة الأحداث على النحو السالف
ذكره ، لها مميزات و خصوصيات تنفرد بها ، خلافا لإجراءات محاكمة البالغين ، و التي
تنتهي بحكم يصدره قاضي الأحــداث في جلسة علنية طبقا للمادة 468 ق.إ.ج و يتضمن إما
تدبيرا نهائيا أو عقوبة جزائية طبقا لقانـون العقوبات و هو ما سنتناوله في الفرع
الآتــــي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق