تبعات تقرير المسؤولية الجنائية الدولية للافراد

0
تبعات تقرير المسؤولية الجنائية الدولية للافراد

تثير مسألة تقرير المسؤولية الجنائية الدولية الدولية للافراد التسأول حول مسؤولية الدولة التي يتبعها الفرد الذي تقررت مسؤوليتة عن انتهاك او جريمة دولية. هل ان تحمل الفرد الطبيعي للمسؤولية الجنائية عن الجرائم في القانون الدولي الجنائي يعني اعفاء الدولة من المسؤولية عنها ؟
ذهب البعض الى ان ادخال الافراد الى دائرة المساءلة الدولية الجنائية جاءت بسبب جسامة تلك الافعال الموجهه ضد النظام القانون الدولي وما تحدثه تلك الافعال من اهدار للقيم العليا وانتهاك للمصالح الانسانية الجديرة بالحماية الجنائية. ومن ثم فان المسؤولية الدولية تظل بجانب المسؤولية الجنائية للافراد. ([1])
وهو ما اكده مشروع الجمعية العامة للامم المتحدة بموجب قرارها  ( A /Res /56 /83)  في 12/1/2001م، والذي قرر مسؤولية الدولة عن كل التصرفات الصادرة عن اجهزتها او الاشخاص الذين يتصرفون باسمها ولحسابها، ومن ذلك مسؤولية الدولة عن الجرائم التي يرتكبها الافراد في جهاز القوات المسلحة.
ومن الجدير بالذكر ان المادة السابعة من المشروع وسعت من نطاق مسؤولية الدولة عن اعمال قواتها المسلحة بصورة اكبر مما ورد في المادة 91 من البروتكول الاضافي الاول لعام 1977م الملحق باتفاقيات جنيف لعام 1949م والذي كان يعتبر ان طرف النزاع (.. يكون مسؤولاً عن كافة الاعمال التي اقترفها الاشخاص الذين يشكلون جزء من قواتها المسلحة ). فقد جاء في المادة (7) من مشروع مسؤولية الدولة عن الاعمال غير الشرعية ( ان سلوك أي جهاز لدولة ما.. يمكن اعتباره عملاً من اعمال الدولة بموجب القانون الدولي اذا كان الجهاز او الشخص.. يتصرف بهذه الصفة، حتى اذا تجاوز سلطته أو خالف التعليمات ).
ويبدو من هذا النص ان الدولة تكون مسؤولة عن جميع الافعال التي يرتكبها افراد قواتها المسلحة حتى بصفتهم الشخصية مثل السرقة أو الاعتداءات الجنسية التي يمارسها أي جندي في ارض محتلة اثناء فترة الاجازة، وتبرير المسؤولية المطلقة يستند الى ان الجنود فئة خاصة من فئات اجهزة الدولة تمارس عليها سيطرة اكبر مما تمارسه على الموظفين الاخرين، كما انهم يتصرفون باسم الدولة وتحت توجيهاتها، وانهم بصفتهم الشخصية لم يكن بامكانهم قط الاحتكاك برعايا العدو أو العمل على ارضه. ([2])
اما طبيعة مسؤولية الدولة عن الجرائم الدولية، فانها مسؤولية مزدوجة، فهناك المسؤولية المدنية حيث تتحمل الدولة تبعة العمل غير المشروع. وفقاً لقواعد المشؤولية الدولية، فتتحمل مسؤولية الضرر عن الفعل الاجرامي، في حين ان المسؤولية لجنائية يتحمل تبعتها الفرد الطبيعي الذي قام بارتكاب الفعل الجرمي. ([3])  ومن جانب آخر لابد من القول بأن، النظام الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد اكد هو الاخر على مسؤولية الدولة عن الجرائم الدولية، فقد ورد في المادة (25/4) من النظام الاساسي للمحكمة ( - لا يؤثر أي حكم في النظام الاساسي يتعلق بالمسؤولية الجنائية الفردية في مسؤولية الدولة بموجب القانون الدولي. )
غير ان هذا النص لا يعني بشكل من الاشكال امكان مسائلة الدولة جنائياً، فلا تعدو مسائلها أن تكون مدنية عن طريق دفع التعويضات كوسيلة لجبر الضرر المترتب على الجريمة الدولية التي ارتكبها الشخص الذي ينتمي اليها والذي حكم عليه جنائياً عن هذه الجريمة.
ومن ثم فان نظام روما الاساسي الخاص بتشكيل المحكمة الجنائية الدولية تبنى المسؤولية الجنائية للافراد – دون الدول – في نطاق القانون الجنائي الدولي، حيث تنحصر مسؤولية الدولة في دفع التعويضات عن الجرائم التي تسند الى الاشخاص المنتمين اليها بجنسيتهم، اعمالاً لقواعد القانون الدولي.
فلم تنص الاتفاقية صراحة على مبدأ المسؤولية الجنائية للدول، وهو ما كان ينادي به البعض خلال محاكمات الحرب العالمية الثانية، فقد انتصر الرأي الذي نادى بعدم المسؤولية العقابية للدول لاعتبارات قانونية وعملية، وتقرر حصر هذه المسؤولية في نطاق الاشخاص الطبيعيين باشخاصهم وصفاتهم، مع ضرورة عدم منحهم حصانات تؤدي الى الافلات من الجرائم المنسوبة اليهم وهو ما سنتطرق اليه لاحقاً.






([1]) – د. عبد الواحد محمد الفار – الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها – ص 36 .
([2]) ينظر : عبد الله على عبو سلطان – المصدر السابق – ص 146 .
([3]) – د. عبد الواحد محمد الفار – المصدر السابق – ص 37 .
    - د. عبد الفتاح بيومي حجازي – المصدر السابق – ص 105 . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه