ماهية طلب الإحاطة

0
ماهية طلب الإحاطة.
الفرع الأول: مفهوم طلب الإحاطة:
طلب الإحاطة يوجه إلى الحكومة لإحاطتها علماً بأمرٍ له أهمية عامة أو عاجلة يعتقد مقدمه أن الوزير المختص لم يصل إلى علمه هذا الأمر([1]).
كما ذكر في معناه، أن العضو يطلب إحاطة الحكومة علماً بأمر قد تجهله، أو بمعنى آخر أن يحيط عضو البرلمان الحكومة بأمرٍ المفروض أنها لا تعلمه([2])، أو يريد أن يستحثها عليه.
ولذلك، فإن طلب الإحاطة يختلف عن السؤال اختلافاً جذرياً، كما سنرى فيما بعد ؛ إذ بينما يقصد في السؤال أن العضو يستعلم عن أمر يجهله وتعلمه الحكومة، فإن طلب الإحاطة على العكس، فالعضو هو الذي يعلم بالأمر، وأما الحكومة لا تعلم أو من المفروض أنها لا تعلمه.
فهدف طلب الإحاطة إذن، هو مؤازرة الحكومة على أداء مهامها، وتبصرتها بأمور قد يصعب عليها معرفتها؛ لتعدد أجهزتها، وتشعب مهامها مما قد يصعب معه معرفتها بمختلف جوانب الخلل في مرافقها، فالنائب أو العضو هنا يقوم بإحاطتها بما لم تحط به، وإخبارها بما لم تعلمه، حتى إذا أثيرت مسؤوليتها فيما بعد لا تعتذر بجهلها.
والطلب لا يفقد صفته كطلب إحاطة حتى لو ثبت علم الحكومة بالمشكلة التي يثيرها، لأن جهل الحكومة بالمشكلة محل الطلب ليس شرطاً لقبوله، كما أن علمها بها سلفاً ليس سبباً لرفضه، فالطلب إن فقد دوره في إخبار الحكومة بأمرٍ عاجل، فإنه لا يفقد أهميته في إحاطتها بواجبٍ عليها فعله، وحثها على لزوم التدخل لتأديته.
وفيما إذا كان الطلب قد تضمن أسئلة توجه إلى الوزير المختص، فهنا قد تنتفي في الطلب صفته كطلب إحاطة، إذ لابد من التفرقة بين حالتين، فإذا كانت هذه الأسئلة هي قوام الطلب فقد طلب الإحاطة صفته، وتحول إلى سؤال برلماني له ذات حكم هذه الأسئلة من حيث مناقشته مع الأسئلة، ولا يتمتع عندئذٍ بالميزة الإجرائية لطلبات الإحاطة، وهي مناقشتها قبل الأسئلة، نظراً لخطورة الأمور التي تثيرها، وهذا الامتياز الإجرائي غالباً ما يغري أعضاء المجلس على تقديم أسئلتهم في شكل طلب إحاطة؛ ليضمنوا مناقشتها في ذات مواقيت طلبات الإحاطة؛ لأن هذه الأخيرة تناقش في ذات جلسة التقدم بها طالما كانت تتعلق بأمور خطيرة ذات أهمية عاجلة، أو في الجلسة التالية لانقضاء إسبوع على إبلاغها إلى الوزير المختص إذا كانت تتعلق بمسائل ذات أهمية عاجلة فحسب([3]).
ولعل هذا ما دفع البعض إلى المطالبة بوضع معايير ثابتة للتمييز بين طلب الإحاطة والسؤال؛ حتى لا يساء استخدام الميزة الإجرائية لطلبات الإحاطة.
أما إذا كانت هذه الأسئلة أمراً عارضاً استوجبه حسن العرض أو اقتضته طبيعة طرح الموضوع؛ فلا تأثير لهذه الأسئلة التي يثيرها طلب الإحاطة على طبيعته أو صفته كطلب إحاطة، إذ أنها تثار عرضاً، وتستوجبها مقتضيات طرحه ومناقشة موضوعه([4]).
الفرع الثاني: مدى دستورية طلب الإحاطة:
الدستور المصري نص على الأسئلة والاستجوابات وطرح موضوع عام للمناقشة وإبداء الرغبات في موضوعات عامة وتشكيل لجان لتقصي الحقائق، وطلبات الإحاطة أشارت إليها اللائحة الداخلية لمجلس الشعب وأوردتها ضمن الباب المخصص لوسائل وإجراءات الرقابة البرلمانية.
لهذا السبب، اتجه البعض([5]) إلى عدم دستورية طلبات الإحاطة، لأن الدستور قد حدد وسائل الرقابة البرلمانية، ولو كان المشرع يقصد أي طريقة أخرى لنص عليها. كما أن في ذلك تعديلاً للدستور دون اتباع الإجراءات النظامية.
وفي المقابل، فإن البعض الآخر([6]) – وهو ما نؤيده – يرى أن في قبول ذلك الرأي تجاهل لسياسة المشرع الدستوري في ذكر وسائل الرقابة البرلمانية، وهي التي قد جمعت بين الإجمال والتفصيل، فما ورد مفصلاً لم يكن إلا على سبيل التمثيل لا الحصر، وبالتالي فإنه قد قصد الإجمال ليشمل كل الوسائل التي تكفل الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، ما كان معروفاً اليوم، وما يكشف عنه الغد، والمادة (86) من ذات الدستور المصري جاءت لتشمل كل ما عدا المنصوص عليها، حيث نصت على أن "يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع .. كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية"، فدلت بعموم لفظها على دستورية كل الوسائل التي تمكن المجلس من ممارسة اختصاصه الرقابي، ولعل الدور الرقابي لطلبات الإحاطة يجعلها على رأس هذه الوسائل، كما لا يفوت القول بأن وسائل الرقابة البرلمانية في الأصل لا تستمد وجودها من الدستور، وإنما من طبيعة النظام البرلماني ذاته، حيث يعترف ضمناً للبرلمان بأن يقرر من الوسائل ما يراه مناسباً لتأدية دوره الرقابي.





([1]) سامي عبدالصادق. أصول الممارسة البرلمانية، جـ 153، القاهرة، مطابع الهيئة المصرية للكتاب، 1982م، ص 379.
([2]) د. رمضان محمد بطيخ. المرجع السابق، ص 117.
([3]) المادة (195) من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري.
([4]) د. محمد باهي أبو يونس. مرجع سابق، ص 43 وما بعدها.
([5]) أنظر مثلاً: د. فتحي فكري. وجيز القانون البرلماني في مصر، القاهرة، دار النهضة العربية، 2003م، ص 480.
                  د. زين بدر فراج. السؤال كوسيلة من وسائل الرقابة البرلمانية، القاهرة، دار النهضة العربية، 1991م، ص 24.
([6]) أنظر مثلاً: د. سليمان الطماوي. مبادئ القانون الدستوري، القاهرة، دار الفكر العربي، ط1، ص 311.
                 د. محمد باهي أبو يونس. مرجع سابق، ص 45.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه