الصداق في القانون الجزائري

0
تناول المشرع الجزائري في الفصل الأول الخطبة و الزواج تحت عنوان
أركان الزواج ،ونص بالمادة التاسعة عن الصداق و عده ركنا بقوله: "يتم عقد الزواج
برضا الزوجين و بولي و شاهدين و صداق " ولو نرجع لمفهوم الركن في الإصطلاح فهو
ما يقوم هذا الشيء و لا تتحقق ماهيته إلا به، لكونه جزءا منه فهو ما يتوقف عليه
وجود الشيء ( 1) . و بإعتماد المشرع على ركنية الصداق إستلزم من جهة عدم إنعقاد العقدبدونه ، ومن جهة أخرى الفسخ سواءا تم الدخول أو لم يتم ، و قد ذهب إلى ما ذهب إليه
الفقه المالكي إلا أنه تناقض مع ما سار إليه في هذا الإتجاه عندما نص في المادة 33 بأن
: " إذا تم الزواج بدون ولي أو شاهدين أو صداق يفسخ قبل الدخول و لا صداق فيه، و
يثبت بعد الدخول بصداق المثل إذا إختل ركن واحد و يبطل إذا إختل أكثر من ركن
واحد " فالناظر لهذه النصوص يرى كأن المشرع لم يرد التأكيد على ركنية الصداق و
الإستمرار بل سار إلى ما سار عليه الرأي الثاني

1)  الدكتور عبد العزيز عامر  الأحوال الشخصية في الشريعة الإسلامية فقها و قضاءا  الزواج ، دار الفكر )
. العربي الطبعة الأولى 1984 الصفحة 30
من مالكية و غيرهم إذ أن الصداق لا يتوقف عليه العقد بدليل صحته ،و ذلك لصحة نكاح
التفويض بالإجماع ، فقالوا إن كان لابد منه ، فيكون شرطا في صحة النكاح لأن
صحته تستلزم أن يتم بصداق حتى أنه إذا لم يذكر عند العقد فلابد من ذكره عند الدخول
.
فنجد المشرع بأنه تناقض في ترتيب أحكام الصداق ، لأننا لو نناقش خلفية
المواد : نجده بداءة تشدد لما رآه في سلوك الناس من قلة و التحايل الوازع الديني
فأعطى المهر صفة الركنية من جهة ، ثم راعى من جهة أخرى ظاهرة تفكك الأسر و
تشرد الأولاد و تحطيم ما سعى إليه الزوجان فأقر بصحته و أكد على إستمراريته و بقائه
، لكن لما نناقش المنطق قانونيا نجد تناقض في صياغة المواد، إذ أن المشرع بإعتباره
للصداق ركن من عقد الزواج في المادة 09 من قانون الأسرة يعد قد أوقع نفسه في
إشكال بنصه في المادة 14 على أن الصداق ملك للزوجة تتصرف فيه كما تشاء كأن تتنازل
عنه مثلا بإعتباره حقا خالصا لها ، و هذا ما لا يتناسب و مفهوم القواعد العامة لأركانالعقود إذ لا يجوز التنازل عنها تحت طائلة البطلان المطلق إنعدام العقد و عدم إستقامته
إلا بتوافر أركانه مجتمعة ، إلا أنه جاء في المادة 33 و إستدرك الأمر .
و من هذا كله فالمشرع بنصوصه تلك أراد الجمع بين الأراء فاعتبره ركنا و
لكن ذو طبيعة خاصة ، فلو علم أمره و تبين حاله قبل الدخول فسخ العقد و إن لم يتبين
أمره حتى تم الدخول نفذ و إستمر بصداق المثل . و لكن هذا الحكم لا يتماشى مع
المقصود من الركن كما سبق و أن بينا ولا ينطبق عليه من حيث الأثر( 1) لذا كان
الأولى بالمشرع أن يأخذ بما قاله جمهور الفقهاء من حنفية و حنابلة و شافعية و الراجح
عند المالكية كما بيناه أعلاه من أن الصداق ليس ركنا و لقد ذهب الحنفية و بعض
الحنابلة إلى أبعد من ذلك حيث قالوا أن النكاح يعد صحيحا حتى و لو

1)  قانون الأسرة بين جدوى التغيير و ضرورة التعديل  لبومعزة ليلى  مذكرة نهاية التربص لدى مجلس قضاء )
. عنابة ، الدفعة العاشرة الصفحة 08
إشترط أن لا مهر لها خلافا لما قاله المالكية ، أما الشافعية و الحنابلة فلقد ذهبوا إلى أنه
يستحب ذكره عند العقد فإن تركه الإنسان وأهمله لا يبطل العقد و إن عد مكروها.
و

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه