حصانة الرؤساء المقررة بموجب التشريع الداخلي

0
الحصانة المقررة بموجب التشريع الداخلي
تنص الدساتير في كثير من الدول على اعفاء بعض الاشخاص من المسؤولية المترتبة على افعالهم، لاعتبارات يرجعها غالباً الى (( مقتضيات المصلحة العامة)) مما يترتب عليه انه لا يمكن محاكمة هؤلاء على أي جريمة قد يرتكبونها على اقليم الدولة لعدم خضوعهم الى الاختصاص القانوني والقضائي فيها.
ومن ذلك ما جاء في الدستور الفرنسي الصادر عام 1958 في المادة 68 منه والتي كفل فيها حصانة مطلقة لرئيس الجمهورية فيما يتصل بالاعمال التي يقوم بها اثناء إدائه لواجباته إلا في حالة الخيانة العضمى ووفقاً لأليات محددة.
كذلك تنص المادة 88 من الدستور البلجيكي على ان يتمتع الملك بحصانة مطلقة تشمل كافة تصرفاته خلال اداء وظائفه كما قرر الدستور البلجيكي في المواد 58 و 120 منه حصانة أعضاء البرلمان وعدم جواز ملاحقتهم بسبب تصويتهم أو الآراء التي يبدونها خلال ادائهم لمهام وظائفهم.
وقد فسر مجلس الدولة في بلجيكا بان انعدام المسؤولية وفقاً لهذا النص يستتبع تعليقاً عاماً ومستمراً لقواعد القانون الجنائي والمسؤولية المدنية ازاء كافة الاعمال التي يقوم بها عضو مجلس النواب او الشيوخ خلال ممارسته لمهام منصبه والتي قد تتضمن انتهاكات وجرائم خطيرة. ([1])
اما في العراق فقد نص الدستور العراقي المؤقت لعام 1970 على تمتع رئيس مجلس قيادة الثورة، ونائب رئيس مجلس قيادة الثورة واعضاء المجلس بالحصانة التامة تجاه قانون العقوبات.
وفي ذلك جاءفي المادة ( 40 ) من الدستور (( يتمتع رئيس مجلس قيادة الثورة ونائبه والاعضاء بحصانة تامة، ولا يجوز اتخاذ أي اجراء بحق أي منهم الا بأذن مسبق من المجلس )).
في حين استثنت المادة (45) من الدستور ذاته من نص المادة السابقة، مسؤولية رئيس ونائب رئيس واعضاء مجلس قيادة الثورة امام المجلس، عن خرق الدستور أو عن الحنث بموجبات اليمين الدستورية او عن أي عمل او تصرف يراه المجلس مخلاً بشرف المسؤولية التي يمارسها، ويكون ذلك طبقاً لقواعد يضعها المجلس حول تشكيل المحكمة والاجراءات الواجب اتباعها.
كما منحت المادة (50) من الدستور ذاته اعضاء المجلس الوطني حصانة تجاه قانون العقوبات بالنسبة الى الجرائم الناتجة عما يبدونه من آراء ومقترحات اثناء ممارستهم مهام وظائفهم، كما لا يجوز ملاحقة أي عضو من اعضاء هذا المجلس أو القاء القبض عليه عن أي جريمة ارتكبها اثناء دورات الانعقاد بدون اذن من المجلس، ما لم يرتكب العضو جريمة من نوع الجنايات ويضبط متلبساً بارتكابها. 
اما في ظل الدستور العراقي الصادر عام 2005 فلم نجد ما يشير الى حصانة رئيس الجمهورية من احكام القانون الجنائي العراقي ولعل ذلك عائد الى الصلاحيات المحدودة التي يتمتع بها في ظل النظام البرلماني الجديد، غير ان المشرع الدستوري قد افرد اجراءات خاصة لمسائلة الرئيس واعفائه من منصبه من خلال مجلس النواب اذا ما ثبتت ادانته من المحكمة الاتحادية العليا في احد الجرائم الاتية (الحنث باليمين الدستورية انتهاك الدستور. الخيانة العضمى). (المادة 58 / سادساً).
ونرى ان في ذلك نقص تشريعي يتمثل في عدم تحديد المركز القانوني لرئيس الدولة,
 فما سيكون عليه الحال في حالة ارتكاب الرئيس جناية لا تدخل في ضمن الحالات الثلاث السابقة، هل سيستمر في ادائه عمله ويتمتع بالحصانة ام يعامل معاملة المواطن العادي وفي الحالتين يجب ايراد نص بذلك.
ونرى من جانبنا عموما ان مسؤولية الرئيس عن الحالات الوادرة في المادة 58 من الدستور هي مسؤولية سياسية، يترتب على ثبوت ارتكابها اعفائه من منصبه، اما اذا ارتكب جريمة اخرى فليس في الدستور ما يمنع من مسائلته امام القضاء الجنائي الداخلي، واذا ما ترتب على ايقاع العقوبة بحقه عن تلك الجرائم تعذر ادائه وظيفته فأنه يتم اعمال النص الدستوري القاضي بانتخاب رئيس جديد لاكمال المدة المتبقية من ولاية الرئيس وفقاً لاحكام الدستور.
اما فيما يخص اعضاء مجلس النواب، فقد نصت المادة (60) من الدستور على تمتع عضو مجلس النواب بالحصانة عما يدلي به من آراء في اثناء دورة انعقاد المجلس، ومنعت مقاضاته امام المحاكم بهذا الخصوص.
كما منع هذا النص القضاء من القبض على عضو المجلس خلال مدة الفصل التشريعي الا اذا كان متهماً بجناية، وبموافقة الاعضاء بالاغلبية المطلقة على رفع الحصانة عنه، أو اذا ضبط متلبساً بالجرم المشهودة في جناية.
اما خارج الفصل التشريعي فلا يجوز القاء القبض على عضو مجلس النواب الا اذا كان متهماً بجناية، وبموافقة رئيس مجلس النواب على رفع الحصانة عنه، أو اذا ما ضبط متلبساً بالجرم المشهود في جناية.







([1])  - شريف عتلم – المحكمة الجنائية الدولية الموائمات الدستورية والتشريعية – 2004 – ص 300 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه