سلطات
قاضي التحقيق
يتمتع قاضي التحقيق
بسلطات واسعة مما جعل نابليون الأول يقول عنه في وقته أنه أقوى رجل في دائرة
اختصاصه ، في حين قال عنه الكاتب " بالزاك BALZAC " لأنه أقوى رجل في فرسنا ، حين قال أن
قاضي التحقيق يجمع في وظيفته بين صفتين ، صفة المحقق و صفة القاضي ، و لهذا السبب
خصه المشرع بنوعين من السلطات : سلطاته كمحقق ، و سلطاته القضائية .
المطلب
الأول : سلطاته كمحقق
تنقسم هذه السلطات
إلى فئتين ، سلطات يمارسها قاضي التحقيق بنفسه ، و سلطات يمارسها القاضي في أربع
أنواع :
- سماع بعض الأشخاص .
– المعاينات المادية
.
– التفتيش و الحجز .
– إصدار الأوامر
القسرية .
1 – سماع الأشخاص :
لقاضي التحقيق الحق
في سماع بعض الأشخاص و هم :
- المتهم – المدعي
المدني – الشهود .
و يخضع سماع كل فئة
من هؤلاء الأشخاص إلى إجراءات و شكليات خاصة .
و إذا كان الأمر يخص
المدعي المدني و الشهود يكون سماعهم في محضر سماع، أما إذا الأمر يتعلق بالمتهم
فيتمن سماعه في محضر استجواب . ([1])
استجواب المتهم :
يتم استجواب المتهم على
مرحلتين :
- عند حضور المتهم
أول مرة أمام قاضي التحقيق حيث يتم التعرف على هويته وإحاطته علما بالوقائع .
- أثناء سير التحقيق
، حيث يقوم قاضي التحقيق باستجواب المتهم في الموضوع فيوجه له أسئلة و يتلقى
أجوبته حول وقائع أو مستندات في إجراءات الموضوع التي تساق إليه دليلا و مواجهته
بها ليقول كلمته فيها .
و
الأصل أن استجواب المتهم في الموضوع مرة واحدة على الأقل ، غير أنه من الجائز أن
يتم استجوابه أكثر من مرة يجوز لقاضي التحقيق إجراء استجواب إجمالي .
كما
يجوز له أيضا استجواب المتهم عند المواجهة بحيث يعد هذا الأخير إجراءا جوهريا لا
بد منه ، بحيث لا يمكن لقاضي التحقيق إغلاق التحقيق دون استجواب المتهم و لو لمرة
واحدة ، ما لم يصدر أمرا بانتفاء وجه الدعوى أو كان المتهم في حالة فرار .
و
نجد أن الاستجواب الأول للمتهم يعتبر سؤالا للمتهم و ليس استجوابا ، بحيث يخضع
الاستجواب لإجراءات شكلية أوردتها المادة ( 100 من ق.إ.ج ) فيتعين على قاضي
التحقيق اتباعها تحت طائلة البطلان و هي كالآتي :
أ – إعلام المتهم
بالوقائع المنسوبة إليه :
يعد
إجراءا أساسيا ، حيث يجسد اتهام الشخص محل المتابعة و من ثم فهو إجراء يترتب عليه
البطلان لعدم الالتزام بها ، و لا بأس أن يعلم القاضي المتهم بالوصف القانوني
للوقائع .
ب – تنبيه المتهم
بحقه في عدم الإدلاء بأي تصريح :
يعد
هذا التنبيه إجراء جوهريا يترتب عن عدم مراعاته بطلان الاستجواب بحيث ينبه قاضي
التحقيق عند التحقيق عن هذا الحق للمتهم .
ج – تنبيه المتهم
بحقه في الاستعانة بمحام :
يجب
على قاضي التحقيق أن ينبه المتهم بحقه في الاستعانة بمحام ، فإذا لم يختر محاميا و
طلب من قاضي التحقيق أن يعين له محاميا يعين له قاضي التحقيق محاميا من تلقاء نفسه
و ينوه عن ذلك في المحضر .
د – تنبيه المتهم
بوجوب إخبار قاضي التحقيق بتغيير عنوانه :
تلزم المادة ( 100 من
ق.إ.ج ) قاضي التحقيق بتنبيه المتهم بوجوب إخباره بتغيير مكانه و عنوانه و تجيز له
المادة ذاتها أن تختار موطنا له في دائرة اختصاص المحكمة .
الاستجواب الجوهري :
فهو مواجهة المتهم
بأدلة الدعوى و مناقشته فيها و هو ما عرفته محكمة النقض بأنه مجابهة المتهم
بالأدلة المختلفة قبله و مناقشته مناقشة تفصيلية ، كما يفندها إن كان منكرا للتهمة
أو معترفا بها ([2]) غير أنه يجوز
الاستعانة به في حالات معدودة هي :
1 / إذا أدلى المتهم
بتصريحات أثناء الحضور الأول من تلقاء نفسه و كانت كافية لإظهار الحقيقة .
2 / إذا كان المتهم
في حالة فرار .
3 / إذا كان قد أصدر
قاضي التحقيق أمرا بانتفاء وجه الدعوى .
المواجهة :
و هو إجراء جواز تخضع
ملاءمة إجرائه و ميعاده للسلطة التقديرية لقاضي التحقيق وحده ، و هو الذي يحدد
إطار المواجهة و الأشخاص الذين يريد مواجهتهم والمسائل التي يريد التركيز عليها ،
و تهدف المواجهة بوجه عام إلى الحصول على إيضاحات إضافية بخصوص مسائل ظلت غامضة أو
غير مكتملة أو بحاجة إلى التأكيد .
الاستجواب الإجمالي :
و هو إجراء يهدف إلى
وضع حوصلة لما توصل إليه التحقيق و إحداث مراجعة عامة لمجمل التصريحات التي أدلى
بها المتهم خلال مراحل سماعه ، و ذلك قبل غلق التحقيق في المواد الجنائية ( المادة
106/2 من ق.إ.ج ) بحيث يخضع هذا الاستجواب لنفس القواعد المقررة للاستجواب الجوهري
من حيث ضمانات حقوق الدفاع .
سماع المدعي المدني :
للقاضي الحق في سماع
المدعي المدني في حالة ما إذا وجد طرفا مدنيا في الدعوى ، بحيث يكون الادعاء
المدني عن طريق دعوى أصلية تؤدي إلى تحريك الدعوى العمومية و المدنية معا ، و إما
عن طريق دعوى فرعية يقتصر أثرها في هذه الحالة على الدعوى المدنية فحسب ، و هو
جائز في أي وقت أثناء سير التحقيق . ([4])
3 – سماع الشهود :
يقدم الشهود يعد
تأدية اليمين القانونية ما قد سمعوه أو شاهدوه من وقائع القضية المطروحة على قاضي
التحقيق و يوقعون على المحضر إلى جانب كاتب الضبط و قاضي التحقيق و يصبح هذا
المحضر وثيقة رسمية للتحقيق ، و تعتبر شهادة الشهود من أهم وسائل الإثبات في
الميدان الجزائي .
و على هذا الأساس
يتعين على قاضي التحقيق أن يتأكد من عدم وجود علاقة قرابة أو نسب أو علاقة تبعية
بين الشاهد مع أطراف الدعوى .
و يستدعي قاضي
التحقيق الشهود أمامه بعدة طرق حددها المشرع في نص المادة ( 88 من ق.إ.ج ) و هي :
- الاستدعاء عن طريق
القوة العمومية يطلب منها إحضار المعني بالأمر فورا بمكتبه .
- الاستدعاء بواسطة
رسالة مضمنة مع إشعار بالوصول .
- استدعاء ببرقية
رسمية .
المطلب
الثاني : سلطات قاضي التحقيق القضائية
بالإضافة إلى سلطات
قاضي التحقيق كمحقق ، يتمتع قاضي التحقيق بسلطات قضائية و هذا اعتبارا لكونه يجمع
في شخصه صفة المحقق و القاضي و بصفته قاضيا فإن قاضي التحقيق مدعو في الفصل في
العوارض التي قد تثار أمامه من قبل الأطراف ، كما أنه مدعو إلى البت في قوة الحجج
و الأدلة التي جمعها بصفته محققا .
و كذا يمكن تناول
سلطات قاضي التحقيق القضائية حسب معيار زمني على أساس المراحل التي يمارسها أو يمر
بها التحقيق عند فتح التحقيق أثناء تسييره ، و عند غلقه نجد أن كل مرحلة منها
تقابلها سلطات قضائية معينة يمارسها قاضي التحقيق عن طريق إصدار أوامر .
1 – عند فتح التحقيق
:
الأصل أن يقوم قاضي
التحقيق بفتح التحقيق و يباشر علمه بسماع الأطراف والقيام بالإجراءات التي يقتضيها
سير التحقيق ، غير أنه يجوز لقاضي التحقيق في حالات استثنائية رفض فتح التحقيق
المطلوب منه فيصدر لهذا الغرض مجموعة من الأوامر ، فمثلا : الأمر بعدم الاختصاص ،
و الأمر برفض التحقيق ، و الأمر بعدم قبول دعوى الإدعاء المدني و الأمر بالتخلي عن
التحقيق في الدعوى لصالح قاضي تحقيق آخر .
2 – سلطات قاضي
التحقيق القضائية أثناء سير التحقيق :
يصر قاضي التحقيق
أثناء سير التحقيق أوامر متعددة أهمها و أخطرها وقعا على الحريات الفردية و
الأوامر المتعلقة بالرقابة القضائية و الحبس الاحتياطي ، و كذلك يصدر قاضي التحقيق
بمناسبة وضع المتهم تحت الرقابة القضائية أو في الحبس الاحتياطي مجموعة من الأوامر
القضائية و ذلك بمناسبة الفصل في المنازعات المتعلقة بالرقابة القضائية أو الحبس
الاحتياطي .
3 – سلطات قاضي
التحقيق القضائية عند غلق التحقيق :
في هذا الإطار يصدر
قاضي التحقيق ثلاثة أنواع من الأوامر و هي :
- الأمر بانتفاء وجه
الدعوى .
- الأمر بإحالة
الدعوى .
- الأمر بإرسال
مستندات الدعوى إلى النائب العام .
و نستنتج من خلال هذا أن المشرع أعطى كل الحريات
لقاضي التحقيق بعد اتصاله بالدعوى العمومية ، و جميع الخصائص و الاختصاصات و
السلطات التي خولها له قانون الإجراءات ال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق