مقومات التحقيق البرلماني

0
مقومات التحقيق البرلماني.
كغيره من التحقيقات الأخرى، قوام التحقيق البرلماني أربعة أمور هي:
جهاز يتولاه، وموضوع ينصب عليه، وسلطات لازمة لحسن أدائه، وعلانية لجلساته. وهذه جميعها تتمثل في لجنة التحقيق وموضوع التحقيق، وسلطات التحقيق، وعلانية التحقيق.
الفرع الأول: لجنة التحقيق البرلماني:
أعطت بعض اللوائح([1]) للمجلس الخيار بين أن يعهد بالتحقيق إلى لجنة خاصة يكونها أو أن يكلف به إحدى لجانه إذا رأى أن ذاتية تخصصها أو طبيعة الموضوع المراد التحقيق فيه، لا تقتضي تكوين لجنة تحقيق خاصة.
وبعض اللوائح([2])، جعلت للمجلس الخيار بين أن يكون لجنة تحقيق خاصة أو يندب عضواً أو أكثر من أعضائه للقيام بتلك المهمة، وعلى ذلك فهي لا تعهد بتلك المهمة إلى إحدى لجانه الدائمة أو المتخصصة، حيث يأتي النص صريحاً بذلك.
ووفقاً للنظام المصري([3])، يتم تكوين لجنة التحقيق أو لجنة تقصي الحقائق من أعضاء المجلس بقرار من المجلس يصدر بناء على ترشيح رئيسه، على أن يلتزم الرئيس في الترشيح بأمرين:
أولهما: الخبرة والتخصص فيمن يقع عليهم الاختيار بالموضوعات التي يجري التحقيق بشأنها، والآخر: أن يعكس الاختيار مختلف الاتجاهات السياسية داخل المجلس، بمعنى أن يراعى تمثيل الهيئات البرلمانية لأحزاب المعارضة والمستقلين، إذا كان عددهم لا يقل عن عشرة أعضاء. وفي جميع الأحوال يجب ألا يقل عدد أعضاء اللجنة عن سبعة أعضاء، ولا يزيد على خمسة وعشرين عضواً. ويخضع تحديد هذا العدد، طبقاً لأهمية موضوع التحقيق.
وفي النظام الأردني، تتضح ممارسة هذا الحق عن طريق اللجان المكونة من أعضاء المجلس الواحد، فلمجلس الأعيان حق تكوين لجان لأغراض بعينها تنتهي مدتها بانتهاء المهمة التي أوكلت إليها. بالإضافة إلى ما للجنة الإدارية الخاصة بالمجلس من صلاحية النظر في الشكاوي والبيانات والبحث في الأمور التي لها صلة بالإدارة العامة وفي كل ما يطلب إليها البحث فيه، وقد يكون من بين هذه المهام إجراء التحقيقات اللازمة في بعض الأمور الهامة التي لها علاقة بأعمال الحكومة.
كما أن لمجلس النواب تكوين لجان مؤقتة يرى أن الحاجة ماسة لتكوينها للنظر في بعض الموضوعات الهامة، حيث تنتهي مدتها بانتهاء المهمة الموكول إليها([4]).
الفرع الثاني: النطاق الموضوعي للتحقيق البرلماني:
يحدد موضوع التحقيق البرلماني وفقاً للرقابة البرلمانية ذاتها، ففي ضوء ذلك يجب أن تتوافر فيه الشروط الآتية:
أولاً: أن يرد على الأجهزة الإدارية، والمصالح والهيئات والمؤسسات العامة، أو الأشخاص الاعتبارية الخاصة شريطة أن تكون قائمة على إدارة مرفق عام.
كما يمكن أن يكون محلاً للتحقيق ما يدخل من أعمال تلك الجهات في نطاق الوظيفة الرقابية للبرلمان، حتى ولو كانت مما قامت به وزارة أو جهة إدارية سابقة، أو كانت مما وقع في عهد مجلس نيابي سابق.
ثانياً: ألا يجري التحقيق البرلماني في موضوع يكون محلاً لتحقيق قضائي. وهذا ما يفرضه استقلال السلطات، وما يرتبه من نتائج تحدد معالم العلاقة بين التحقيق القضائي والبرلماني، حيث يحظر تدخل أي سلطة بشأن من شؤون القضاء؛ وهذا ما هو مستقر عليه في التقاليد البرلمانية المتواترة التي تمنع المجلس النيابي من أن يجري تحقيقاً في ذات المسائل التي تتناولها سلطات التحقيق، أو تكون محلاً لنزاع معروض على المحاكم أو هيئات التحكيم، باعتبار هذه الأخيرة هيئة قضائية.
ثالثاً: ألا يكون الموضوع قد سبق التحقيق فيه .
فلا يجوز أن تكون لجنة للتحقيق في وقائع سبق تحقيقها، فذلك فيه إهدار لوقت المجلس، وإشغاله بما لا يفيد، إلا إذا كان لذلك ما يبرره، مثل أن تكون هناك وقائع أو أدلة جديدة لم تبصرها اللجنة السابقة، تستوجب إجراء تحقيق جديد بشأنها([5]).
الفرع الثالث: صلاحيات  لجان التحقيق البرلماني:
بالرغم من أن الدساتير قد نصت على بعض صلاحيات لجان التحقيق البرلماني كما ذكرنا في تمهيد هذا المبحث، إلا أن اللوائح الداخلية للمجالس النيابية هي كذلك أسهبت في توضيح صلاحيات لجان التحقيق في سبيل أداء مهامها، وهي
تلك المتعلقة بالوثائق والمستندات والأماكن والأشخاص.
أولاً: صلاحيات لجان التحقيق بشأن الوثائق والمستندات:
للجنة حق الاطلاع على وثائق الإدارة، والحصول على الصور اللازمة من مستنداتها، والكشف عن بياناتها الضرورية لأداء عملها، ولأهمية هذه فقد نص عليها المشرع في الدستور، فنص على أن للجنة – في سبيل القيام بمهمتها - أن تجمع ما تراه من الأدلة .. وعلى جميع الجهات التنفيذية والإدارية أن تستجيب إلى طلبها، وأن تضع تحت تصرفها لهذا الغرض ما تطلبه من وثائق ومستندات أو غير ذلك، وهو ما سبق أن بيناه بنص المواد كاملاً في التمهيد، وهو ذاته ما حرصت على النص عليه اللوائح([6]).
ثانياً: سلطات لجان التحقيق بشأن الأشخاص:
للجان التحقيق سلطة استدعاء كل شخص ترى ضرورة الاستماع إلى أقواله أو شهادته، وإذا تخلف الشهود عن الحضور أمام لجنة التحقيق – بعد إعلانهم بالطرق المقررة نظاماً – أو حضروا وامتنعوا عن الإجابة، أو شهدوا بغير الحق، يكون لرئيس اللجنة أن يطلب من رئيس المجلس مخاطبة وزير العدل بشأن اتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة لرفع الدعوى العمومية عليهم، طبقاً لقانوني الجزاء والإجراءات الجزائية. غير أنه ليس للجنة التحقيق في النظام الكويتي استدعاء الشهود جبراً، وإنما يتم ذلك بكتاب من رئيس المجلس، بناء على طلب رئيس لجنة التحقيق، بطريق البريد المسجل، أو السجل الخاص بمراسلات المجلس، وهذا على خلاف لائحة مجلس الشعب المصري التي لم تعترف للجنة التحقيق بأي سلطات من هذا القبيل، كما أنها لم تحدد جزاء يوقع حال امتناع رئيس الجهة محل التحقيق عن تقديم الوثائق التي تطلبها اللجنة، أو تخلف الشهود عن الحضور، أو الإدلاء بشهادة كاذبة، أو رفض حلف اليمين([7]).
وبما أن لجان التحقيق البرلماني ليست هيئة قضائية، فهذا يعني أنه ليس من اختصاصاتها كذلك الأمر بتفتيش البيوت أو أن تقرر المصادرة، أو إصدار مذكرات التوقيف. إذ تقتصر صلاحياتها على سماع شهادة الشهود فقط([8]).
ثالثاً: سلطات لجان التحقيق بشأن المكان:
ويتمثل ذلك في حق لجنة التحقيق في الانتقال إلى أي من الوحدات الإدارية أو الأماكن التابعة للجهة محل التحقيق، وإجراء المعاينات اللازمة، والقيام بالزيارات الميدانية التي يقتضيها التحقيق.
وفي جميع الأحوال، تكون نفقات الانتقال والزيارات الميدانية على المجلس النيابي التابعة له لجنة التحقيق حسب الأحوال([9]).
أما النظام الكويتي، فلم يشر في أي من نصوصه سواء الدستور أو اللائحة، إلى حق اللجان في إجراء زيارات ميدانية. فقد أوجب على الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات والوثائق والبيانات المطلوبة، إلا أنه وقف عند ذلك ولم يتعده إلى التقرير بالحق في إجراء زيارات ميدانية([10]).





([1]) المادة (218) من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري.
([2]) المادة (147) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي.
([3]) المادة (219) من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري.
([4]) د. خالد سمارة الزغبي. مرجع سابق، ص 117.
([5]) د. محمد باهي أبو يونس. مرجع سابق، ص 112 وما بعدها.
     د. زهير المظفر. مرجع سابق، ص 213.
([6]) المادة (220) من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري.
      المادة (147) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الكويتي.
([7]) د. محمد باهي أبو يونس. مرجع سابق، ص 117.
([8]) د. قائد محمد طربوش. مرجع سابق، ص 379.
([9]) المادة (220) من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب المصري.
([10]) د. هشام محمد البدري. لجان التحقيق البرلمانية، المنصورة، دار الفكر والقانون، ط 1، 2003م، ص 167.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه