خصائص محكمة الجنايات في القانون الجزائري

0
خصائص محكمة الجنايات :
إن المحاكم الجزائية العادية تشترك جميعا في بعض الخصائص، و لكنها في ذات الحين تختلف في تشكيلها تبعا لنوع الجريمة أكانت جناية أو جنحة أو مخالفة ،هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن التنظيم القضائي في الجزائر يقوم على أساس وحدة القضاة ،وهو أهم خاصية توحد المحاكم في الجزائر(1) ،حيث يقوم القضاة ويتولون الفصل في المنازاعات الجزائية وغير الجزائية ،وذلك سواء على مستوى الدرجة الأولى أو الثانية ، بل وتتحقق تلك الوحدة في مرحلة التحقيق الإبتدائي ،فقضاة التحقيق يعينون لهذا الغرض من بين قضاة المحكمة(2) وغرفة الإتهام يعين قضاتها من بين قضاة المجلس القضائي، ومن جهة ثالثة فإن القاضي الجزائي يقوم بنشاطه إنطلاقا من مبدأ تعدد درجات التقاضي ، أي أن الدعوى العمومية تفصل فيها محكمة أول درجة، ثم يستأنف الحكم الصادر فيها أمام محكمة أعلى درجة تتولى إعادة نظر تلك الدعوى ، ويعد هذا المبدأ ضمانة هامة من ضمانات القضاء التي تكفل سلامة الأحكام.
هذا بالنسبة لخصائص المحاكم الجزائية بصفة عامة ، أما بالنسبة لمحكمة الجنايات وبأعتبار هذه الأخيرة المحكمة المختصة بالفصل في الأفعال الموصوفة قانونا بأنها جنايات ،فإنه يمكن أن نميز نوعين من الخصائص: الأولى شكلية والأخرى موضوعية ، وبالتالي يمكن أن نخصص لكل منها مطلبا خاصا بدراستها وذلك حسب الشكل التالي:
المطلب الأول : الخصائص الشكلية :
إن قانون الإجراءات الجزائية لم يضع تعريفا لمحكمة الجنايات ، ولكن بالرجوع إلى النصوص المنشئة لها يمكن إستخلاص بعض الخصائص الشكلية ، إذ تعتبر محكمة الجنايات محكمة شعبية ذات ولاية عامة ، كما أنها تختلف عن باقي المحاكم الأخرى بإعتبارها محكمة إقتناع ، بالإضافة إلى أنها تعتبر محكمة إجرائية لأن الجنايات على خلاف الجنح والمخالفات ، تثار بشأنها مسائل وإشكالات دقيقة ومعقدة مما يجعل الإجراءات  أمام محكمة الجنايات تتصف بطولها و شكلياتها المتعددة والتي يترتب على الإخلال بالكثير منها بطلان الحكم وتعرضه للنقض.
الفرع الأول : محكمة الجنايات ذات ولاية عامة:
تتميز محكمة الجنايات من حيث إختصاصها عن باقي المحاكم ، ذلك أنها تقضي في الدعوى سواء كانت جناية أو تم إعادة تكييفها إلى جنحة أو مخالفة ، كما يمكن أن تجري تحقيقا إضافيا إذا رأت في ذلك ضرورة ، بالإضافة إلى الفصل في الدعوى المدنية الناشئة عن الجريمة، والأساس الذي يقوم عليه هذا الإختصاص هو إعتبار من يملك الكل يملك الجزء، فهي تفصل في أخطر الجرائم ، وبالتالي من الطبيعي والمنطقي أن تفصل في باقي الجرائم الأخرى الأقل منها خطورة(3).
(1):وكذلك بالنسبة للتنظيم القضائي في فرنسا،والذي يعتمد على وحدة القضاء- أحمد شوقي الشلقاني ،المرجع نفسه، ص330
(2): أنظر المادة39 من قانون الإجراءات الجزائية
(3):أحمد شوقي، المرجع السابق، ص387



12
الفرع الثاني : محكمة الجنايات محكمة إقتناع:
إن محكمة الجنايات لا تسبب الأحكام التي تصدرها ، فالحكم يبنى على أساس الإقتناع الشخصي لأعضاء هيئة المحكمة الذي يستمد من الوقائع المعروضة عليها والمرافعات التي تتم أمامها.
والحكمة في ذلك كونها محكمة جماعية شعبية ، وإذا قامت بتسبيب أحكامها فإن الأسباب تكون متناقضة ، بالإضافة إلى العنصر الشعبي غير المحترف الذي لا يمكن أن يبدي رأيه في مسائل قانونية(1).
الفرع الثالث : محكمة الجنايات محكمة إجرائية:
تمتاز محكمة الجنايات بشكليات متعددة في الإجراءات المنظمة للمحاكمة أمامها، بداية من كيفية تشكيلها إلى غاية النطق بالحكم، حيث رسم قانون الإجراءات الجزائية طريق السير في الخصومة الجنائية أمام هذه المحكمة بدقة نظرا لأهمية وخطورة  أحكامها، وبالتالي فهي تصدر هذه الأحكام بصفة نهائية ولا يمكن إعادتها إلا عن طريق النقض، ومن تم كان من الواجب عليها أن تتحرى الدقة في كل كبيرة وصغيرة في الدعوى القائمة أمامها(2).
المطلب الثاني : الخصائص الموضوعية:
إن محكمة الجنايات –كما عرفنا فيما سبق- تتميز عن باقي المحاكم الجزائية ببعض الخصائص الشكلية، وبما أن الشكل يقابله المضمون أو الموضوع فهي أيضا تتميز ببعض الخصائص الموضوعية، والتي تتمثل في أنها تختص بالنظر في الجرائم الموصوفة قانونا بأنها جنايات، كالسرقة الموصوفة والقتل العمدي إضافة إلى الجنح والمخالفات المرتبطة بها بصورة غير قابلة للتجزئة ، وبالتالي فهي تفصل في أخطر الجرائم وتقضي في ذلك في ذلك بأقصى العقوبات والحكم فيها يكون نهائيا(3).
إضافة إلى مدى صلاحية القضاة للفصل في الدعوى، وهذا ما سيتم التطرق إليه من خلال ما يلي:
الفرع الأول : محكمة الجنايات تصدر أحكام نهائية:
إن الحكم هو قرار تصدره المحكمة في الدعوى العمومية أثناع نظرها، أولوضع حد لها(4)، وبذلك فالحكم الذي تقضي به المحكمة حكم نهائي غير قابل للإستئناف، والسبب في ذلك يكمن في عدم وجود جهة تعلوها يمكن أن تستأنف أحكامها أمامها ،
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لو كانت هناك جهة قضائية أعلى من محكمة الجنايات مهمتها نظر إستئناف الأحكام كان ضروريا أن تكون تشكيلتها مغايرة لتشكيلة الدرجة الأولى كأن يكون عدد القضاة فيها أكبر، وبالتالي فإنه في كثير من الحالات لن يحصل إتفاق وبذلك يصبح الحكم غير نهائي فيستغرق فترة طويلة مما يؤدي بالمتهم وكذا الضحية والدولة إلى مواجهة بعض الصعوبات وتفقد العقوبة معناها وهدفها.
(1): أحمد شوقي الشلقاني ، المرجع نفسه ، ص389
(2): أحمد شوقي الشلقاني، المرجع نفسه ، ص334
(3): أنظر المادة 250فقرة 2 من قانون الإجراءات الجزائية
(4): أحمد شوقي الشلقاني ، المرجع السابق ص461



13
الفرع الثاني: سلطة القاضي في الفصل في الدعوى:
إن محكمة الجنايات تتميز بأنها تصدر أحكامها حسب إقتناعها الشخصي، فهي لا تتأثر في قضائها بطلبات الخصوم الذين لا يتمتعون بأي طريق من طرق الطعن إلا إذا أرادوا خلاف ما قضت به المحكمة.
كما أن المشرع قرر بعض الضمانات للخصوم التي تهدف إلى كفالة نزاهة  حكم القضاة ، هذه الضمانات تتمثل في رد القضاة والذي يقصد به جواز تنحية القاضي عن  نظر الدعوى متى قام حوله شك  في حياده.
وبذلك  أجاز للمتهم ولكل الخصوم في الدعوى طلب رد أي قاضي من قضاة الحكم كتابة(1) ، ولكي تتمكن المحاكم  من القيام بوظائفها، فإنه يعاقب كل من يعتدي على أعضائها أثناء ممارسة أو تأدية وظيفتهم(2).
أما الضمان الثاني الذي يتمتع به الخصوم فهو الإحالة من محكمة إلى أخرى، ونعني أنه في حالة تأثر المحكمة  بعدم حياد القاضي فإنه يجب إحالة الدعوى العمومية إلى جهة قضائية أخرى من نفس درجة الجهة القضائية المنظور أمامها الدعوى أصلا .


















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه