ملخص بحث الدكثورة دفع المسؤولية المدنية وتطبيقاتها القضائية في القانون السعودي

1
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء ، وإمام المرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... أما بعد :-
فإنه لما يسر الله لي الالتحاق ببرنامج الدكتوراه بالمعهد العالي للقضاء ، وكان من بين المقررات الجديدة التي لم يسبق التطرق لها بالبحث والدراسة في مرحلة الماجستير ، مقرر المسؤولية المدنية ، ولا غرو في إدراجه ضمن مقررات برنامج الدكتوراه ، التي تُعنى بالجدّة ومواكبة حاجة المجتمع ، وإطلاع الطالب على المواضيع التي تعرض في الساحة ، لتكوّن لديه الأصول العلمية ، والقاسم المشترك الذي يرجع إليه في معرفة النوازل ، والاستدلال عليها . إذ أن أصول هذا الموضوع ومبانيه مستقرة منذ زمن ، وإنما تتأكد الحاجة لإيجاد بحوث مستقلة ، تصطبغ بالصبغة الشرعية تأصيلاً ، والصبغة النظامية تطبيقاً ، وتأخذ من التطبيقات القضائية تنزيلاً على الواقع ، خاصة أنه بالتأمل في مفردات هذا الموضوع ، لم أجد من تعرض من الباحثين لموضوع دفع المسؤولية المدنية ، على غرار البحوث التي عُنيت بالحديث عن دفع المسؤولية الجنائية ، أو ما يسمى بـ " موانع المسؤولية الجنائية "، ولذا كانت الحاجة متحققة لإفراد هذا الموضع في بحث مستقل ، لتسليط الضوء على ما سطره علماء الإسلام في ثنايا كتبهم الفقهية حول هذا الموضوع ، وما ورد في النظام السعودي مما يدور في فلك هذا العنوان ، فوقع اختياري - بعد دراستي لهذا الموضع في المرحلة المنهجية ومشاورة المختصين – على أن يكون عنوان أطروحتي لنيل درجة الدكتوراه " دفع المسؤولية المدنية وتطبيقاتها القضائية " . فيسر الله لي الموافقة على هذا الموضوع ، وأن يسند الإشراف فيه ، لفضيلة شيخي الدكتور سعود بن محمد البشر ، وفقه الله لكل خير ، ومتعه بالصحة والعافية ، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة ، فكان ذلك من دواعي الغبطة ، لما يتميز به فضيلته من الخبرة الطويلة في الإشراف على الرسائل العلمية ، ومناقشتها ، مما يعطي بعداً آخر لهذا البحث ، فكان ذلك عزاءً لي بعد أن اخترمت المنية عمر مشرفي الأول ، أد. محمد محمد شتا أبو سعد : ، وغفر له ، ورفع درجته في المهديين ، وأوسع مدخله ، وبرد القبر عن جنبيه .
فعزمت في سبيل تحقيق هذه الغاية على تأصيل هذا الموضوع ، مبتدأ بالحديث عن مفهوم ما حواه العنوان من مصطلحات ، ثم معرجاً بعد ذلك على الحديث عن إثبات المسؤولية ، ثم نفيها من خلال أركانها الثلاثة ، وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما ، في ثلاثة أبواب ، ثم أعقبت ذلك بباب رابع أوردت فيه بعض التطبيقات القضائية ، لأنهي مواضيع هذا البحث بخاتمة تشتمل على أهم ما توصلت إليه من النتائج ، وفيما يلي أورد نبذة مختصرة للمواضيع التي تطرقت لها بالتفصيل والبيان ، مجملاً ذلك في النقاط التالية :
·  افتتحت البحث بفصل تمهيدي ، تحدثت فيه عن مفهوم دفع المسؤولية المدنية ، مبتدءًا بالحديث عن مفهوم الدفع في اللغة والاصطلاح مع بيان استخدامات الفقهاء لهذه الكلمة ، ثم ما قاله شراح الأنظمة حول هذا المصطلح .
·  لأنتقل بعد ذلك إلى بيان مفهوم المسؤولية المدنية ، معرفاً بمدلولي كلمتي المسؤولية والمدنية ، في اللغة والاصطلاح . ثم أعرج بعد ذلك على المدلول الذي يتحدث الفقهاء تحته عن مصطلح المسؤولية وهو الضمان معرفاً له في اللغة ، ومبيناً الاستعمالات الثلاثة عند الفقهاء لهذا المصطلح ، مدللاً لها قدر الإمكان ، مع تمييز القول الراجح فيها .
·  ثم أعقبت ذلك بالحديث عن أقسام المسؤولية المدنية ، من حيث انقسامها إلى عقدية وتقصيرية ، وبينت أوجه الاختلاف والتشابه بينهما ، معرجاً بعد ذلك على بيان مرادفات هذين النوعين من المسؤولية عند الفقهاء ، وهما ضمان العقد وضمان العدوان ، مع إيراد تعريف جامع لكل منهما .
·  لينتقل بي الحديث بعد ذلك إلى أركان المسؤولية المدنية الثلاثة التي لا تقوم إلا عليها ، ما خلا المسؤولية الموضوعية ( مسؤولية المباشر ) التي تقوم على ركن الضرر وحده ولو لم يكن ثم خطأ ، مبيناً بعد ذلك المصطلح الذي أستخدمه الفقهاء عند حديثهم عن هذه الأركان .
·  لأخرج بعد ذلك في تعريف دفع المسؤولية المدنية ، بأنها : " اتفاء المسؤولية رغم توافر شروطه ، وذلك لسبب من الأسباب ".
وفي تعريف الضمان بأنه : " إلزام بتعويض عن ضرر " .
·  ثم ابتدأ بالحديث عن جوهر هذا البحث ، مفتتحاً ذلك بالباب الأول الذي تحدثت فيه عن دفع المسؤولية المدنية من خلال نفي ركن الخطأ ، مبيناً المراد منه بذكر تعريفه في اللغة ، ثم تعريفه في الاصطلاح عند الفقهاء وعند شراح الأنظمة بالقدر الكافي لاستجلاء حقيقته ، مورداً في عقب ذلك المصطلح الذي استخدمه الفقهاء في التعبير عن الخطأ الذي هو ركن في المسؤولية المدنية ، وهو مصطلح التعدي ، وأشرت إلى تعريفه في اللغة ، ثم تعريفه في اصطلاح الفقهاء ، الذي هو " مخالفة الحد المأذون به " . لأخلص بعد ذلك إلى إبراز الدقة في التعبير الفقهي في استخدام مصطلح التعدي الذي لا يشترط فيه التكليف ، خلافاً لما يراه شراح الأنظمة في اشتراط توافر ركني الخطأ ، وهما : الانحراف عن السلوك المألوف (التعدي) ، مع مصاحبة الإدراك لذلك .
ولكون الحديث عن التعدي يستلزم الحديث عن المباشرة والتسبب ، وشرط ضمان المتسبب أهو التعدي أم التعمد ، بعد الاتفاق على أن أياً من ذلك ليس بشرط في المباشرة ، لنخلص بعد ذلك إلى ترجيح القول باشتراط التعدي في ضمان المتسبب ؛ لأن التعدي على الصحيح أعم من التعمد ، وهو ما يشمله الوضع اللغوي ، ويعبر عنه الاستعمال القرآني ، إذ أنه يشمل ما كان بقصد ، وما كان بغير قصد ، فيرتب على الأول الإثم دون الثاني .
·  بعد ذلك تحدثت عن تعريف الخطأ في النظام ، مبيناً تعريفه بوجه عام ، الذي هو في الفقه " العدول عن الجهة " ، وفي النظام هو " الإخلال بواجب سابق ، مقترن بالإدراك ".
ثم تعريفه باعتبار نوعي المسؤولية ، أي العقدية والتقصيرية . مشيراً إلى المعيار الذي يقاس به الخطأ ، وهو المعيار الموضوعي ، الذي لا ينظر فيه إلى شخصية المخطئ .
·  ثم تحدثت عن الخطأ في المسؤولية القائمة على الخطأ الشخصي ، وضرورة وجود ذلك في الفقه ، لقيام المسؤولية الشخصية ، سواء عن الأضرار البدنية أو المالية . وكذا في النظام ، مدعماً ذلك بجملة من التطبيقات النظامية والقضائية .
·  وتحدثت في المسؤولية عن الغير والأشياء عن الأساس الذي يقوم عليه هذا النوع من المسؤولية ، مورداً جملة من الأدلة التي تؤكد على مبدأ شخصية المسؤولية ، وكذا الأدلة الدالة على مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ؛ لما أسند إليه من حق الرقابة والتوجيه ، مدعماً ذلك بجملة من أقوال أهل العلم ، مع إيراد بعض الأمثلة التي تقرر هذا المبدأ كمبدأ رئيس وليس استثناء يرد على مبدأ شخصية المسؤولية .
·  ففي المسؤولية عن الغير والتي تتمثل في مسؤولية متولي الرقابة ، إذ من المتفق عليه أن الضمان من قبيل خطاب الوضع الذي لا يشترط فيه العقل ولا التمييز ، وتأسيساً على ذلك فكل من يكون ملزماً بالقيام بأعمال الرقابة على شخص معين ، فإنه يتحمل تبعة النشاط الضار الذي يصدر ممن هو تحت الرقابة . متى ما توافر في ذلك شرطان ، هما : الأول : أن يتولى شخص الرقابة على آخر ، والثاني : أن يصدر عمل غير مشروع ممن هو تحت الرقابة يقع فيه الضرر على شخص آخر .
·  وفي مسؤولية المتبوع عن أعمال تابعه ، التي تقوم على خضوع التابع لأوامر المتبوع ، وسلطته في الرقابة والتوجيه ، ويستلزم قيامها توافر شرطين ، هما : الأول : وجود علاقة التبعية ، والثاني : أن يرتكب التابع خطأ في أثناء أو بسبب تأديته لمهام وظيفته أو بمناسبتها . وقد أوردت على ذلك بعض التطبيقات القضائية ، مدللاً لها ببعض الأدلة من قضاء النبي ع وبعض السلف .
·  بعد ذلك تحدثت عن الأشياء التي يشترط توافر الخطأ في المسؤولية عنها ، وهي الحيوان والبناء والأشياء التي تتطلب عناية خاصة في حراستها لخطورتها . والتي ترتكز المسؤولية عنها على توافر شرطين هما ، تسبب الشيء في إحداث الضرر ، وأن يكون تحت حراسة شخص معين ، حتى يمكن توجيه المسؤولية إليه .
·  ثم فصلت في المسؤولية عن فعل الحيوان ، وأن الأصل في المسؤولية أنها إنما توجه لمحل قابل لها وهو الإنسان ، إذ لا يمكن توجهها إلى الحيوان أو الجماد ، بل ذلك مدعاةٌ إلى ضياع الحقوق ، تحويل المجتمع إلى حالة من الفوضى ، وهذه المسؤولية إنما توجه لحارس الحيوان الذي تمكن السيطرة عليه ، أم ما لا تمكن السيطرة عليه كالنحل مثلاً فالراجح أنه لا مسؤولية على مالكه ؛ لعدم إمكان سيطرته عليه . ولا بد مع ذلك من وجود خطأ من حارس الحيوان .
·  وتحدثت في مسؤولية حارس البناء ، عن المراد بذلك ، وشروط هذه المسؤولية ، مدعماً ذلك بأمثلة فقهية تستجلي صورة المسألة وحقيقتها .
·  لأختم الحديث في المسؤولية عن الغير والأشياء بالحديث عن المسؤولية عن الأشياء التي تتطلب عناية خاصة في حراستها ، مورداً على ذلك جملة من الأدلة من السنة النبوية ، التي تبين مدى اهتمام علماء المسلمين بهذا النوع من المسؤولية على قدر الحاجة التي كانت تتطلبها مجتمعاتهم في ذلك الزمان .
·  بعد ذلك كان الحديث عن الخطأ في المسؤولية الموضوعية ، التي تقوم في أصلها على ركن الضرر وحده ، وإنما اشتراط وجود الخطأ ليس لإثبات المسؤولية ، وإنما ليتمكن المدعى عليه من نفيها ، وهو الذي يلزمه التحقق من ركن الخطأ وجوداً وعدماً ، وقد ختمت هذا البحث بإيراد تطبيق عملي من قضاء ديوان المظالم .
·  ثم انصب الحديث بعد ذلك على الحالات التي تنفى فيها المسؤولية بنفي ركن الخطأ ، مبتدءاً في ذلك بالدفاع الشرعي ، الذي هو " ردّ بقوة لازمة ومناسبة لاعتداء غير مشروع ، حالٍ أو على وشك الوقوع " ، مشيراً إلى المصطلح الذي يستخدمه الفقهاء في هذا الشأن ، وهو دفع الصائل ، الذي هو " الوثوب على معصوم بغير حق " ، لأبين بعد ذلك خصائص الدفاع الشرعي التي تميزه عن غيره ، ونظريتاه الشخصية ، والموضوعية التي رجحتها ؛ لاتصافها بالعموم والتجريد .
o  بعد ذلك تحدثت عن شروط اعتبار الدفاع الشرعي عذراً معفياً من المسؤولية المدنية ، مدللاً وممثلاً .
o  ثم تطرق الحديث بعد ذلك لمبدأ الدفاع ضد الدفاع الشرعي ، ومدى أحقية الصائل في الاستناد لهذا المبدأ .
o  لأختم بالحديث عن الأثر المترتب على الدفع بالدفاع الشرعي ، وهو انتفاء مسؤولية المدعى عليه ، حتى ولو كان المدفوع صبياً أو بهيمة على القول الراجح .
·  بعد ذلك كان الحديث عن الحالة الثانية التي تنفى بها المسؤولية المدنية ؛ لانتفاء ركن الخطأ ، وهي أمر الرئيس ، مبتدءاً بتعريفه في اللغة ثم في الاصطلاح الذي هو " طلب يوجهه الرئيس الإداري المباشـر للموظف ؛ من أجل القيام بعمل معين وتنفيذه ، خدمة للمصلحة العامة ، وأحياناً قد يطلب منه تنفيذ مهمة محددة تتطلبها ظروف العمل الإداري " ، ثم معرجاً بعد ذلك على ذكر شروطه الخمسة التي يؤدي توافرها لانتفاء مسؤولية المدعى عليه ، كما بينت الحالات الست التي ذكرها الفقهاء ، والتي تكون المسؤولية فيها على الآمر دون المأمور .
·  ثم كان الحديث عن الحالة الثالثة التي تنفى فيها مسؤولية المدعى عليه ، وهي حالة الضرورة ، معرّفاً لها في اللغة ، ثم في الاصطلاح ، بأنها : " حالة يضطر فيها الشخص إلى إيقاع الضرر بالغير ؛ حماية لإحدى الضروريات الخمس ، دون أن يكون للمضرور دخل في وجـود هذه الحالة ". ثم ذكرت شروطها ، مورداً على ذلك جملة من الأدلة والتطبيقات العملية ، معقب ذلك بذكر الأثر المترتب على توافر شروط حالة الضرورة ، وهو انتفاء مسؤولية المدعى عليه .
·  بعد ذلك تحدثت عن الحالة الرابعة التي تنفى فيها مسؤولية المدعى عليه ، وهي استعمال الحق ، مبيناً مكانة الحق في الإسلام ، ومعرفاً له في اللغة والاصطلاح ، بأنه : " اختصاص يقرر به الشرع سلطة أو تكليفاً " ، مع ذكر استعمالات الفقهاء له ، والشروط التي يلزم توافرها للاستناد إلى استعمال الحق كعذر في نفي المسؤولية المدنية للمدعى عليه . مبيناً القول الراجح في تصرف الإنسان في ملكه ، وأن ذلك مقيد بأن لا يؤدي ذلك التصرف إلى الإضرار بالغير ، اعتباراً بالمآل .
o    كما تحدثت عن عدم ضمان منفذ الحد ، ومثله منفذ التعزير على القول الراجح .
o  وأما تأديب الزوج فلا بد لانتفاء المسؤولية عنه ، أن يكون المراد به التأديب ، وأن تتجنب فيه مواطن الزينة ، وأن يكون لذلك فائدة .
o    وتأديب الدابة لا ضمان فيه إن لم يكن ثمة تعدٍ .
·  بعد ذلك كان الحديث عن الحالة الخامسة لدفع المسؤولية المدنية بنفي ركن الخطأ وهي إذن المالك ومن في حكمه ، مبينا تعريف ذلك في اللغة والاصطلاح ، الذي هو : " إذن من أثبت له الشارع القدرة على التصرف ابتداءً " ، ثم ذكرت شروطه التي يلزم توافرها للإعفاء من المسؤولية ، وأثر الإجازة اللاحقة على مسؤولية المدعى عليه .
·  وفي الباب الثاني الذي كان الحديث فيه منصباً على ركن الضرر ، تحدثت عن مفهوم الضرر معرفاً له في اللغة ولاصطلاح ، الذي هو : " مفسدة تلحق بالغير " ، ثم بينت قسميه المادي والأدبي ، مع ذكر شروطهما . مشيراً إلى نوعي الضرر الأدبي ، وهما ما كان ذو أصل مادي ، وما كان محضاً لا يتصل بضرر مادي ، ثم من له الحق في المطالبة بالتعويض عن الضرر الأدبي إذا تعذر على المتضرر المطالبة به .
·  بعد ذلك كان الحديث عن حالات نفي الضرر ، ببيان أحكام نفي الضرر في المسؤولية الخطئية ، التقصيرية والعقدية ، وكذا المسؤولية عن الغير والأشياء ، ثم نفي الضرر في المسؤولية الموضوعية العقدية والتقصيرية ، مورداً على ذلك بعض التطبيقات القضائية ؛ لاستيضاح صورة المسألة ، والوقوف على المقصود بها .
·  وفي الباب الثالث من البحث كان الحديث عن دفع المسؤولية بقطع رابطة السببية ، مبيناً في ذلك مفهوم هذه الرابطة ، بذكر تعريفها في اللغة والاصطلاح ، الذي هو : " ارتباط الضرر بالخطأ " ، مشيراً إلى المصطلح الذي استخدمه الفقهاء في التعبير عنها وهو الإفضاء ، معرفاً له في اللغة والاصطلاح ، والذي يعرف بـ: " أن يكون الفعل موصلاً إلى نتيجة لا تتخلف عنه " ، مبيناً بعد ذلك شروط اعتباره في الضمان ، ثم معرجاً على الحديث عن المباشرة ، التي هي : " إيجاد علة التلف " ، والتسبب ، الذي يمكن تعريفه بأنه : " ما يفضي إلى التلف بواسطة " ، مع بيان حالات اجتماع المباشرة والتسبب ، التي تغلب فيها المباشرة على التسبب باعتبار الأصل ، ثم ما يرد على ذلك من المستثنيات .
·  بعد ذلك كان الحديث عن حالات قطع رابطة السببية مبتدءاً بالأولى منها وهي القوة القاهرة ، معرفاً لها في اللغة والاصطلاح ، الذي هو : " حادث غير متوقع ، ولا يمكن دفعه ، ولا يعزى إلى المدين " . مشيراً إلى المصطلح الذي استخدمه الفقهاء في التعبير عنها وهو مصطلح الآفة السماوية أو الجائحة ، التي هي : " كل آفة لا صنع للآدمي فيها " ، ثم مبيناً نوعيها ، وهما ما للآدمي فيه دخل ، وما ليس له دخل فيه ، مورداً أقوال العلماء في ذلك ، مع التدليل والتمثيل قدر الإمكان ، بما يتطلبه المقام .
·  ثم بعد ذلك كان الحديث عن شروط القوة القاهرة ، بأن تكون خارجية ، لا يمكن توقعها ، ولا دفعها ، حاشداً في ذلك جملة من الأمثلة الفقهية ، والنظامية ، مع ذكر جملة من التطبيقات القضائية ، لأبين بعد ذلك الأثر المترتب على الدفع بعذر القوة القاهرة .
·  ثم كان الحديث عن الحالة الثانية التي تقطع بها رابطة السببية ، وهي فعل المضرور ، مبيناً مفهوم ، وقسميه الخاطئ وغير الخاطئ ، وصورتاه المستغرق والمشترك ، مع ذكر حكم كل صورة منهما ، مورداً على ذلك جملة من الأمثلة الفقهية والنظامية ، والتطبيقات القضائية التي تبين الأثر الذي يرتبه فعل المضرور الخاطئ على مسؤولية المدعى عليه ، وحكم رضى المضرور بإيقاع الضرر عليه ، والشروط المعتبرة لاعتبار الرضى عذراً معفياً من المسؤولية .
·  بعد ذلك كان الحديث عن الحالة الثانية التي تقطع رابطة السببية ، وهي فعل الآخرين ، مبيناً مفهومه ، وصورتيه المستغرق والمشترك ، مع بيان  حكم كل صورة ، والأثر المترتب على الدفع بفعل الآخرين على مسؤولية المدعى عليه .
·  وفي الباب الرابع والأخير تطبيقات قضائية على دفع المسؤولية المدنية ، وهي تطبيقات عملية تعطي للبحث بعداً آخر ، يتمثل في تنزيل مسائل هذا البحث على الواقع العملي ، مقتصراً في إيراد التطبيقات على المسؤولية الطبية الحديثة ، وحوادث السيارات ؛ لكثرة المنازعات التي تنشأ عن ذلك ، مبتدأ بذكر أهمية البحث في المسؤولية الطبية الحديثة ، ومعرفاً لها ، وذاكراً لخصائصها ، معقباً ذلك بإيراد ثلاثة تطبيقات على نفي أركانها الثلاثة ، وهي الخطأ والضرر ورابطة السببية .
·  لينتقل الحديث بعد ذلك إلى التطبيقات القضائية على حوادث السيارات ، من خلال بيان أهمية الحديث عنها ، وتعريفها ، مع ذكر تطبيقين لنفي  ركن الضرر ، ونفي ركن رابطة السببية .
·  ثم ختمت البحث بخاتمة أجملت فيها أبرز النقاط التي تعرضت لها في ثنايا البحث ، ثم ذيلت ذلك بالفهارس العلمية .
وختاماً فهذا جهد المقل ، لا أدعي فيـه الكمال ، وحسبي أني سددت وقاربت ، وجهِدت أن أخرجه في هذه الصورة الحسنة ، فإن يكن صواباً فمن الله فضلاً ومنّه ، وإن يكن سوى ذلك فمن نفسي والشيطان ، وأستغفر الله .
والله أسأل أن يتقبل هذا العمل ، وأن يجعله خالصاً لوجهه ، وأن يجعله فاتحة خير لي . والحمد لله أولاً وآخراً ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .


                                        الباحث

التعليقات

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه