أركان المسؤولية عن الفعل الشخصي 124القانون المدني الجزائري

0
خطة الدراسة:
أركان المسؤولية التقصيرية عن الأفعال الشخصية:
الركن الأول: الخطأ
تعريف الخطأ
عناصر الخطأ
العنصر المادي للخطأ "التعدي"
مجال التعدي / معيار تقدير التعدي
حالات انتفاء الخطأ
حالة الدفاع الشرعي / حالة تنفيذ أمر صادر من الرئيس / حالة الضرورة
العنصر المعنوي للخطأ "الإدراك"
الركن الثاني: الضرر
تعريف الضرر
أنواع الضرر
شروط الضرر الواجب التعويض
الضرر المحقق / الضرر المباشر / الضرر الشخصي
الركن الثالث :العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر
نظرية تكافؤ الأسباب
نظرية السبب المنتج
موقف المشرع الجزائري
-------------------
الركن الأول: الخطأ
تعريف الخطأ : هو إخلال الشخص بالتزام قانوني مع إدراكه لهذا الإخلال 
عناصر الخطأ: للخطأ عنصرين هما: الانحراف أو الإخلال بواجب ما(مادي)، وانتساب هذا التعدي إلى المسؤول مما يقتضي التمييز و الإدراك (المعنوي)
العنصر المادي للخطأ "التعدي"
-- مجال التعدي: يكون بالإخلال بقاعدة قانونية أو واجب قانوني كالإخلال بالنصوص القانونية الآمرة المتعلقة بسلوك الفرد أو الإخلال بالالتزامات العقدية فهذا الإخلال عبارة عن تعدي بغض النظر عن الجزاء
-- معيار تقدير التعدي: فإذا أخذنا بالمعيار الشخصي الذاتي، فإننا ننظر الى الشخص الذي وقع منه السلوك فيجب لاعتبار هذا السلوك أو العمل تعديل أن نضع في نظرنا عدة اعتبارات منها السن والجنس والحالة الاجتماعية وظروف الزمان والمكان المحيطة بارتكابه التعدي أي عند محاسة الشخص عن اعماله ننظر الى تقديره للعمل الذي ارتكبه أي أن الشخص لا يكون مرتكبا لخطأ قانون إلا إذا أحس هو أنه ارتكب خطأ فضميره هو دليله ووازعه.
أما إذا أخدنا بالمعيار الموضوعي يفترض استبعاد الاعتبارات السابقة وننظر إلى سلوك هذا الشخص بسلوك الأشخاص الذين يتعامل معهم ويعايشهم، ونقيس هذا السلوك بأوسط الناس أي بالشخص العادي الذي لا يتمتع بذكاء خارق وفي نفس الوقت ليس محدود الفطنة خامل الهمة، يعتبر العمل تعديا "خطأ" إذا كان الشخص العادي لا يقوم به في نفس الظروف التي كان فيها الشخص المسؤول ولا يعتبر العمل تعديا "الخطأ" إذا كان الشخص العادي يقوم به في نفس الظروف التي كان فيها الشخص المسؤول.
ويلاحظ ان المعيار الموضوعي او معيار الرجل العادي هو المعيار الأقرب للمنطق لأن اعتبارته واضحة ومعلومة لا تتبدل ولا تتغير بتغير الشخص مما يساعد على ثبات قاعدة التعامل بين الناس في فكرة التعويض، أما الأخذ بالمعيار الشخصي الذي يبين على اعتبارات ذاتية خفية يستعصي على الباحث كشفها، إضافة إلى أنها تختلف من شخص لآخر.
وبالتالي فالمعيار الموضوعي هو الأساس لقياس التعدي وهو المعيار الذي أخذ به المشرع الجزائري في الكثير من أحكامه فيقاس به الخطأ العقدي في الإلتزام ببذل عناية (م 172/2 ق م) ، ويفرضه المشرع على المستأجر ( م495 ق م ) والمستعير ( م544 ق م).
حالات انتفاء الخطأ
-- حالة الدفاع الشرعي: تنص المادة 128 من ق.م.ج: " من أحدث ضرر وهو في حالة دفاع شرعي عن نفسه أو عن ماله، أو عن نفس الغير أو عن ماله كان غير مسؤول على ألا يتجاوز في دفاعه القدر الضروري...." إن الدفاع الشرعي عن النفس أو المال يبيح التعدي فلا تترتب المسؤولية، و لكي تتحقق حالة الدفاع الشرعي لا بد من توفر الشروط التالية:
أ/ أن يوجد خطر حال أو وشيك الحلول لا سبيل إلى دفعه إلا إيقاع الأذي بالمعتدي.
ب/ أن يكون ايقاع هذا الخطر عملا غير مشروع أما إذا كان من الأعمال المشروعة مثل اللص الذي يطارده رجال الأمن فلا يحق له أن يقاوم بحجة الدفاع الشرعي.
ج/ أن يكون دفع الاعتداء بالقدر اللازم والضروري دون مجاوزة أو إفراط و عوض بقدر الزيادة.
-- حالة تنفيذ أمر صادر من الرئيس: تنص المادة 129 : لا يكون الموظفون، والعمال العامون مسؤولين شخصيا عن أعمالهم التي أضرت بالغير إذا قاموا بها تنفيذا لأوامر صدرت إليهم من رئيس، متى كانت إطاعة هذه الأوامر واجبة عليهم" فتنفيذ أوامر صادرة من رئيس يجعل التعدي عملا مشروعا وذلك إذا توافرت الشروط الآتية:
أ/ أن يكون مرتكب الفعل موظفا عموميا.= ب/ أن يكون هذا الموظف قد قام بالفعل تنفيذا لأمر صادر إليه من رئيس وأن تكون طاعة هذا الأمر واجبة، وهي لا تكون كذلك إلا إذا كان العمل مشروعا و إذا علم الموظف بعدم مشروعية العمل كان مسؤولا.= ج/ أن يثبت الموظف العام أنه راعى في عمله جانب من الحيطة والحذر.
-- حالة الضرورة: تنص المادة 130 من ق.م.ج:" من سبب ضررا للغير ليتفادى ضررا أكبر محدقا به أو بغيره فينبغي ألا يكون ملزما إلا بالتعويض الذي يراه القاضي مناسبا" بمعنى أن الفرد يكون في حالة الضرورة متى جعلنه الضروف المحيطة به إلى الإضرار بالغير حتى يتجنب ضررا محدقا به و بغيره و لتحقق حالة الضرورة يجب توفر الشروط التالية:
أ/ أن يكون هناك خطر حال يهدد مرتكب الفعل أو الغير في النفس أو المال
ب/ أن يكون مصدر هذا الخطر أجنبيا لا يرجع الى الشخص المتضرر و لا لمحدث الضرر .
ج/ أن يكون الخطر المراد تفاديه أشد بكثير من الضرر الذي وقع أو يرتكبه.
الركن المعنوي للخطأ "الإدراك" بحيث وجب أن يكون هذا الشخص مدركا لأعمال التعدي التي قام بها سواء بقصد أو وقعت منه بغير قصد.
والإدراك مرتبط بقدرة الانسان على التمييز، وسن التمييز في القانون الجزائري هو 13 سنة المادة42/2 من ق.م.ج " يعتبر غير مميز من لم يبلغ 13 سنة."، أما بالنسبة للذي لم يبلغ سن 13 فالقاعدة العامة لا مسؤولية عليه ويتساوى مع الصبي غير المميز والمجنون والمعتوه ومن فقد رشده لسبب عارض.
و بدون تمييز و إدارك لا تتحق مسؤولية الشخص لا من الناحية الجنائية ولا من الناحية المدنية فقوام المسؤولية التقصيرية هو التمييز و نصت على ذلك المادة 125 من ق.م.ج

الركن الثاني:الضرر
تعريف الضرر: هو الأذى الذي يصيب الشخص نتيجة المساس بمصلحة مشروعة له أو حق من حقوقه سواء تعلق ذلك بسلامة جسمه أو ماله أو حريته أو شرفه أو عاطفته.
أنواع الضرر: 
الضرر المادي: هو ما يصيب الشخص في جسمه أو في ماله ، فيتمثل في الخسارة المالية التي تترتب على المساس بحق (أو مصلحة ) سواء كان الحق ماليا ( كالحقوق العينية أو الشخصية أو الملكية الفكرية أو الصناعية ) ويكون ضررا مادياً إذا نجم عن هذا المساس إنتقاص للمزايا المالية التي يخولها واحد من تلك الحقوق او غير مالي كالمساس بحق من الحقوق المتصلة بشخص الانسان كالحرية الشخصية وحرية العمل وحرية الرأي كحبس شخص دون حق أو منعه من السفر للعمل يترتب عليه ضرر مادي أيضا.(شرط أن تكون المصلحة مشروعة).
الضرر المعنوي: هو الضرر الي يلحق الشخص في حقوقه المالية أو في مصلحة غير مالية ،فهو ما يصيب الشخص في كرامته أوفي شعوره أو في شرفه أو في معتقداته الدينية أو في عاطفته وهو أيضا ما يصيب العواطف من ألام نتيجة الفقدان شخص عزيز ، وقد توسع القضاء في مفهوم المصلحة الأدبية فأعتبر ضررا أدبياً ما يصيب الشخص من جراء السب أو القذف من ايذاء للسمعة أو عن آلام النفس إلى نطاق منت المحافظة على إسم الشخص وحرمة عائلته وشرفها.
ولا أحد ينازع اليوم في مبدأ تعويض الضرر المعنوي مثله في ذلك مثل الضرر المادي تماما وهذا ما أخذ به المشرع الجزائري في خلال التعديل من نصوص الق م ج لسنة 2005 حيث جاء في المادة 182 مكرر:" ويشمل التعويض عن الضرر المعنوي كل مساس بالحرية أو الشرف أو السمعة". 
شروط الضرر:
ب/ أن يكون الضرر محققا : لكي يتوفر الضرر لابد يكون وقع فعلاً أو أنه مؤكد الوقوع في المستقبل(أي قامت أسبابه و نتائجه تراخت في المستقبل) وفي هذا يجب أن نميز بين ثلاث أقسام للضرر المستوجب التعويض :=1- الضرر الواقع : هذا الواقع فعلاً ولا مشكلة تثار حول وقوعه كإصابة الشخص نتيجة حادث السيارة .= 2- ضرر مؤكد الوقوع : هو الضرر لم يقع بعد ولكن وقوعه مؤكد فسبب الضرر قد تحقق ولكن آثاره كلها أو بعضها تراخت في المستقبل كإصابة عامل بعاهة مستديمة تحجز عن الكسب مستقبلا.=3- الضرر الاحتمالي: هو الضرر الذي لم يقع بعد ولكن وقوعه مستقبلا غير محقق الوقوع، فهو يختلف عن الضرر المستقبلي ولا تقوم عليه المسؤولية المدنية بل ينتظر حتى يصبح الاحتمال يقينا فلا تعويض عنه إلا إذا تحقق فعلا،
* وينبغي عدم الخلط بين الضرر المحتمل والضرر المتمثل في تفويت فرصة وهي حرمان الشخص فرصة كان يحتمل ان تعود عليه بالكسب فالفرصة أمر محتمل ولكن تفويتها أمر محقق، كأن يصدم شخص كان في طريقه إلى أداء امتحان في مسابقة، فقد فوتت عليه الفرصة أو الفوز، وهذا القدر كاف لتحقق الضرر الذي يقع فعلا فهو مستوجب التعويض.
ج- ان يكون الضرر شخصيا: 
وهذا الشرط ينصرف القصد فيه إلى أنه إذا كان طالب التعويض هو المضرور أصلا فيجب عليه أن يثبت ما أصابه شخصيا من ضرر وإذا كان طلب التعويض بصفة أخرى فالاثيات يكون للضرر الشخصي لمن تلقى الحق عنه.
1- الضرر المرتد: هي أضرار تصيب الغير كالأضرار التي تلحق الخلف بسبب قتل السلف الذي كان يعيش على نفقته فبطبيعة الحل تلحقه خسارة مالية و معنوية و المشرع الجزائري فأجاز المطالبة بالتعويض المادي و المعني جراء هذا الضرر
2- الضرر الذي يمس المصالح الاجتماعية:باستطاعة كل فرد من أفراد الجماعة إلى لحقها ضرر أن تطالب بالتعويض شرط أن يثبت الطابع الشخصي للضرر الذي يدعيه و هذا ما لم يوجد شخص معنوي يتولى الدفاع عن المصالح المشتركة و في حالة وجوده لا يحق للأفراد المطالبة بتعويض الأضرار مادامت هي من تدافع عنهم حسب أهدافها الاجتماعية.

الركن الثالث : علاقة السببية بين الخطأ و الضرر:
وهو الركن الثالث في المسؤولية التقصيرية وتعني وجوب وجود علاقة مباشرة بين الخطأ الذي ارتكبه الشخص المسؤول وبين الضرر الذي وقع بالشخص. وقد عبر المشرع الجزائري عن ركن السببية في المادة 124 ق م في عبارة " ويسبب ضررا" لذا حتى يستحق التضرر التعويض يجب أن يثبت وجود علاقة سببية بين الخطأ والضرر، وعلى المسؤول إذا ما أراد أن ينفي علاقة السببية ان يثبت السبب الأجنبي أي السبب الذي لا يد فيه. 
ولتحديد السببية نجد أنفسنا أمام أمر بالغ التعقيد وذلك لأنه يمكن ان ينسب الضرر لعدة أسباب لا لسبب واحد أي أمام تعدد الأسباب، ويمكن ان يترتب عن خطأ ما ضرر أو ويلحقه وقوع ضرر ثاني ثم ثالث وهذا ما يسمى بتعاقب الأضرار. وفي هذا تحديد الأضرار التي أنتجها الخطأ ومن تحديد النقطة التي تنقطع عندها السببية.
ظهرت نظريات عميقة تثير مسألة تعدد الأسباب خاصة في الفقه الألماني ومن أهمها:
نظرية تكافؤ الأسباب او تعادلها : عرفها الفقيه ميل بأن السبب ما هو إلا مجموع القوى التي ساهمت في إحداث الظاهرة والسبب ما هو إلا علاقة ضرورية بين السبب والأثر. وبمعنى آخر إذا اشتركت عدة وقائع في إحداث الضرر وكان كل منها شرطا في حدوثه بحيث لولاها لما وقع، اعتبرت كل هذه الوقائع القريب منها والبعيد أسبابا متكافئة او متساوية تقوم علاقة السببية بينها وبين الضرر ولمعرفة ما إذا كان بهذا السبب متكافئا نتساءل إذا كان الضرر سيحدث لولا مشاركة هذا السبب فإذا كان الجواب بالإيجاب يعتد بهذا السبب وان كان الجواب بالنفي فتقوم العلاقة السببية ويعتد به، فسرعة السارق وسرعة المنقذ كلها ساهمت في حدوث الوفاة فيعتبر كل منها سبب لها. وانتقدت النظرية وظهرت نظرية السبب المنتج.
نظرية السبب المنتج : رائدها الفقيه الألماني "فون كريس" مفادها : إذا اشتركت عدة أسباب في إحداث ضرر يجب استخلاص الأسباب المنتجة فقط وإهمال باقي الأسباب. فالسبب المنتج هو ذلك السبب الذي يؤدي بحسب المجرى الطبيعي للأمور إلى وقوع مثل هذا الضرر الذي وقع و إلا فانه شيئا عرضيا لا يهتم به القانون، ولو طبقناها عن المثال السابق فإهمال مالك السيارة سببا عارضا وليس سببا منتجا، ولقد نجحت هذه النظرية مما حمل الفقه والقضاء على اعتناقها ويمكن القول بأن المادة 182 من القانون المدني الجزائري إنها تؤيد فكرة النظرية. 
والأثر الذي يرتب على تعدد الأسباب أنه يجب الاعتداد بها جميعا ونصت على ذلك المادة 126 ق م " إذا تعدد المسؤولون عن عمل ضار كانوا متضامنين بالتزامهم بتعويض الضرر وتكون المسؤولية فيما بينهم بالتساوي إلا إذا عين القاضي نصيب كل منهم في الالتزام بالتعويض".
موقف المشرع الجزائري:
هناك إجماع فقهي على أن الق الجزائري قد ساير التشريعات العربية خاصة الق المصري الذي ساير بدوره الق الفرنسي و الذي أخذ بنظرية السبب المنتج و حجته في ذلك المادة 182 ق.م.ج :" إذا لم يكن التعويض مقدار في العقد، أو في القانون فالقاضي هو الذي يقدره، ويشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب، بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخر في الوفاء به."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه