مستحقــــات اطفــــــــال المراة المطلقة

0
: مستحقــــات الأطفــــــــال

مما لا شك فيه أن الأطفال إن وجدوا يشكلون الضحية الأكثر تضررا من جراء انحلال العلاقة الزوجية ، لذلك فقد بادر المشرع المغربي إلى تنظيم حقوقهم في المدونة الجديدة للأسرة ، تكريسا و تتويجا للتوجه الذي نحاه بخصوص تغزيز حماية حقوق الطفل و مركزه القانوني خاصة في حالة تفكك الأسرة ، ذلك أن المحكمة المختصة في قضايا التطليق للشقاق ملزمة قانونا قبل الحكم بالتفريق بين الزوجين -  و على غرار مستحقات الزوجة - حماية مستحقات الأطفال .
و يلاحظ أن هذه المستحقات طبقا للمـادة 84 التي تحيل على المادتيـن 168 و 190 من مدونة الأسرة ، تتحـدد في حق الطفل المحضون في النفقـة و السكنـى ( الفقرة الأولى ) ، و الحال أن حقه في الرعاية الأسرية الذي يؤطر باقي حقوقه الأخرى المادية و المعنوية ، يقتضي ضرورة تمتيعه و إحاطته بالرعاية الأبوية كمظهر من مظاهرها بعد انحال العلاقة الزوجية ( الفقرة الثانية ) .
82


الفقرة الأولى : حق الطفل المحضون في النفقة و السكنى
من الالتزامات المالية المترتبـة بسبب القرابة واجب انفـاق الآباء على أبنائهـم ، حيث تنص المادة 197 من مدونة الأسرة أن : » النفقة على الأقارب تجب على الأولاد للوالدين و على الأبوين لأولادهما طبقا لأحكام هذه المدونة « ، فالطفل المحضون يستحق على أبيه نفقة معيشية و تغذية و كسوته و تمريضه ، و كل ما يتطلبه نموه و تربيته و تعليمه ، مع مراعـاة حال أبيه المنفـق و عوائـد المجتمع و الوضعية المعيشية و التعليمية التي كانوا عليها قبل الحكم بالتطليق للشقاق ، ضمانا لحقهم المكتسب في العيش الكريم و التعلم الملائم و اللائق ، خاصة إذا كان يتابع دراسته في مؤسسة من مؤسسات التعليم الحر ، الذي يتطلب مصاريف إضافية تختلف تماما عن مصاريف التعليم   العمومي المتسم بالمجانية ، ذلك أن الأباء ملزمين نحو أبنائهم قدر المستطاع بتهييىء الظروف الملائمة لمتابعة دراستهم حسب استعدادهم الفكري و البدني ، قصد تأهيلهم للحياة العملية و العضوية النافعة في المجتمع « (1) .
و تتحدد فترة نفقة الأطفال بمقتضى المادة 198 من مدونـة الأسرة من الميـلاد إلى بلوغه سن الرشد (2) ، مع إمكانيـة تمديدها لأحد الأسبـاب الآتيـة : الدراسة ، الزواج ، الإعاقة ، و العجز عن الكسب ، حيث إذا كان الطفل يتابع دراسته فانفاق أبيه عليه يستمر إلى حين بلوغه سن الخامسة و العشرين ، بمعنى أن النفقة تتوقف عنه قانونـا بمجرد بلوغه هذا السـن و لو كـان لا زال يتابع دراستـه ، و هذا لا يتناسب مع ما يجري به العمل من كون الدراسة الجامعية خاصة منها العليا ينتهي منها الطالب أو الطالبة في الغالب بعد ذلك السن ، و لحسن الحظ أن الناس لا يسايرون القانون في حياتهم الواقعية بخصوص إنفاقهم على أبنائهـم الذيـن
ــــــــــــــــ
(1) أحمد اليعقوبي : حق الطفل في التعليم : أية حماية ؟ ، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص ، كلية الحقوق فاس ، السنة الجامعية 2002/2003 ص : 76 .
(2) الأب ملزم بالإنفاق على ابنه حتى قبل ميلاده بأدائه نفقة مطلقته الحامل كما سبقت الإشارة إلى ذلك سابقا عند حديثنا عن نفقة الزوجة المطلقة .
83


يتابعون دراستهم الجامعية ، لذلك كان حريا بالمشرع أن يقرن توقف الأب عن نفقة أبنائه بعد انتهاء دراستهم ، شريطة أن يكونوا جديين فيها غير مكتفين بشهادة التسجيل السنوية (1) ، و بالنسبة للفتاة فان نفقتها على أبيها تستمر إلى حين زواجها ، إذ تجب النفقة على الزوج بالدخول أو الدعوى إليه (2) ، و في جميع الأحوال تجب نفقة الأب على أبنائه العاجزين عن الكسب أو المصابين بإعاقة ، بحيث إذا كان العجز كليا الزم بكل النفقة أما إذا كان جزئيا لحصولهم على دخل غير كاف كمنحة جامعية ، فالأب يتحمل الجزء الباقي من النفقة حسب تقرير المحكمة وفقا لظروف و ملابسات كل قضية و وضعية الطرفين ، و بخصوص الأطفال المصابين بإعاقة فان النص على إلزام الأب صراحة بالإنفاق عليهم يندرج في إطار تكريس حقهم الطبيعي في الحماية القانونية الخاصة ، باعتبارهم من ذوي الاحتياجات الخاصة التي يسعى المشرع إلى تمتيعهم بها في كل الفروع القانونية .
و إذا كانت هذه المقتضيات التي تتضمنها مدونة الأسرة بخصوص نفقـة الأبنـاء ، لا تثير أي إشكال متى كان الأب المحكوم عليه قادرا على تنفيذ واجباته نحوهم ، فان وجه الصعوبة يكمن في حالة عجزه عن القيام بذلك ، خاصة و أن المادة 188 من نفس المدونة تنص على أنه : » لا تجب على الإنسان نفقة غيره إلا بعد أن يكون له مقدار نفقة نفسه و تفترض الملاءة إلى أن يثبت العكس « ، لذلك حماية لحقوق الأطفال المحضونين فان المسؤولية الإنفاق عليهم تنتقل استثناء إلى الأم إذا كانت موسرة ، حيث تنص المادة 199 من المدونة على ما يلي : » إذا عجز الأب كليا أو جزئيا عن الإنفاق  على أولاده و كانت الأم موسرة ، و جبت عليها النفقة بمقدار ما عجز عنه الأب « ، لكـن التسـاؤل الذي يطـرح في هذا الصدد : ما مصير الأبناء في حالة عجز الأم هي الأخرى عن الإنفاق عليهم بسبب عسرها ؟ .
ــــــــــــــــ
(1) أحمد الخميلشي : مرجع سابق ، ص : 260 –261
(2) تنص المادة 194 على أنه : " تجب نفقة الزوجة على زوجها لمجرد البناء و كذا إذا دعته للبناء بعد أن يكون قد عقد إليها " .

84


الأكيد أن معظم المشاكل التي تواجه الأطفال في سنهم المبكرة ، و تجعل منهم ضحايا مختلف أشكال الاستغلال و سوء المعاملة سببها الحاجـة و الإهمـال الأسري ، نظرا لعدم قدرة الأبوين على الوفاء بالتزاماتهما تجاههما ، سيما في حالة انفصالهما عن بعضهما نتيجة الطلاق أو التطليق ، لذلك مادامت الدولة طبقا للمادة 54 من مدونة الأسرة مسؤولة عن اتخاذ التدابير اللازمة لحماية الأطفال و ضمان حقوقهم و رعايتهم حسب القانون ، نتساءل لماذا لم تبادر إلى إحداث صندوق التكافل العائلي الذي من شأنه أن يحل العديد من المشاكل المرتبطة بقضايا الأسرة ، خاصة في حالة عجز الأبوين عن الاتفاق على أبنائهما بعد الانحلال علاقتهما الزوجية ؟ .
إضافة إلى ما سبق فان من واجبات النفقة طبقا للمادة 171 من مدونة الأسرة توفير سكن لائق للمحضون ، الذي كان يعتبر في ظل مدونة الأحوال الشخصية الملغاة عنصرا من عناصر النفقة على المشهور في المذهب المالكي ، حيث يقـول ابن جزي ما يلي : » ... كراء المسكن للحاضنة و المحضونون على والدهم في المشهور ، و قيل تؤدى حصتها من الكراء ... « (1) ، فالأب ملزم بتهييئ لأولاده محلا لسكناهم سواء كان بيت الزوجية أو مسكن آخر يعد لهذا الغرض ، و إذا تعذر ذلك عليه أن يؤدي المبلغ الذي تقدره المحكمة لكرائه ، و ذلك بشكل مستقل عن باقي التزاماته المالية ، و في جميع الأحوال لا يفرغ المحضون من بيت الزوجية إلا بعد تنفيذ الأب للحكم الخاص بسكناه ( المادة 168 من مدونة الأسرة ) ، حيث تظل الزوجة الحاضنة تشغل هي و أبنائها ذلك المسكن خلال فترة الحضانة (2) ، و نفس هذا المقتضى ينص عليه القانون المصري في الفقرتين الأولى و الرابعة من المـادة
ـــــــــــــــــ
(1) ابن جزي : مرجع سابق ، ص : 120 .
(2) يميز الفقه الإسلامي بخصوص انتهاء الحضانة بين الذكر و الأنثى ، فبالنسبة للذكر تنتهي ببلوغه إما الأنثى فتمتد إلى حين دخول الزوج بها ، و هو ما كان ينص عليها الفصل 102 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة ، الذي عدل بالمادة 166 من مدونة الأسرة بنصها على أنه : " تستمر الحضانة إلى بلوغ سن الرشد القانوني للذكر و الأنثى على حد سواء " ، حيث كرس من خلالها المشرع مبدأ المساواة بين الجنسين على هذا المستوى .

85


18 مكرر ثالثا من المرسوم بمثابة قانون رقم 25 لسنة 1929 المعدلة بقانون 100 لسنة 1985 ، حيث جاء فيها : » على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقتـه و لحاضنتهم المسكن المستقل المناسب ، فإذا لم يفعل خلال مدة العدة استمروا في شغل مسكن الزوجية المؤجر دون المطلق مدة الحضانة ... فإذا انتهت مدة الحضانة فللمطلق أن يعود إلى المسكن « .
و لأجل ضمان توفير سكن لائق و مناسب للأطفال ، يمكن للمحكمة طبقا للمادة 172 و في إطار السلطة المخولة لها لحماية حقوقهم ، أن تستعين بمساعدة اجتماعية تتولى مهمة مراقبة موقع و طبيعة سكن الحاضن ، و ما يوفره للمحضون من الحاجيات الضرورية سواء المادية منها أو المعنوية ، باعتبار السكن مكـان للراحـة و الاستقرار و فضاء طبيعي للتربية و التنشئة الاجتماعية ، حيث تقوم بإنجاز تقرير مفصل حول ذلك تحيله على المحكمة التي انتدبتها لاتخاذ ما تراه مناسبا ، إلا أنه في ظل غياب إطار قانوني ينظم عمل المساعدة الاجتماعية ، من خلال تحديد صلاحياتها و مسؤولياتها كما هو معمول به في بعض القوانين المقارنة ، فان مقتضيات المادة 172 من مدونة الأسرة تظل معطلة .
الفقرة الثانية : حـق الطفـل المحضـون في الرعايـة الأبوية
تمثل الأسرة بالنسبة للطفل إطـارا اجتماعيا يـزوده بعناصر التنشئة و التكوين و الأمان ، و هي عناصر متداخلة يتوقف نموه السليم و المتكامل على تفاعلها ، حيث إن انحلال العلاقة الزوجية يحرمه من حقه في الأسرة ، مع كل ما يترتب عن ذلك من حرمانه من العيش في فضاء الأسري تبنى على أساسه شخصيته المتزنة في جميع جوانبها النفسية و العقلية و السلوكية (1) ، ذلك أن العديـد من الدراسات التـي
ـــــــــــــــــ
(1) محمد كرادة : الحق في الأسرة :محاولة في التأسيس و الحماية ، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، كلية الحقوق بفاس السنة الجامعية 2002/2003 ص : 116 .


86



 أنجزت حول الوضعية الصعبة التي تعيشها بعض الأطفال ، أكدت أن سببها الرئيسي يكمن في حرمانهم من حقهم من الأسرة نتيجة التفكك الأسر (1) .
فالطفل في ظل الوضع الأسري الذي يعيشه بعد انفصال أبويه عن بعضهما بسبب التطليق للشقاق ، يحتاج إلى العناية و الرعايـة الأبويـة التي تلبي حاجياتـه و تجنبه المخاطر التي قد يتعرض لها نتيجة ذلك ، خاصة و أنه لازال في طور النمو و يفتقد للمناعة الذاتية التي تحميه من كل ما من شأنـه أن يؤثـر سلبا على بقائـه و نمائـه ، لذلك فقد بادر المشرع المغربي إلى تنظيم حقوقه و الحرص على ضمان احترامها ، كما يتجلى ذلك من خلال المقتضيات المنظمة للحضانة و تنظيم حق الزيارة في مدونة الأسرة ، حيث أحاط ذلك بالعديد من الضمانات يؤطرها مبدأ المصلحة الفضلى للطفل ، تماشيا مع تعاليم الإسلام الحنيف التي تعتبر المعيار الأكثر ملاءمة في مجال أحكام الفضيلة المنظمة للعلاقات الأسرية ، خاصة في شقها المتعلق بعلاقة الأباء مع أبنائهم ، و كذلك انفتاحا على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل الصادر سنة 1989 في إطار ملاءمة القوانين الداخلية مع مقتضياتها (2) ، إذ تنص في المادة الثالثة على أنه : » في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال ، سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة ، أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية ، يولى الاعتبار الأول لمصلحة الطفل الفضلى « .
إن حضانة الطفل انطلاق من المبدأ العام المؤطر لحقوقه ، تعني في جوهرها رعايته و تربيته و حمايته ، حيث عرفها الفقيه ابن عرفة بقوله : » ... حفظ الولد في مبيته و مؤونته و طعامه و لباسه و مضجعه و تنظيف جسمه ... « (3) ، و نفس هذا التعريف تقريبا أورده المشرع في المادة 163 من مدونة الأسرة بنصها على أن :
ـــــــــــــــــ
(1) عبد الرحمان مصلح شرادي : انحراف الأحداث في القانون المغربي و المقارن ، ص :
(2) محمد ناصر متيوي : موقع الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في النظام القانوني المغربي ، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية : عدد 54-55 2004 ص : 192 .
(3) أشار إليه محمد الكشبور في : أحكام الحضانة – دراسة في الفقه المالكي و في مدونة الأسرة – الطبعة الأولى  2004 ، ص : 16 .
87


» الحضانة حفظ الولد مما قد يضره و القيام بتربيته و مصالحه « ، و الحضانة تسند مبدئيا طبقا للشرع و القانون إلى الأم (1) ، باعتبارها أشفق على المحضون و أصبر و أقدره على القيام بجميع شؤونه الضرورية التي يعجز عنها بسبب صغر سنه ، من تغذية و فراش و نظافة و تمريض ، إضافة إلى توجيـه و إعداد للحياة بكل تشعباتهـا ، ذلك أنه إذا كان الأصل في الحضانة مصلحة المحضون فإنها بالنسبة للحاضنة يتداخل فيها الحق بالواجب ، لذلك يتعين عليها القيام بقدر الإمكان بكل الإجراءات اللازمة لحفظه و سلامته في جسمه و نفسه ، إلى حين بلوغه سن الرشد الذي تنتهي فيه الحضانة ، أو تفضيله الانفصال عنها بعد بلوغ السن الخامسة عشرة من عمره طبقا للمادة 166 من مدونة الأسرة .
و حتى يتأتى للطفل المحضون الاستفادة من حقه الكامـل في الرعايـة الأبويـة ، يجب الحفاظ ما أمكن على استمرارية روابطه مع أبويه و محيطه العائلـي ، لما في ذلك من إشباع لحاجيات العاطفية و المعنوية التي هو في أمس الحاجة إليها في ظل الوضع الأسري الذي يعيشه ، حيث تنص المادة التاسعة من اتفاقية حقوق الطفل في فقرتها الثالثة على أنه : » تحترم الدول الأطراف حق الطفل المنفصل عن والديه أو عن أحدهما في الاحتفاظ بصورة منتظمة بعلاقات شخصيـة
و اتصالات مباشرة بكلا والديـه ، إلا إذا تعـارض ذلك مع مصالح الطفـل الفضلى « ، ذلك أن الطرف الذي حرم بمقتضى القانون من حق الحضانة ، يبقى له طبقا لنفس القانون في زيارته ابنه خلال فتـرات تحدد مبدئيا بناء على اتفاق الأبويـن ، أو عند الاقتضاء بتدخل من القضاء الذي يبادر في قرار إسناد الحضانة إلى ضبط وقت و مكان إجراء الزيارة ، مع إمكانية تضمينه شرط عـدم منع السفـر
ـــــــــــــــــ
(1) يتمثل السند الشرعي لحق الأم في الحضانة في ما رواه ابن عمر من أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : " يا رسول الله هذا ابني كان بطني له وعاء و حجري له حواء ثدي له سقاء و إن أباه طلقني و أراد أن ينتزعـه مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلـم : " أنت أحق به ما لم تنكحـي " ، أما السند القانوني فيتجلى في المادة 171 في مدونة السرة التي تجعل الأم في مقدمـة ترتيب الحاضنيـن  .

88


بالمحضون خارج المغرب دون موافقة نائبه الشرعي ، حيث تتولى النيابة العامة تبليغ مقرر المنع إلى الجهات المختصة لاتخاذ ما تراه مناسبا من إجراءات لضمان تنفيذه ، و كل ذلك تراعي فيه المحكمة ظروف الأطراف و الملابسات الخاصة بكل قضية تجنبا لكل تحايل في التنفيذ (1) ، ذلك أن من الإشكاليات العملية المرتبطة بحقي الحضانة و الزيارة - خاصة في إطار الزواج المختلط - ما يصطلح عليه بالاختطاف أو النقل غير المشروع للأطفال (2) ، فبعد الحسم في مسألة الحضانة بإسنادها إلى أحد
الأبوين ، يعمد الطرف الآخر إلى تحايل الفرص لأجل لانفراد بالطفل أثناء ممارسته لحقه الطبيعي و القانوني في زيارته ، لارتكابه فعله المجرم قانونا عن طريق نقله بطريقة غير مشروعة إلى مكان أو بلد آخر غير المكان أو البلد الذي يقيم فيه من له
ـــــــــــــــــ
(1) رغم أهمية المقتضيات التي جاءت بها مدونة الأسرة بخصوص تنظيم حق الزيارة ،فان القضاء الأسري لازال ينتابه التردد بشأن تفعيلها ، كما يتضح ذلك من خلال الأحكام القضائية الصادرة عن قسم قضاء الأسرة التابع لابتدائية فاس ، حيث نجده تارة يحدد اليوم و الوقت الذي يمارس فيه ، كما هو الشأن بالنسبة للحكم رقم 3099 في ملف رقم 829/2004 الصادر بتاريخ 27 يونيو 2005 ، حيث ورد فيه : " يحكم على المدعى عليها ... تمكين المدعي ... من ابنته قصد صلة الرحم بها يوم الأحد في كل أسبوع من الساعة التاسعة صباحا الى غاية الخامسة مساء ... " ، و تارة أخرى يكتفي فقط بتقرير حق الزيارة دون تحديد مكان أو على الأقل زمن ممارسته ، فمما جاء في الحكم رقم 237 في ملف رقم 2616/04 الصادر بتاريخ 17 يناير 2005 ما يلي : " و حيث أن طلب صلة الرحم طلب في محله و يتعين الاستجابة له وفقا لقانون مدونة الأسرة ... حكمت المحكمة ... على المدعى عليها بتمكين المدعي من صلة الرحم مع ابنه مرة واحدة كل أسبوع " .
(2) تعرف المادة الثالثة من اتفاقية لاهاي لسنة 1985 حول الأوجه المدنية للاختطاف الدولي للأطفال ، لنقل غير المشروع للأطفال بأنه : " كل انتهاك لحق الحضانة الممنوح لشخص أو مؤسسة أو أي جهاز آخر بواسطة قانون الدولة التي كان يقيم فيها الطفل بصفة اعتيادية مباشرة قبل نقله أو عدم إرجاعه " ن كما تعرفه المادة 7 من الاتفاقية المغربية الإسبانية بشأن التعاون القضائي و الاعتراف و تنفيذ المقررات القضائية في مادة الحضانة وحق الزيارة ، الموقع عليها بتاريخ 30 ماي 1997، كما يلي : " ... كل نقل تم خرقا المقرر قضائي صدر حضوريا و أصبح قابلا للتنفيذ فوق التراب الدولة الطالبة ... أو لحق الحضانة الممنوح للأب وحده أو للأم وحدها بمقتضى الدولة التي ينتمي إليها " .


89


حق حضانته (1) ، حيث يصبح الطفـل في هذه الحالـة وسيلـة للضغط و الانتقـام و تصفية الحسابات بين الأبوين .
و لأجل تعزيز حق الطفل في الرعاية الأبوية تنص المادة 185 من مدونة الأسرة على أن صلة الرحم لا تنقطع بمجرد وفاة أحد والديه ، بل تستمر بحلول جده أو جدته من جهة أبيه أو أمه ، لكن رغم أهمية هذا المقتضى فانه يبدو غير ملائم مع العادات و التقاليد السائدة في المجتمع المغربي بخصوص الروابط العائلية ، حيث كان حريصا بالمشرع أن يشمل حق الزيارة جميع أقارب المحضون وفق ما تقضيه مصلحته الفضلى ، انسجاما مع التوجه المعمول به في بعض القوانين المقارنة من تعويض مصطلح السلطة الأبويـة ( Puissance Parternelle ) بولايـة القرابـة ( L'autorité Parentele ) ، كمـا فـي القانـون الهولنـدي ( تعديـل 1970 )  و القانون السويسري ( تعديل 1972 و 1976 ) و القانـون الفرنسـي الصادر في 04/06/1974 الذي ينص في مادته السادسة على أنه : » في جميع النصوص التي وردت فيها عبارة السلطة الأبوية تعوض بولاية القرابة « ، ذلك أن  الهدف من ذلك إخضاع الطفل في كل ما يتعلق بتربيته و حمايته إلى سلطة الأبوين معا رغم التطليق
الحاصل بينهما أو في حالات أخرى إلى سلطة أحد أفراد العائلة إذا كانت مصلحته تقتضي ذلك ، إضافة إلى جعل الصلاحيات المرتبطة بولاية القرابة محدودة ، حيث أن القانون يتدخل لحماية مصالح الأطفال حتى ضد أبويهم .
عموما  فالحماية القضائية لحقوق الزوجة المطلقة و الأطفال طبقا للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في مدونة الأسرة ، تبقى قاصرة إذا لم يتم تفعيلها .
ــــــــــــــــ
(1) تنص المادة 477 من القانون الجنائي المغربي على ما يلي : " إذا صدر حكم قضائي و كان نهائيا أو نافذا بصفة مؤقتة ، فان الأب أو الأم أو أي شخص يمتنع عن تقديم القاصر لمن له الحق في المطالبة بذلـك ، و كذلك إذا اختطفه أو غرر به و لو دون تدليس أو عنف أو حمل غيره على التغرير به أو اختطافه ممن عهد إليه بحضانته أو من المكان الذي وضعه فيه ، فانه يعاقب بالحبـس من شهر إلى سنـة و غرامة من مائة و عشرين إلى ألف درهم ، أم إذا كان مرتكب الجريمة قد حرم من الولاية الأبوية على القاصر فان الحبس يمكن يصل إلى ثلاث سنوات " .

90



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه