إختصاص محكمة الجنايات في القانون الجزائري

0
: إختصاص محكمة الجنايات :
إن محكمة الجنايات وقبل النظر في الدعوى المرفوعة أمامها يجب أن تكون مختصة بالفصل فيها ، و بذلك فإن الإختصاص يخضع للمبادئ العامة كما أنه ترد عليه بعض الإستثناءات ، ولكن توجد هناك حالة أخرى تتعلق بالإختصاص يجب الإشارة إليها  ،وهي حالة تنازع الإختصاص ، وسيتم التطرق إلى كل ذلك حسب الترتيب التالي:
المطلب الأول : المبادئ العامة للإختصاص :
يتحكم في تحديد القضاء الجزائري المختص بالدعوى العمومية الوضع الشخصي للمتهم (1) ، ولذلك ينقسم إختصاص القضاء إلى ثلاثة أقسام :
الفرع الأول : الإختصاص الشخصي :
يعتبر الإختصاص الشخصي من أهم نواحي الإختصاص في المواد الجزائية ، بينما لا يوجد هذا الإختصاص في المواد المدنية ، ويرجع هذا الإختلاف إ^لى ذاتية قانون العقوبات وإهتمامه دون القانون المدني بشخصية المتهم ، ويقوم هذا الإختصاص على عناصر شخصية توافرت لدى المتهم عند إرتكابه الجريمة كالسن أو الجنس أو الديانة أو الطبقة التي ينتمي إليها (2).
غير أن معظم هذه العناصر تلاشت تحت تأثير سيادة مبدأ المساواة بين الأفراد أمام القضاء ،ولم يبقى منها إلا القليل في التشريعات الحديثة ، ومن ذلك الصفة العسكرية في المتهم.
وما يقضيه النظام العسكري من واجبات مفروضة  على كل من ينتمي إليها إديا إلى إنشاء محاكم بل وقوانين  خاصة تحكم الجرائم التي تنسب إلى مثل هذا المتهم ، وطبيعة الوظيفة السياسية التي يشغلها المتهم أدت إلى تنظيم محاكم تختص وحدها بالفصل في الجرائم المنسوبة لرئيس الدولة والوزراء أثناء تأدية أعمالهم والقيام بنشاطات وظائفهم كمجلس العدل الأعلى في فرنسا ، إلا أن قضاء الأحداث يعتبر أوسع أنواع المحاكم التي تقوم على أساس العنصر الشخصي ، وليس الهدف من تخصيص هذه الطوائف من المتهمين بمحاكم خاصة وقونين خاصة تميزهم عن غيرهم وإنما هو تحقيق محاكمة عادلة تكفل توقيع الجزاء الملائم لشخصية المحكوم عليه (3).
(1): أحمد شوقي الشلقاني ، المرجع السابق ، ص356
(2): أحمد شوقي الشلقاني ، المرجع السابق ، ص356
(3): أحمد شوقي الشلقاني ، المرجع السابق ، ص357



25
الفرع الثاني : الإختصاص النوعي :
يتم تحديد الإختصاص النوعي للمحاكم وفقا لجسامة الجريمة ، والتي بينها المشرع الجزائري على أساس العقوبة المقررة لها ، فمحكمة الجنايات تختص بالفصل في الجنايات ومحكمة الجنح والمخالفات تختص بالفصل في الجنح والمخالفات .
وكل هذا ما لم ينص القانون على إختصاص محكمة إستثنائية في هذه الجرائم ، والمعول عليع في تحديد إختصاص المحكمة النوعي هو الوصف القانوني للواقعة كما رفعت بها الدعوى ، كما أن المحكمة التي رفعت إليها الدعوى هي التي تقوم بتحديد نوع الجريمة ومدى إختصاصها بها  دون أن تكون مقيدة بالوصف الوارد في قرار الإحالة ، بالإضافة إلى ذلك فإن المجلس القضائي لا يتقيد بما قضت به محكمة أول درجة بشأن نوع الجريمة .
ومن قواعد الإختصاص النوعي أن المحكمة الجزائية تختص بالفصل في الدعوى المدنية التبعية حتى وإن كانت من إختصاص المجلس القضائي حسب قواعد الإجراءات المدنية ، وكذلك الأمر بالنسبة لإختصاص محكمة الجنايات بنظر بعض الجنح التي يحددها القانون .
الفرع الثالث : الإختصاص المكاني :
لا يكفي أن تكون محكمة الجنايات مختصة بالنظر إلى شخصية المتهم ثم بالنظر إلى جسامة الجريمة، حيث تتعدد محاكم الدرجة الواحدة ، ويجب معرفة أيها المختص بالفصل في الدعوى ، ولحسم المسألة فإن المشرع قد وضع قاعدتين :
فمن جهة يقوم بتحديد سلطة كل محكمة من محاكم الدرجة الواحدة للفصل في الدعوى العمومية في إقليم جغرافي معين ، ثم يستوجب من ناحية أخرى وجود علاقة تربط بين الجريمة والمتهم بإرتكابها وبين تلك المنطقة التي تغطيها المحكمة ، ويكون لها ومن خلالها سلطة الفصل في الدعوى العمومية ، وبدونها تكون المحكمة غير مختصة .
فيجب أن يكون محل وقوع الجريمة في هذه المنطقة والتي يتم فيها الإعتداء على الأمن العام وإنتهاك القانون وبذلك يسهل جمع الأدلة، وقد يكون المتهم مجهولا وبالتالي يصعب إختيار مكان آخر ، كما قد تكون هذه المنطقة محل إقامة أحد المتهمين ، مما يسهل معرفة ماضي المتهم وسوابقه ، وخاصة ، إذا تعذر تحديد مكان وقوع الجريمة أو كونها وقعت بالخارج ، ومحل إقامة المتهم يقصد به مكان إقامته المعتاد وليس الموطن المختار أو القانوني ، كما تجب الإشارة أنه في حالة ما إذا إنعقد الإختصاص لأكثر من جهة قضائية واحدة وحركت الدعوى أمامها جميعا فلا محل لتكرار الدعوى العمومية أمامها جميعا ويستوجب تفضيل الجهة التي حركت الدعوى أمامها أولا ، إلا إذا إقتضى حسن سير العدالة بأن الإختصاص يعود إلى جهة أخرى ، وكذلك يمكن أن تحرك الدعوى العمومية في مكان القبض على مرتكب الجريمة حتى لو كان ذلك لسبب آخر، فتختص بذلك محكمة الجنايات.






26
المطلب الثاني : الإستثناءات على قواعد الإختصاص:
إن المشرع الجزائري قد خرج عن المبادئ العامة للإختصاص سابقة الذكر في حالات معينة تحقيقا لإعتبارات تتعلق بحسن سير العدالة ، وتتمثل هذه الإستثناءات فيما يلي :
الفرع الأول : شمول إختصاص محكمة الجنايات:
إن قواعد الإختصاص كما سبق وأن رأينا، هي من النظام العام ، ولذلك فإنه يفترض عدم مخالفتها ، فليس لمحكمة الجنح والمخالفات أن تفصل في جريمة تخرج عن إختصاصها ويتعين عليها حينئذ أن تقضي بعدم إختصاصها وبإحالتها إلى النيابة العامة للتصرف فيها حسبما تراه ، أما بالنسبة لمحكمة الجنايات فليس لها أن تقرر عدم إختصاصها (1) بل يتعين عليها الفصل في الدعوى العمومية المحالة عليها حتى وإن كانت غير مختصة في الفصل فيها طبقا لقواعد الإختصاص، وذلك ما لم ينص المشرع على غير ذلك كالشأن بالنسبة لأقسام الأحدات التي تختص وحدها بالفصل في الجنح والجنايات المنسوبة لحدت ولو ساهم معهم في الجريمة متهمون بالغون(2).
وبالتالي نعتبر أن قرار إحالة الدعوى العمومية إلى محكمة الجنايات مكسب للإختصاص  في حين أن قرار الإحالة إلى المحاكم الأخرى يعد بيانيا لا يلزمها بالفصل في القضية في حالة عدم إختصاصها بها، وتطبيقا لذلك فإذا وجدت محكمة الجنايات أن الجريمة المسندة للمتهم ليست جريمة قتل ،وإنما مجرد جنحة قتل خطأ وجب أن تفصل فيها بالرغم من ذلك (3) ، أما بالنسبة للدعوى المدنية التبعية فإن محكمة الجنايات تقضي فيها حتى لو قضت بالبراءة أو بإعفاء المتهم من العقاب (4).
وبذلك فإن شمول إختصاص محكمة الجنايات يؤكد بأنها تحقق للمتهم أكبر قدر من الضمانات في المحاكمة ، بالإضافة إلى تجنب إطالة الإجراءات وكثرة النفقات عن طريق إعادة عرض الدعوى على المحكمة المختصة أصلا.
الفرع الثاني : ‘متداد الإختصاص :
إن الجرائم المنسوبة للمتهم قد تتعدد فتشمل جنايات وجنح ومخالفات، وبذلك تتعدد المحاكم المختصة بالفصل في كل منها رغم وحدة المتهم أو وقوعها تنفيذا لنشاط إجرامي واحد رغم أنه قد يتعدد المتهمون المشتركون في إرتكاب جريمة واحدة ، ولكن بعضهم قد يخرج عن الإختصاص الشخصي للمحكمة المختصة وفقا لقواعد الإختصاص مما يستدعي محاكمته أمام محكمة أخرى ، إلا أن حسن إدارة العدالة يقتضي أن تتولى محكمة واحدة تراعي ظروف ومسؤولية المتهم الفصل في هذه الجرائم ،مع منع أي  تعارض بين الأحكام مما يكفل عدالة أسرع وتكلفة أقل ، ولهذا فإن القانون يمد إختصاص المحكمة إلى جرائم أو متهمين لا تختص بهم طبقا للقواعد فتقوم بإصدار الحكم فيها جميعا سواء كان تعدد الجرائم معنويا أو ماديا.

(1): أنظر المادة351 من قانون الإجراءات الجزائية.
(2): أنظر المادة 465 من قانون الإجراءات الجزائية .
(3): أحمد شوقي الشلقاني ، المرجع السابق ،ص 361.
(4): أنظر المادة316-361 من قانون الإجراءات الجزائية.


27
فإن كان التعدد معنويا فإن الجاني يرتكب فعلا سلوكا إجراميا واحدا ولكنه يحتمل عدة أوصاف قانونية، أي يخضع لأكثر من نص قانوني واحد وحينئذ يتعين أن يوصف الفعل بالوصف الأشد منها (المادة 32 من قانون العقوبات ) ومن تم تختص بالدعوى محكمة الوصف الأشد دون غيرها (1) ، أما التعدد المادي فهو نوعان : تعدد مع إرتباط لا يقبل التجزئة وآخر مع إرتباط بسيط .
- أولا: التعدد مع إرتباط لا يقبل التجزئة : ويتحقق عندما تقع  عدة جرائم يعاقب عليها القانون ،و لكن كل منها على حدى سواء تعدد المتهمون أم لا مع وجود علاقة وثيقة تربطهما ، إما عن طريق وحدة الغرض أو رابطة السببية  أو كون إحدى الجرائم عنصرا مكونا لجريمة أخرى أو ظرفا مشددا لها.
ولا يلزم أن تقع هذه الجرائم في مكان واحد أو في وقت واحد ما دامت قد جمعتها هذه الرابطة ، فإذا كانت بعض هذه الجرائم من إختصاص جهات قضائية مختلفة تتبع جميعا القضاء العادي وجب ضمها جميعا لنظرها بمعرفة جهة منها ، سواء من قضاة التحقيق أو الحكم (2).
أما إذا كانت إحدى تلك الجرائم من إختصاص القضاء العادي والأخرى من إختصاص القضاء الإستثنائي إختصت بها جميعا جهة القضاء العادي ما لم ينص القانون على غير ذلك (3)، كما توجب المادة 465 من قانون الإجراءات الجزائية إحالة المساهمين مع الحدت إلى الجهة المختصة عادة بمحاكمتهم .

-ثانيا: أما التعدد مع إرتباط بسيط فيعني أن يوجد بين الجرائم المتعددة رابطة ولكنها لا تصل في قوتها و وضوحها إلى حد عدم التجزئة (4)، وفي حالة تعدد جهات القضاء المختصة بالجرائم المرتبطة ، جاز للجهة القضائية أن تضم الدعاوى العمومية الناشئة عنها أو تفصل في كل منها على حدى ، كما يجوز لها أن تتصدى للدعاوى التي تختص بها ، وتحيل الدعاوى الأخرى إلى الجهة القضائية المختصة طبقا للقواعد العامة.



(1): راجع المادة 32من قانون العقوبات .
(2) : أنظر المادة 269 الفقرة 3 من قانون الإجراءات الجزائية .
(3) : راجع المادة 327 من قانون الإجراءات الجزائية.
(4): أنظر المادة 188 من قانون الإجراءات الجزائية والتي نصت على حالات الإرتباط البسيط الواردة على سبيل المثال لا الحصر.








28
الفرع الثالث: المسائل والدفوع الأولية:
تكون محكمة الجنايات المطروح أمامها الدعوى العمومية مختصة  بالفصل في جميع الدفوع التي يبديها المتهم دفاعا عن نفسه ما لم ينص القانون على خلاف ذلك (1) ، ولهذا لا يجوز لتلك المحكمة أن توقف نظر الدعوى العمومية إلى أن يفصل في النزاعات غير الجزائية من الجهة المختصة .
وهذه القاعدة تكفل حسن سير العدالة وسرعة البت في الدعاوى العمومية.
وبذلك يختص القاضي الجزائي بالفصل في كل المسائل اللازمة للحكم في الدعوى العمومية.
كما أن إيقاف الدعوى العمومية إلى حين الفصل فيها من القضاء المختص يسمح للمتهم بعرقلة سير الدعوى ، وتطبق الحكمة الجزائية حين فصلها في المسائل العارضة طرق الإثبات في القوانين المنظمة لتلك المسائل دون غيرها المقررة في قانون الإجراءات الجزائية.
لكن يرد على هذه القاعدة إستثناء إختتمت به المادة 330من قانون الإجراءات الجزائية وهو وجود نص يوجب الفصل في هذه المسائل أو الدفوع من جهة قضائية أخرى بسبب أهميتها وتحقبقا لحسن سير العدالة الجزائية ، ويتحقق ذلك بالنسبة للمسائل والدفوع الأولية ، فيجب على القاضي أن يوقف الفصل في الدعوى العمومية حتى تفصل جهة قضائية أخرى جزائية أو مدنية أو إدارية أو تجارية في هذه المسائل، وتتقيد المحكمة الجزائية بالحكم الصادر من الجهة القضائية الأخرى في هذه الحالات إستثناء من قاعدة إختصاص المحكمة الجزائية بالبت في كافة الدفوع المتعلقة بالدعوى العمومية ، وهذا ما يستوجب عدم التوسع في تفسيره مما جعل المشرع يقيده بقيود : فلا تلتزم المحكمة كقاعدة عامة بوقف الفصل في الدعوى العمومية إلا إذا كان المتهم قد إبدى الدفع الأول إلا أنه ليس ضروريا أن يطلب إيقاف الدعوى حتى البت في المسألة الأولية ، وأنما يكفي أن يتمسك بها ، وكذلك يتعين أن يكون الدفع جديا فيستند إلى وقائع تصلح أساسا لما يدعيه المتهم .
و أخيرا ينبغي أن تكون هذه المسألة من شأنها أن تنفي عن الواقعة وصف الجريمة  فتتصل بركن من أركان الجريمة أو بشرط لا يتحقق وجود الجريمة إلا بوجوده وإلا إنتفت علة الإيقاف .
فإذا تخلفت هذه الشروط ، إستمرت المحكمة في المرافعات ، أما إذا توافرت جميعا ، وجب على المحكمة أن توقف الدعوى وتمنح المتهم مهلة يتعين عليه خلالها رفع الدعوى بالجهة القضائية المختصة ، فإذا لم تفعل وفصلت في الدعوى بعد التصدي للمسألة الأولية أو دون التعرض لها كان حكمها باطلا لمخالفة النظام العام.


(1):راجع المادة 330من قانون الإجراءات الجزائية.






29
و إذالم يقم المتهم برفع الدعوى في تلك المهلة ، ولم يقدم للمحكمة ما يثبت ذلك ، صرفت المحكمة النظر عن الدفع ، و إعتبرته كأن لم يكن حتى لا يتسنى للمتهم أن يعطل الفصل في الدعوى العمومية، أما إذا أقام الدعوى فعلا ، وجب على المحكمة أن تمد إيقاف نظر الدعوى العمومية ‘لى حين الفصل في المسألة الأولية بحكم بات ، ويكون لهذا الحكم حجية على الدعوى العمومية .
الفرع الرابع : التجنيح القضائي:
بالرغم من توافر عناصر الجريمة الموصوفة قانونا بأنها جناية إلا أن وكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق قد يحيلها ‘لى محكمة الجنح للحكم فبها بعقوبة الجنحة ، ويبرر التجنيح بتقدير سلطة الإتهام أو سلطة التحقيق قسوة الجنايات ، وتكمن أهميته في الإقتصاد في النفقات وتحقبق سرعة الفصل في الجريمة بدلا من الإجراءات الطويلة أمام محكمة الجنايات لكي تتفرغ هذه الأخيرة للجرائم الأكثر خطورة.
والواقع أن التجنيح تعرض للنقد لأنه يصطدم بقواعد الإختصاص المتعلقة بالنظام العام ، وما زال يعتمد في بقائه سوى على الموافقة الضمنية للخصوم.
(1).
المطلب الثالث : تنازع الإختصاص:
يتعين على القضاء الجزائي ،كما سبق القول ، أنيتأكد من إختصاصه بالدعوى  العمومية أولا قبل أن يتطرق إلى الفصل فيها ، أو عدم إختصاصه ، وبذلك يطعن في الحكم بالإختصاص أو عدمه بمختلف طرق الطعن ، وبالرغم من ذلك يمكن أن تقرر جهتان من جهات التحقيق أو الحكم إختصاصها أوعدم إختصاصها عن جريمة أو عدة جرائم مرتبطة في حين يكون الإختصاص منحصرا في إحداهما فقط .
فيوجد تنازع إختصاص قضائي بين هذه الجهات ، وهو تنازع إيجابيفي الحالة الأولى ،وتنازع سلبي في الحالة الثانية.
وتشير المادة 545 من قانون الإجراءات الجزائية (2) إلى عدة صور لتنازع الإختصاص ، فقد يكون بين جهتين من جهات التحقيق(3) ، أوبين مجلسين قضائيين  أو بين جهتين من جهات الحكم العادية أو الإستثنائية و جهة من جهات التحقيق ، ولكن يشترط صدور حكمين أو قرارين قضائيين وأن يكونا متعارضين وباتين ،


(1): أحمد شوقي الشلقاني ، المرجع السابق ، ص370.
(2): الأمر 69-73 المؤرخ في 16 سبتمبر 1969.
(3): قد تكون هذه الجهة قاضي تحقيق أو غرفة إتهام.









30
كما يجب أن تكون إحدى الجهتين هي المختصة فقط ، بالإضافة إلى ذلك فإن تنازع الإختصاص تثور بشأنه بعض المسائل والتي تتمثل فيما يلي :


الفرع الأول : التعارض الحتمي :
إن تنازع الإختصاص قد يكون بصدد قرار أو حكم قضائي فقط إذا قرر خطأ عدم إختصاص الجهة القضائية رغم أنها هي الوحيدة المختصة، ثم يصبح هذا الحكم أو القرار باتا لا يقبل الإلغاء بأي طريق من طرق الطعن ،وهذا ما يجعل الجهة التي تحال إليها الدعوى تقضي فيها بعدم الإختصاص من جديد ، وهذا ما يخلق تنازع سلبي برفض جهتين قضائيتين للإختصاص.
الفرع الثاني : الجهة المختصة بالفصل في التنازع :
لقد جعل المشرع الجهة الأعلى درجة المشتركة حسب التدرج في السلك القضائي (1) هي المختصة بالفصل في تنازع الإختصاص ، أما إذالم توجد جهة عليا مشتركة  فإن النزاع سواء تعلق بجهات تحقيق أو جهات الحكم العادية أو الإستثنائية يطرح على الغرفة الجزائية بالمحكمة العليا (2) ومثال ذلك قرار التحقيق أو غرفة الإتهام خطأ بإحالة الدعوى العمومية إلى محكمة الجنح رغم أن الواقعة جناية.
الفرع الثالث : إجراءات تعيين المحكمة المختصة :
وقد تم تنظيم هذه الإجراءات في المادة 547 من قانون الإجراءات الجزائية على الشكل التالي :
-         لكل من النيابة العامة والمتهم والمدعي بالحق المدني رفع طلب النظر في تنازع الإختصاص ، ويحرر ذلك الطلب في عريضة تودع لدى قلم كتاب الجهة القضائية المطالبة بالفصل في تنازع الإختصاص خلال مهلة شهر إعتبارا من تبليغ آخر حكم قضائي، كما تعلن العريضة إلى جميع أطراف الدعوى المعنيين ، ولهم مهلة 10 أيام لإيداع  مذكراتهم لدى قلم الكتاب .
-         ويجوز للمحكمة العليا بمناسبة طعن مطروح أمامها أن تفصل من تلقاء نفسها في تنازع الإختصاص وهو ما يتحقق عندما يصدر حكم بعدم الإختصاص خطأ فيكون التعارض حتميا بينه وبين الحكم أو القرار الذي يصدر من جهة قضائية أخرى بإحالته إليها وبذلك يجوز إعتبار الطعن بالنقض في الحكم الصادر فعلا بعدم الإختصاص بمثابة طلب تعيين المحكمة المختصة.



(1): هذه الجهة هي التي يطعن أمامها في القرارات والأحكام الصادرة من الجهتين المتنازعتين .
(2): أنظر المادة 546 من قانون الإجراءات الجزائية.





31
-  وتقوم الجهة المعروض عليها النزاع بتعيين الجهة القضائية التي تتولى السير في الدعوى ، كما تفصل أيضا في شأن الإجراءات والأحكام التي إتخذتها الجهة القضائية التي قضي بتخليها عن النظر بالدعوى ، وذلك سواء ببطلانها أو بصحتها            

( المادة 547-5) ، ويكون قرارها غير قابل لأي طعن (المادة547-6) ، ويلاحظ أن كثيرا من حالات التنازع بين قضاة التحقيق المنتمين لمحاكم مختلفة لا تطرح على المحكمة العليا ، إذ يصدر أحدهما بناء على طلب النيابة العامة قرار بالتخلي عن نظر الدعوى ( المادة 547 فقرة أخيرة ) للقاضي الآخر الذي يقتضي حسن سير العدالة إختصاصه هو بالتحقيق كأن تكون الوقائع التي حدث التخلي عنها مرتبطة بوقائع أو متهمين يتولى هذا الأخير التحقيق بشأنهم، ويعد هذا القرار بالتخلي قرار قضائيا فاصلا في الإختصاص ، يقبل فيه الطعن من المتهم ومن المدعي المدني (1) 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه