تشكيــل قســـم الأحــــــداث.
إن وجود إجراءات
محاكمة خاصة بالأحداث يختلف عن إجراءات محاكمة البالغين ، كان لزامـا وضع هيكل خاص
يتلاءم مع الوظيفة الحقيقية لقسم الأحداث ، لذلك كانت تشكيلته خاصـة متميزة عن
باقي التشكيلات في الأقسام الأخرى المتواجدة في المحكمة ، و كذا تمتعه بمكنة
قانونية خاصة بالفصل في القضايا التي يخطر بها قاضي الأحداث ، و هنا يظهر التمييز
بين الأحـــداث الجانحين عن الأحداث في خطر معنوي ، على اعتبار أن لكل منهما وضعت
له تشكيلة خاصــة به(3).
و انطلاقا
من هذا التمييز ، سنقسـم هذا الفرع إلى نقطتين أساسيتين كالآتــــي:
(1)Roger
perrot , institutions judiciaires , montchrestien , delta , 7 e édition , 1995
(2)Jean claude
soyer , O P . cit , P 414.
(3)- قدور علي ، بن دعاس فيصل ، كربال محمد، مولودي محمد ، لباز بومدين ،
رباط مراد ، مزالة سمير ، الحدث الجانح
و الحدث في خطر معنوي ، دراسة
مقارنة .مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ، السنة القضائية 2004 -2005 ص 36
- 10-
قــاضي الأحداث
أولا - تشكيـل
قسـم الأحـداث في حالـة الحـدث الجانــح: كل أقسام الأحداث سواء الكائنة بالمحاكم
العادية أو الكائنة بمحاكم مقار المجالس القضائية
تشترك في تشكـــيلة واحــدة ، حيث تنص المادة445من ق.إ.ج على أنه : "
يشكل قسم الأحداث من قاضـي الأحداث رئيسا و من قاضيين محلفـــين" .
يعين المحلفون الأصليون و الإحتياطيون لمدة ثلاثة أعوام
بقرار من وزير العدل ، و يختارون من بين الأشخاص من كلا الجنسين يبلغ عمرهم أكثر
من ثلاثين عاما ، جنسيتهم جزائرية و ممتازيــن باهتمامهم بشؤون الأحداث و بتخصصهم
و درايتهم بها.
و يؤدي المحلفون من أصليين واحتياطيين قبل قيامهم بمهام
وظيفتهم اليمين أمام المحكمة بأن يقوموا بحسن أداء مهام وظائفهم و أن يخلصوا في
عملهم و أن يحتفظوا بتقوى و إيمان بسير المـداولات
و يختار المحلفون سواء أكانوا أصليين أو احتياطيين من
جدول محرر بمعرفة لجنة تجتمع لدى كـل مجلس قضائي ، يعين تشكيلها و طريق عملها
بمرسوم"(1)
و في هذا المجال نشير إلى أن وزارة العدل حريصة على وجوب
إتمام تشكيلة قسم الأحداث حيث بعثت بالمذكرة رقم 05 المؤرخة في 12/06/1989 إلى
رؤساء المجالس القضائية ، و كذا النواب العامون للحرص على ذلك إلا أنه عمليا تعيين
هؤلاء المحلفين غير معمول به لأنه كان بصفة دورية كل 03 سنوات.
و قد تم إيجاد وسيلة لاحترام التشكيلة المشار إليها في
المادة 450 من ق.ا. ج المذكورة أعـلاه و
المتمثلة في تعيين أشخاص مباشرة من مصلحة الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح أو
مــن مراكز الأحداث ، و هؤلاء الأشخاص معروفين اجتماعيا و لهم دراية بشؤون الأحداث
و تربيتهم ، مما يجعل وجود شخصين مساعدين من ذوي الدراية بشؤون الأحداث ، يغني عن
عدم احتـرام النص القانوني 450 من ق.إ.ج و كذا المذكرة الوزارية أعلاه.(2).
(1) المرسوم
الذي أشارت إليه المادة 450 من ق.إ.ج فيما يخص اختيار المحلفين هو المرسوم رقم
66-173 المؤرخ في 08/06/1966 المتعلق بوضع قوائم المساعدين لدى محاكم الأحداث.
(2) قدور علي ، بن دعاس فيصل ، كربال محمد ، مولودي محمد ، لباز بومدين ،
رباط مراد ، مزالة سمير ، المرجع السابق ص 37و 36.
-11-
قـاضي الأحداث
نلاحظ من خلال
المادة 450 من ق.إ.ج المشار إليها أعلاه ، أن المشرع الجزائري نص علــى تشكيلة
وحيدة في جميع أقسام الأحداث ، سواء الناظرة في مواد الجنح أو الجنايات و يعود ذلك
إلى اعتبارات عدو منها:
- أن المشرع أخذ بالنظرة الجديدة لمفهوم الجنوح أي أن
محكمة الأحداث مؤسسة اجتماعية ، لا تهتم بخطورة الأفعال التي يرتكبها الحدث ، و
إنما تهتم بالمعيار الشخصي المتمثل في ظروف الحدث و في معالجته بوسائل تهذيبية لا
سيما و أن هذه التشكيلة ، من قاضي و مساعدين تكون أقـرب إلى مؤسسة اجتماعية منها
إلى هيئة قضائية .
- أن التدابير المتخذة من قبل هيئة المحكمة أو قسم
الأحداث تكون ذات طابع اجتماعي ووقائي و حمائي.(1)
- هذا عن تشكيل أقسام الأحداث ، على مستوى المحاكم
بنوعيها أما عن تشكيل غـــرف الأحداث على مستوى المجالس القضائية المشار إليها في
المادة 472 من ق.إ.ج و هذه الأخيـرة التي تنص على أنه : " بعهد إلى مستشار أو
أكثر من أعضاء المجلس القضائي بمهام المستشاريـن المندوبين لحماية الأحداث ، و ذلك
بقرار من وزير العدل".
و بالتالي يلاحظ أن غرفة الأحداث يرأسها قاضي برتبة
مستشار الذي يطلق عليـه تسميــة " مستشار مندوب للأحداث"و ليس رئيس غرفة
الأحداث"و الذي يساعده مستشارين من المجلس.
و بذلك يكون المشرع ، قد أصبغ على القاضي تسمية اجتماعية
بحتة ، أرادها من أجل رفع أي لبس بين اختصاص القاضي في تسليط عقوبة معينة ، و بين
المستشار المندوب لحماية الأحداث و الذي يخول له أيضا جميع الصلاحيات المنوطة
بقاضي الأحداث لا سيما المواد 456، 455 مـن ق.إ.ج(2)
و هكذا نصل الى أن جلسات غرفة الأحداث ، تتشكل من
المستشار المندوب بالإضافة إلـــى مستشارين مساعدين بالمجلس القضائي ، بحضور
النيابة العامة ، و كاتب الضبط حسب نص المادة 473/أخيرة من ق.إ.ج.
(1)-زهرة شعبان ، تقرير التدريب الميداني لدى محكمة و مجلس قضاء مستغانم
الدفعة 6 ، المعهد الوطني للقضاء ، 1996 ، ص 161.
(2)-زهرة شعبان ، المرجع السابق ، ص 162.
- 12-
قـاضي الأحداث
إن ما سبق ذكره يخص الحدث الجانح ، لكن ما دام المشرع
الجزائري و على خلاف بعـــض التشريعات ، فإنه ميز بين الحدث الجانح و الحدث في خطر
معنوي ، أو ما عبرت عنه بعــض التشريعات العربية منها و الأوروبية بالحدث في خطورة
اجتماعية ، و جعل لكل صنف نصـوص قانونية و أحكام خاصة به ، و من ثمة سنتطرق إلى
تشكيل قسم الأحداث ، في حالة الحدث الذي فــي خطـــر معنــوي فــي الآتــــي :
ثانيــا : تشكيـل قسـم الأحـداث في حالـة خطـر معنـوي: للتمييز
بين الحدث الجانح و الحدث في خطر معنوي ، طبقا للتشريع الجزائري نقول بأنه يطبق
على الأول قانون الإجراءات الجزائية و على الثاني الأمر رقم 72-03 المتعلق بحماية
الطفولة و المراهقة ، و نتيجة لهذا الاختـلاف بين الحالتين من حيث النصوص
القانونية المطبقة عليهما ، فإنه بالضرورة تكون تشكيلة الجهــة القضائية الناظرة
في أمر الحدث في خطر معنوي أو المعرض للانحراف مختلفة عن تشكيلة الجهـة القضائية
التي تنظرفي أمر الحدث الجانح أو المنحرف و بذلك فإن الأمر 72-03 السالــف الذكر
في مادته 9/2 أشار على أن قاضي الأحداث ينظر في قضايا الأحداث الذين هم في خطر
معنوي في غرفة المشورة ، داخل مكتبه و دون حضور محلفين و بسرية.
و بالتالي فإن التمعن في هذا الإجراء ، يظهر الدور
التربوي و الوقائي لقاضي الأحداث بصفــة جلية و بارزة باعتباره قاضي حامي للأحداث
و ليس معاقب لهم (1)
و نخلص مما تقدم ، إلى أن قاضي الأحداث له خصوصيات تميزه
عن غيره من القضاة ، بما له من مهام في مجال تربية و إعادة إدماج الأحداث اجتماعيا
، لذلك فله علاقة وطيدة بالعديد مــن الأشخاص و المؤسسات التربوية للأحداث ، و هذا
ما سنتناوله من خلال المبحـث الموالــي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق