ضمانات تفعيـل محاولات الصلح في دعاوي الشقـــاق

0
: ضمانات تفعيـل محاولات الصلح في دعاوي الشقـــاق

إن التوجه التشريعي الذي نحاه المشرع بخصوص تسوية النزعات الزوجية عن طريق الصلح بين الزوجين في دعاوي الشقاق ، يجد مبرراته انطلاقا من اهتمامه المتنامي بالأسرة للحفاظ على استقرارها و ضمان  استمراريتها في أداء وظيفتها داخل المجتمع باعتبارها نواته الأساسية ، و كذا تجنيب أفرادها كافة الآثار السلبية الناجمة عن تفككها ، لذلك فان ضمان تفعيل محاولاته وفق هذا المنظور اقتضى تخويل المحكمة سلطة توجيه مسطرة الشقاق ( الفقرة الثانية ) ، و ضرورة تبليغ الزوجين لحضور جلسة أو جلسات التسوية الودية التي تعقدها ( الفقرة الأولى ) .
الفقـــرة الأولـى : تبليـــغ الزوجيــن فــي دعــــاوي الشقـــاق
تحقيقا لمبدأ الوجاهية و الحضورية في التقاضي ، و احتراما لحقوق الدفاع التي تعتبر من أهم الضمانات الممنوحة للمتقاضين في إطار حسن سير العدالة ، فقد خول المشرع المغربي – شأنه في ذلك شأن باقي التشريعات الإجرائية المقارنة – لأطراف النزاع حق العلم بكافة الإجراءات القضائية المرتبطة بمركزهم القانوني في الدعاوي المرفوعة ، أو التي تتعلق بكل إجراء أولي لرفعها ، و ذلك بتبليغهم بها طبقا لمسطرة التبليغ المقررة قانونا .
فالتبليغ طبقا للقانون يعتبر إجراء قانونيا جوهريـا من إجراءات الدعوى القضائية ، إذ يلازمها طيلة مراحلها المسطرية المرتبطة بسريانها ، بدءا من افتتاحها و انتهاء بصدور الحكم فيها مـرورا بمختلف الإجراءات الأخرى التمهيدية والتحقيقيـة ، و لعل هذا ما دفع الفقه الإجرائي إلى اعتباره عماد المساطر القضائيـة (1) ، لما ينتجه من آثار قانونية هامة ترتبط بمبادئ لها علاقة بالسير الحسن للعدالة ، لذلك فمختلف الآجل القانونية في الدعاوي القضائية تبتدأ من تاريخ التبليغ أي من تاريخ إشعار أو إعلان الطرف المعني .
ــــــــــــــــ
(1) عبد الحميد أخريف : محاضرات في القانون القضائي الخاص ، طبعة 1425 – 2005 ، ص : 210 .

41


و قد نظم المشرع المغربي القواعد العمة للتبليغ في الفصول 37 و 38 و 39 من القانون المسطرة المدنية ، حيث أحاطه من خلالها بمجموعة من الضمانات ترتبط بطرق توجيه الاستدعاء (1) ، و المحل و الأشخاص الذين يصح لهم التبليغ و يصح لهم التسلم (2) ، و الوثائق التي يسلم بعضها إلى المبلغ إليه و يرجع ببعضها إلى المحكمة ، بما تتضمنه من بيانات قانونية لازمة يمكن الرجوع إليها عند الحاجة للتأكد من نجاعة عملية التبليغ .
إلا أنه رغم هذه الضمانات القانونية المرتبطة بالتبليغ  لأجل التفعيل المساطر القضائية ، فان الواقع العملي يثبت أن المشاكـل الإجرائية التي تـؤدي إلى البـطء و تعرقل عملية تسوية و تصفية النزاعات الأسرية بشكل خاص ، سببها معوقات التبليغ  القانونية منها و الواقية التي تكشف عن وجود خلل في النظام القانوني المنظم لإجراءاته ، مما يفتح باب المنازعة في قانونيتها للمطالبة ببطلانها (3) ، يزيد من حدة
ذلك عدم استقرار قضاء المجلس الأعلى بخصوص المشاكل القانونية التي تفرزها عملية التبليغ (4) .
ـــــــــــــــ
(1) ينص الفصل 37 من ق.م.م : "يوجه الاستدعاء بواسطة أحد أعوان كتابة الضبط ، أو عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل أو بالطريقة إدارية "، و إذا كان المرسل إليه يقطن خارج المغرب فان الاستدعاء يوجه إليه طبقا للفصل المذكور عن طريق السلم الإداري على الطريقة الدبلوماسية ، عدا إذا كانت مقتضيات الاتفاقية الدولية تقضي بغير ذلك ، كما ينص الفصل 2 من ظهير 25/12/1980 المنظم لمهنة الأعوان الفضائيين لدى المحاكم الابتدائية ينص على أن الأعوان القضائيين يختصون شخصيا بالقيام بعملية التبليغ الازمة للتحقيق في القضايا ، و يمكنهم أن يتكلفوا بتسليم استدعاءات التقاضي ضمن الشروط المقررة في قانون المسطرة المدنية ، بال إضافة إلي ذلك ينص الفصل 39 من هذا الأخير على إمكانية التبليغ عن طريق القيم عند تعذر الطرق الأخرى .
(2) يشير الفصل 38 من ق.م.م إلى أن الاستدعاء يسلم تسليما صحيحا إلي الشخص نفسه أو في موطنه إلى أقاربه أو خدمه أو لكل شخص آخر يسكن معه .
(3) حسن بويقين : إجراءات التبليغ فقها و قانونا ، مطبعة النجاح الجديدة ، الطبعة الأولى 2002 ص : 24 و ما بعدها .
(4) حول موقف المجلس الأعلى بشأن المشاكل القانونية ، يمكن الرجوع إلى : محمد بفقير : مبادئ التبليغ عل ضوء قضاء المجلس الأعلى ، الطبعة الأولى ، 1425 /2005 .
42


لذلك اعتبارا لكون التفعيل الإيجابي لمسطرة الشقاق يقتضي ضرورة تجاوز كل المشاكل الإجرائية المترتبة عن عملية التبليغ ، فقد حرص المشرع من خلال مدونة الأسرة على تعزيز التبليغ في دعاوي الشقاق بضمانة قانونية خاصة، تمكن المحكمة من اتخاذ كافة الإجراءات القانونيـة الضرورية لتسويـة النزاعـات المعروضة عليها ، من خلال إشراك النيابة العامة لتفعيل مسطرته ، و تحريك المتابعة الجنائية في حق الطرف المخل بتلك الضمانات .
فالتبليـغ فـي دعـاوي الشقـاق لا يخلـو من فرضيتين أساسيتين همـا :
الفرضيـة الأولـى : توصل الطـرف المعنـي بالتبليــغ
إن سريان تطبيق مسطرة الشقاق يتوقف قانونا على حضور طرفي النزاع لجلسات المحكمة تحقيقا للوجاهية و صيانة لحقوق الدفاع ، و كذلك تمكينا للمحكمة من اتخاذ الإجراءات الكفيلة لمعالجة الصعوبات التي تواجه الأسرة ، بفعل النزاع القائم بين الزوجين ، لذلك يتعين على الطرف المبادر إلى طلب تطبيق مسطرة الشقاق أن يمكن المحكمة من كافة البيانات و المعلومات الضرورية المرتبة بهويته و هوية الطرف الآخر ، خاصة فيما يتعلق بالاسم و العنوان الحقيقين و الكاملين ،حتى تكون المحكمة ملزمة قانونا بإخبارهما بكل إجراء مسطري يمكن أن تتخذه في مواجهتهما .
و إذا كان التطبيق القضائي لمسطرة الشقاق يقتضي الحضور الشخصي لطرفي النزاع لأجل تفعيل محاولات الصلح بينهما رغم انتـداب كل طرف محام ينـوب عنه ، فانه يستحسـن أن يتم التبليـغ في دعاوي الشقاق إلى الطـرف المعني شخصيا ، بعد التأكد من هوية الشخص متسلم الاستدعاء بواسطة الوثائق الإدارية المثبتة لها ، مع توقيعه أو بصمه إذا كان لا يعرف التوقيع ، و تنبيهه من طرف عون التبليغ أن كل تحايل أو تدليس من طرفه قد يعرضه لعقوبة جنائية ، بحيث إذا ثبت توصله شخصيا بالاستدعاء و لم يحضر و لم يمكن المحكمة من وسائل دفاعه في مذكرة مكتوبة ، يتم إشعاره من طرف النيابة العامة بأنها ستبت في الطلب في غيبتـه ، و إذا استمر في تخلفه عن الحضور رغم التوصل يمكنها عندئذ إصدار حكمها لحسم النزاع المعـروض عليه ، إذ مما جـاء في الحكـم القضائـي القاضي 

43


 بالتطليق للشقاق و الصادر عن ابتدائية تاونات – قسم قضاء الأسرة – مـا يلـي : » بناء على إدراج القضية بجلسة 27/07/2005 حضرتها المدعية و إلى جانبها دفاعها الذي أدلى بمذكرة مرفقة بوثائق الصفة و تخلف المدعى عليه رغم التوصل فتقرر إعادة استدعائه لجلسة الصلح بغرفة المشورة لجلسة 21/09/2005 التي حضرتها المدعية و تخلف عنها المدعى عليه رغم التوصل الشخصي و حضر إلى جانب المدعية دفاعها فصرحت بأن المدعى عليه يعنفها دائما بالضرب و لا ينفق عليها و لا يدفع مصاريف علاجها و لها منه أربعة أولاد يمسك عليهن النفقة و يهملها كما أنه لا يقوم بتمريضها رغم حاجتها ، لذلك فتقرر الإعلان عن فشل محاولة الصلح نظرا لتخلف المدعى عليه المتوالي فأكدت المدعية طلبها ، و ألقي بالملف مستنتجات النيابة العامة الرامية إلى تطبيق القانون ، لتقرر بذلك حجز القضية للمداولة ... « (1) .
و للإشارة فالمشرع من خلال المواد المنظمة للتبليغ في مدونة الأسرة و خاصة المادتين 43 و 81 ، لم يلزم المحكمة باعتماد المسطرة العامة للتبليغ المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية ، لاستدعاء أطراف النزاع في دعاوي الشقاق ، مما يعني بمفهوم المخالفة إمكانية اعتمادها على مسطـرة خاصة للتبليغ تكون أكثر نجاعـة (2) ، خاصة و أن الغمـوض يجب أن يفسـر لما يحقـق مصلحة الأسـرة و الأطفال ، و ذلك حماية لقدسية الحياة الزوجية و حمايتها من التفكك و الانهيار .
ــــــــــــــــ
(1) حكم رقم 515 ، ملف عدد 431/2005 بتاريخ 5/10/2005 ، ( غير منشور ) .
(2) بالإضافة إلى الإجراءات العامة للتبليغ ، نظم المشرع المغربي بعض إجراءاته الخاصة بمقتضى نصوص قانونية أملتها طبيعة بعض القضايا ، منها على سبيل المثال ما يلي :
-          الإجراءات الخاصة لتبليغ من له حق الشفعة
-          الإجراءات الخاصة للتبليغ محضر عدم نجاح الصلح
-          إجراءات تبليغ ورثة المكتري
-          إجراءات تبليغ الأمر بالأداء
للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع انظر : محمد بفقير ، مرجع سابق ، ص : 159 و ما بعدها .

44


الفرضيـة الثانيـة : عدم توصل الطرف المعني بالتبليغ
كل المشاكل القانونيـة و الواقعية الناجمة عن عملية التبليغ ترتبط بهذه الفرضيـة ، على اعتبار أن تخلف المعني بالأمر نتيجة عدم توصله بالتبليغ ، يؤدي إلى تعطيل أو تأخير سريان المساطر القضائية ، لذلك بالنسبة لمسطرة الشقاق فحضور طرفي النزاع مسألة ضرورية ، بحيث إذا كان تخلف الطرف المبادر إلى رفع دعوى الشقاق يفهم منه ضمنيا تراجعه عن طلبه ، فان تخلف الطرف الآخر المعني بالتبليغ يعرقل عمل المحكمة بعدم تمكينها من الإحاطة بكل الجوانب المرتبطة بالنزاع ، و بالتالي القيام بكل محاولات الصلح بينهما ، باعتبـاره إجـراء قانونيـا و جوهريا يمكن للمحكمة على ضوئه إصدار حكم ملائم يراعي حقوق جميع أفراد الأسرة .
لذلك فعندما تستدعي المحكمة الطرف المعني ( الزوج أو الزوجة حسب الأحوال ) و يتعذر عليه الحضور ، فان النيابة العامة تتدخل للسهر على تبليغه بالاستدعاء ، من خلال البحث عن عنوانه قصد الوصول إلى الحقيقة بما يتوفر لديها من إمكانيات .
و إذا ثبت للمحكمة تحايل أحد طرفي النزاع بإدلائه متعمدا بمعلومات خاطئة عن هوية الطرف الآخر تخص اسمه و عنوانه بالأساس ، تحيل الوثائق المثبتة لذلك على النيابة العامة لتطبيق مقتضيات الفصل 361 من القانون الجنائي ، المتعلقة بجنحة التوصل بغير حق بوثيقة مزورة أو محاولة ذلك ، عن طريق الإدلاء ببيانات كاذبة أو انتحال اسم أو صفة أو تقديم معلومات أو إقرارات غير صحيحة ، إلا أن تحريك المتابعة يتوقف على تقديم شكاية من الطرف المتضرر ، على غرار باقي الجرائم ذات الطابع الأسري كالإهمال أو السرقة بين الأزواج ... الخ .
و قد أحسن المشرع المغربي صنعا عندما رتب الجزاء الجنائي عن الإخلال بضمانات التبليغ ، في الدعاوي الرامية إلى تطبيق المساطر القضائية المنصوص عليها في مدونة الأسـرة ، لأن من شـأن ذلك أن يساهـم في التقليل من المشاكـل

45


القانونية و الواقعية التي تفرزها عملية التبليـغ ، و أن يمكن المحكمة من ممارسة سلطتها في مجال تسوية النزاعات الزوجية طبقا للقواعد القانونية المنظمة لها .
الفقـرة الثانيـة : سلطة المحكمة في توجيه مسطـرة الشقـــاق
إن تخويل القضاء سلطة تسيير و توجيه الخصومة ، يعكس بجلاء العلاقة الوطيدة بين قواعد الشكل و قواعد الموضوع في الدعاوي القضائية ، ذلك أن قيام القضاء بإضفاء الانسجام بينهما ، يهدف إلى ترتيب الآثار القانونية التي جعلها المشرع لكافة الإجراءات المسطرية قصد حل النزاعات المعروضة عليه .
فسلطة المحكمة في المجال الإجرائي تبرز الدور الهام الذي يقوم به القضاء لمنح الحماية القضائية ، التي بدونها تكون القاعدة القانونية عاجزة عن إنتاج الفعالية الكامنة فيها ، بحيث إن التدخل القضائي في توجيه الخصومة  يقوم على أساس أن المصلحة العامة تتطلب ذلك ، حفاظا على الضمانات الأساسية للتقاضي التي تحمي في مجملها مصالح الدولة من خلال الرقابة و الإشراف القضائي ، و مصالح المتقاضين عبر الحرص على احترام مبدأ الوجاهية و حقوق الدفاع ، لذلك فهو يشكل في الحقيقة مظهـرا من مظاهـر السلطة التقديريـة الممنوحة للقضاء ، الموجهـة و المؤطرة بالقواعد القانونية وفقا للمصلحة المحمية بهذه القواعـد عامة كانت أم خاصة (1) .
و التدخل القضائي في مجال تسير و توجيه الخصومة يقتضي تجاوز المفهوم التقليدي السلبي للحياد ، الذي يعني اكتفاء القاضي على تقدير ما يقدمه الخصوم من أدلة بالطرق و الإجراءات القانونية ، إلى الأخذ بمفهومه الإيجابي التدخلي الذي يعطي له إمكانية الاجتهاد بالبحث و التحري و المواجهة بين الأطراف المتنازعة ، اعتمـادا
 ــــــــــــــــ
(1) نبيل إسماعيل عمر : سلطة القاضي التقديرية في المواد المدنية و التجارية – دراسة تحليلية و تطبيقية – مطبعة المعا ريف الإسكندرية ، الطبعة الأولى 1984 ، ص : 205 .



46


على ما يخوله له القانـون من صلاحيات في هذا الإطـار لأجل توزيـع العدالة بينهـم (1) .
و يجدر بنا التأكيد إلى أن ما انتهت إليه التشريعات الوضعية بخصوص منح القضاء سلطة توجيه الخصومة ، سبقها إليه الفقه الإسلامي بإعطائه للقاضي صلاحيات مهمة في هذا المجال ، يقول ابن فرحون (2) : » إن نقص من دعواه ما  فيه بيان مطلبه أمره بتمامه ، و إن أتى بإشكال أمره ببيانه  فان صحت الدعوى سأل المطلوب عنها ، و إن أبهم المطلوب أمره بتفسيره حتى يرتفع الإشكال و قيد ذلك إن كان فيه طـول و التباس ... « ثم يضيف :» و إن كانت مجملة سألهم عن تفسيرها و إن كانت غير كاملة أعرض عنها إعراضا جميلا ، فأعلم أن المدعـي لم يأت بشيء جديد و منها لا يسمع الدعـوى في الأشياء التافهة الحقيرة التي لا يتشاح العقـلاء فيها « .
و لما كان التوجه التشريعي المكرس في مدونة الأسرة ، يرمي إلى جعل كل القضايا المرتبطة بتطبيقها تخضع لرقابة و إشراف قضاء الأسرة ، و هو ما يمكن تسميته بالتدخل القضائي في مدونة الأسرة (Judiciarisation du code de La famille  ) ، فقد خول المشرع للمحكمة سلطة توجيه مسطرة الشقاق ، بحيث إن الفائدة العملية من ذلك تفعيل الضوابط الإجرائية وفقا لظروف كل قضية ، للحيلولة دون الظلم و التعسف في استعمال رخصة الالتجاء إلى طلب تطبيقها من خلال التحايل على القانون ، خاصة في ظل ضعف الوازع الديني و غياب الوعي القانوني
ـــــــــــــــــ
(1) هذا التدخل القضائي في تسيير و توجيه الخصومة ، يصلح عليه في بعض الأنظمة القانونية المقارنة " بإدارة الدعوى " أي مجموع الإجراءات التي تتم من طرف المحكمة أو تحت إشرافها منذ أول يوم تسجل فيه الدعوى إلى حين البت فيها ، ففي أمريكا مثلا يقوم بذلك قاض يسمى :" القاضي  المكلف بإدارة الدعوى " ، محمد سلام ، الطـرق البديلة لحل نزاعات : التجربة الأمريكية كنمـوذج ، ندوة : الطرق البديلة لتسوية المنازعات ، منشـورات جمعية النشر المعلومات القانونيـة و القضائية ، سلسلت النـدوات و أيام الدراسية ، العدد 2-2004 الطبعة الأولى ص : 76 .
(2) ابن فرحون : التبصرة ، الجزء الخامس ص : 48  .

47


حول المضامين الحقيقية لمسطرة الشقـاق ، لذلك فمصلحة الأسـرة بالدرجة الأولى و مصلحة أفرداها اقتضت تقييد حل النزاعات الزوجية برقابة و إشراف القضاء  .
و المحكمة أثناء ممارستها لوظيفتها القضائية المرتبطة بتفعيل مسطرة الشقاق تخضع لمجموعة من القيود و الضوابط القانونية ، منها ما هو عام يتعلق بجميع المساطر القضائية ، كاحترام موضوع النزاع طبقا لفصل 3 من قانون المسطرة المدنية ، و تسبيب الأحكام الذي يعتبر من أهم الضمانات التي فرضها القانون على القضاة للتأكد من مدى حسن تطبيقهم للقانون ، حيث إن التسبيب يضطلـع بـدور هام في تحقيق احترام القانون للمبادئ الإجرائية التي تكفل حياد القاضي بمفهومه العـام (1) ، و منها ما هو خاص بمسطرة الشقاق تتعلق أساسا بضرورة مراعاة مراحلها الإجرائية ، حيث إن المحكمة ملزمة بالقيام بكل المحاولات التي من شأنها أن تؤدي إلى التوفيق و إصلاح ذات البين بين الزوجين ، إذ لا يجوز لها أن تحكم بالتطليق إلا بعد استنفاذ كل تلك المحاولات ، و في حدود الأخذ بقاعدة أخف الضررين لما في ذلك من تفكيك للأسرة و الإضرار بالأطفال ( المادة 70 من مدونة الأسرة ) ، و كل ذلك مع احترام أجل البت في دعاوي الشقاق المحدد قانونا طبقا للمادة 97 من المدونة في ستة أشهر ، الذي تجاوز من خلاله المشرع الفراغ التشريعي الذي كان في ظل مدونة الأحوال الشخصية ، بخصوص أجل الفصل في القضايا المرتبطة بانحلال العلاقة الزوجية سواء عن طريق الطلاق أو التطليق ، حيث إن طول أجل التقاضي يعرض الأسرة للعديد من المشاكل نتيجة وضعية اللااستقرار التي تكون عليها .
ـــــــــــــــــ
(1) الطيب برادة : الحكم المدني و صياغته ، ص : 113 .




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه