ماهية التحريض على ممارسة الفسق و الدعارة في القانون الجزائري

0
ماهية التحريض على ممارسة الفسق و الدعارة
إذا كان المشرع الجزائري لم يستعمل مصطلح أو عبارة التحريض في نص المادة 343 من قانون العقوبات الجزائري كما فعل في نص المادة 342 من نفس القانون على أنه أوردها في عنوان القسم السابع الخاص بهذه المجموعة من الجرائم، بل أورد بدلا منها عبارات المساعدة، المحاولة أو الإغراء مما يجعلها نعتقد بأن هذه العبارات ليست إلا صور التحريض ذاته، وبالتالي فان أي شخص يسهل ويشجع على ممارسة الدعارة أو يستعمل دعارة الغير يعتبر تحريضا على ممارستها ويعرض نفسه إلى العقوبات المقررة في نفس المادة 343 من قانون العقوبات الجزائري.
المطلب الأول : مفهوم التحريض على الدعارة
ومن أجل معرفة خصوصيات هذه الجريمة من جميع النواحي، خصصنا هذا المطلب والذي يحتوي على تعريف التحريض وصوره وأخيرا قيام التحريض.
الفرع الأول: تعريف التحريض على الفسق و الدعارة
يقصد بالتحريض على الفسق والدعارة دفع المجني عليه إلى ارتكاب الرذيلة لدى الغير أي الداعرة والتي لم تكن موجودة لديه قبل التحريض، والأصل أن التحريض كوسيلة للمساهمة التبعية لا يعاقب القانون عليها إلا إذا أفضى إلى وقوع الجريمة أي أن القانون لا يعاقب عليه لذاته و إنما يعاقب عليه بالنظر إلى تأثيره المفضي إلى وقوع الجريمة، ولكن القانون اعتبر التحريض جريمة قائمة بذاتها في جريمة التحريض على الدعارة وذلك بغض النظر عن تحقيق النتيجة أو عدم تحقيقها وهي ممارسة الدعارة. ذلك أن ممارسة هذه الحرفة ليست سوى نتيجة لهذه الجريمة وليست عنصرا فيها ولا يقوم التحريض إلا في حق من يحرض غيره على ممارسة الدعارة مع الناس، ولذلك فانه لا يقع من الأنثى التي تقدم نفسها للغير و إنما تقع ممن يحرض غيره على ذلك أو يسهل لها ذلك الفعل، ونظرا لأن التحريض على الدعارة يتجرد في أغلب حالاته من مظهر تلمسه الحواس، لذلك فانه يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات ويجوز الاستناد إلى وقائع لاحقة على الجريمة لاستخلاص الدليل عليه ومناط ذلك أن تكون أدلة الإثبات
أن تكون أدلة الإثبات منصبة على واقعة التحريض ذاتها وأن يكون الدليل المستخلص منها
ائغا لا يتنافى مع العقل أو القانون. ويعتبر تقدير قيام التحريض على الدعارة من المسائل الموضوعية التي يترك تقديرها لقاضي الموضوع، وتطبيقا لذلك، فقد قضى بأنه لما كان

23
القانون لم يبين ما هو المراد من كلمة التحريض، فان تقدير قيام التحريض أو عدم قيامه في الظروف التي وقع فيها يعد مسألة تتعلق بالوقائع تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب، ويكفي أن يثبت الحكم تحقق التحريض ولا عليه أن يبين الأركان المكونة له.1
الفرع الثاني: الفرق بين التحريض والتحرش الجنسي وعدم الربط بينهما
سبق أن انتهينا إلى أن التحريض على الفجور أو الدعارة يقصد به التأثير في نفس المجني عليه وصولا إلى إقناعه بارتكاب الدعارة أو الفجور وذلك باستعمال كافة الطرق من تحقيق وقوع هذه الجريمة لا لغرض المحرض بل لغرض غيره. ومن هنا فان التحرش الجنسي، وهو أن الجاني يقوم بالفعل لنفسه ولإشباع رغباته.
وبعد اتصالنا بمصالح الشرطة وجدنا لديهم قضية أخذت على أساس أنها تحريض على الفسق و الدعارة ، وبعد التكييف ثبت عكس ذلك.
فقد جاء في القضية :
)  أن الفتاة التي لم تبلغ من العمر 17 سنة تم هتك عرضها من طرف حمى أمها والذي قام بفض بكارتها، وذلك نشأ عن علاقة غرامية، ونتج عن هذه العلاقة طفل حيث قامت الفتاة بإنجابه في بيت عجوز أمها وبعد ولادة الطفل قتل عمدا وهذا بعد وضعه في كيس بلاستيكي. (  
 كيفت القضية على أنها جريمة تحريض قاصرة على الفسق، ومن ثم جاء ما يلي: « يكفي لرد هذا التكييف واثبات عدم وجود هذه الجريمة في القضية المطروحة أمامنا أن نستدل باجتهاد المحكمة العليا في الملفان:
1-     جنائي 27/10/1987 ملف رقم 43267
2-     جنائي 15/05/1990 ملف رقم 450
فمن هنا يشترط أن يقوم المحرض بالفعل لغيره لا لنفسه، ومادام الجاني في قضية الحال قام بالفعل لنفسه لإشباع رغباته وهذا لأنه بالممارسة الجنسية على الضحية ولم يقدمها لشخص آخر،
 

1- الدكتور أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات، القسم الخاص، دار النهضة العربية، القاهرة، طبعة05، 199، ص 532.




24


حيث أن الضحية كانت راضية بممارسة العلاقة الجنسية وعمرها يفوق 16 سنة من العمر، فهي في هذه الحالة قاصرة مميزة. فحتى على فرض ثبوت الأفعال بالكيفية المشار إليها، فإنها لا تكفي لقيام الجريمة المنصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري.
وفي اجتهاد آخر في : جنائي 02/02/1982 رقم 72، قالت: مادام الضحية أقامت مع الجاني علاقة جنسية برضاها فان أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري التي تشترط أن يكون الجاني قد حرضها للفسق مع الأسر لم تتوفر في الدعوى الراهنة.
نعتقد أن الاجتهاديين يطبقان تماما على قضية أمن ولاية غليزان والشيء المؤسف أن التحريض على الفسق يكون لفائدة الغير لا للذات أمر معروف حتى لدى العامة وعليه فالوقوع في الخطأ من طرف ضابط الشرطة القضائية يعتبر أمرا غير مقبول تماما.
وحسب الإحصائيات التي قامت بها فرقة حماية الطفولة لأمن ولاية تلمسان لسنة 2005، فان الإحصائيات كانت تتمثل في حالتين(02) من الذكور وحالتين(02) من الإناث، وهذا لحد الساعة. 

الفرع الثالث: صور التحريض على الفسق و الدعارة

ملاحظ : في قانون العقوبات الجزائري أن المشرع الجزائري لم يحدد لنا الوسائل التي يقع بها التحريض على الدعارة، ولذلك فقد يقع بالقول أو بالفعل.

البند الأول: التحريض بالقول
إن التحريض على الدعارة بالقول قد يكون بالقول الذي يتضمن إغراء بهدية أو وعد أو وعيد أو مخادعة من أجل حمل المجني عليه على ممارسة الدعارة ويمكن أن يكون القول  مجردا أو مصحوبا بإغراء، فالقول هو وسيلة من وسائل التأثير على الإرادة بحيث يدفع المجني عليه إلى الاتجاه إلى ممارسة الدعارة و وهنا تجب الإشارة إلى أنه لا يجب أن يكتفي قاضي


 

1- دراسة ميدانية، فرقة حماية الطفولة بتاريخ 28/03/2005 على الساعة 10:50 صباحا، مع السيد مفتش الشرطة لأمن تلمسان .

25

    الموضوع بسلوك الجاني عند تقدير توفر الركن المادي للتحريض، بل يقدر أيضا حالة المجني عليه وقت التحريض ومدى تأثير ذلك عليه، وما إذا كان ذكرا أو أنثى، صغيرا أو متقدما في السن، دون اشتراط تحقق نتيجة بالفعل من جراء التحريض، فالتأثيم على النشاط مجردا عن نتيجة ولكن يشترط أن يكون القول كافيا لإنتاج أثره في نفس المجني عليه ولذلك فإنه لا يعتبر تحريضا مجرد العرض أو النصح السيئ أو القدوة السيئة.
البند الثاني: التحريض بالفعل
قد يكون التحريض على الدعارة بالفعل بأن تصدر من الجاني إشارات تحمل معنى التحريض كالإشارة على مسكن للدعارة اشتهر عنه ذلك أو الإشارة بكلتا اليدين بما يعني المصاحبة، فلا يشترط أن يكون الفعل مصاحبا للقول بأن الفعل في ذاته كاف لقيام التحريض إذ لا يتعين في كل الأحوال أن تمتزج الأفعال المادية للمساهمة الجنائية بالنصائح أو التحريض أو الموعظة غير الأخلاقية. فالقانون الذي لا يعاقب إلا على التعدي على الآداب لا يريد التأثيم إلا على الأفعال المادية لوساطة الفحشاء والذي من نتائجه تلويث الشخص نفسه.2
المطلب الثاني: أركان التحريض على الفسق و الدعارة
عن القوانين القديمة كانت تعاقب على وساطة الفحشاء والذي كان يعرف بأنه المساعدة أو التشجيع على الفسق أو الفساد من خلال استغلال نساء أو فتيات داعرات من خلال أجرة أو غيرها من  المنافع أو من خلال جلبهن على أماكن الفسق أو الدعارة.
ولكن بعض التطور الذي شهدته التشريعات الجنائية الحديثة أصبحت جريمة تحريض القصر على الفسق أو الفساد الأخلاق مستقلة عما يعرف بالقوادة أو التحريض على الدعارة ثلاثة ولا بد من الإشارة إلى أن المشرع الجزائري قد ميز ما بين القصر الذين لا يتجاوز سنهم 16 سنة والقصر ما بين 16 و19 سنة. وعليه وبصفة عامة يمكن القول أن الأركان الأساسية المكونة لهذه الجريمة هي :
-         فعل مادي يتمثل في التحريض أو تشجيع أو تسهيل فساد الأخلاق أو الفسق.
-         عنصر السن
-         الركن المعنوي للجريمة.
 


1-2 الدكتور عبد الحكم فودة، المرجع السابق172 
26
الفرع الأول: الركن المادي
ويتضمن هذا الفرع ركنان يحتويان على الحيثيات المادية للجريمة.
البند الأول: الركن المادي للجريمة من حيث الأشخاص
عن أولئك الذين يتخذون من تحريض القصر على الفسق كحرفة وذلك من أجل إشباع شهوات الغير مقابل حصولهم على منافع، فانهم يقعون تحت طائلة العقوبات المقررة في نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري. ولكن الأشخاص الذين يحرضون قصرا على الفسق أو الفساد من أجل إشباع شهواتهم الشخصية أي الذين يتصرفون كمفسدين وليس كوسطاء للفسق أو الفساد، فهل يقعون تحت طائلة نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري؟
عن القضاء الجزائري ذهب إلى ما اشترطته المحكمة العليا في العديد من قراراتها 1 من أجل تطبيق مقتضيات نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري أن يقوم المحرض بالفعل لغيره لا لنفسه. وهكذا فان الذي يعمد على تحريض قصر على الفسق أو فساد الأخلاق من أجل إشباع شهواته الشخصية لا يطبق عليه نص المادة المذكورة.
وعليه فإنه بخصوص هذا الموقف، نجد أنه يثير عدة مشاكل من الناحية العملية كون أن الجاني الذي  يرتكب الجنحة المنصوص عليها في المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري يمكنه أن يحرض القصر على الفسق إما لإشباع شهوات الغير مقابل حصوله على منافع، و أما  من أجل إشباع شهواته الشخصية والتي قد لا تصل إلى حد المواقعة الجنسية، وهو ما يشكل في حد ذاته تحريضا على الفسق أو الفساد. ذلك أن العبرة ليست بما ينوي الجاني الحصول عليه، و إنما العبرة هي في ضرورة توفير الحماية الجنائية الكاملة للقاصر.
فالقضاء الجزائري يكون قد وقع في لبس من خلال الأخذ بعين الاعتبار الهدف الذي ينشده الجاني من مثل هذه الجرائم كون أن إشباع شهوات الغير عن طريق الوساطة أو إشباع الشهوات الشخصية ما بين الفاسق والقاصر، لا يعدوا أن يكون مانعا من أجل تطبيق مقتضيات نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائرية. فالهدف من تحريم هذه الأفعال ليس هو قمع الفسق أو الفساد في حد ذاته، و إنما هو القصر من الوقوع في الرذيلة وهذا قبل أن يقع القصر في قفص احتراف الدعارة أي أن المشرع الجزائري الذي خصص لهذه الأفعال نصا قانونيا محددا
 

1- ملف رقم 43167 بتاريخ 27/01/1987والملف رقم 450 بتاريخ 15/05/1990 عن غ.ج.م.م.ع    

27
بموجب المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري يكون قد فرق ما بين هذه الأفعال وجريمة الوساطة في الدعارة التي يكون فيها الضحية قصرا من خلال اختبار سن الضحية كظرف مشدد، وهذا بموجب نص المادة 344 من قانون العقوبات الجزائري فقرة01.
البند الثاني: الركن المادي للجريمة من حيث الأفعال
عن نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري يميز ما بين ثلاثة أفعال مختلفة وهي التحريض والتشجيع وكذلك تسهيل الفسق أو فساد الأخلاق. وهذه الأفعال كلها معاقب عليها بموجب نص المادة المذكورة ولا يهم بعد ذلك أن تقع هذه الأفعال مجتمعة أو لا، ذلك أن كل فعل منها يعتبر مجرما المهم أن يكون الجاني قام بتحريض قصر على الفسق أو فساد الأخلاق وهذا كله بغض النظر على الوسيلة التي يستعملها المحرض لتمهيد طريق الضحية إلى فعل التحريض على الفسق وتزين الفعل له.
غير أن المشرع الجزائري لم يحدد لنا الطرق التي بواسطتها يمكننا الوقوف على فعل التحريض أو التشجيع أو التسهيل على الفسق أو فساد الأخلاق. ذلك أن الوقوف على توفر فعل من هذه الأفعال يبقى من اختصاص القضاء وبالخصوص قضاة الموضوع، ذلك أن فعل التحريض يتجرد في أغلب حالاته من مظهر تلمسه الحواس.لذلك فانه يجوز إثباته بكافة طرق الإثبات ويجوز الاستناد إلى وقائع لاحقة على الجريمة لاستخلاص الدليل عليه، ومناط ذلك أن تكون أدلة الإثبات منصبة على واقعة التحريض ذاتها وأن يكون الدليل المستخلص منها محكمة الموضوع بغير معقب. ويكفي أن يثبت الحكم تحقق التحريض ولا عليه أن يبين الأركان المكونة له.
من هنا كان من الضروري الإشارة إلى الفرق ما بين الأفعال التي يكون الغرض منها التحريض أو التشجيع أو التسهيل على فساد الأخلاق، والأفعال التي الواردة في نص المادة 343 الفقرة 05 من قانون العقوبات الجزائري التي تتضمن استخدام أو استدراج أو إعالة أشخاص بقصد ارتكاب الدعارة أو الفسق. ففعل التشجيع مثلا يمكن أن يقع من خلال إعطاء القصر الهدايا أو الوعود أو بالتأثير عليهم بسبب ضعفهم أو بالأحرى ضعف مقاومتهم أو بأي سبب آخر من الأسباب المادية أو النفسية ومن هنا فالمنطق يقتضي أن الجاني الذي يستخدم أو يستدرج
 

1-      عبد العزيز سعد، المرجع السابق، ص 84  

28
أو يعيل قصرا على ارتكاب وممارسة الفسق والدعارة يكون قد ساهم بطريقة غير مباشرة على إفساد أخلاقهم ودفعهم إلى الفسق كون أن المشرع لم يشترط أن تكون فكرة الفسق والفساد موجودة ومتوفرة لدى القاصر قبل تحريضه عليها. وهكذا إذاً نقول أن المادة 344 الفقرة 01 من قانون العقوبات الجزائري والمادة 342 من قانون العقوبات الجزائري كلاهما يثيران عدة تناقضات وملابسات من الناحية العملية، فالقضاء في هذه الحالة يجد نفسه أمام وضعين مختلفين من الناحية القانونية ومتشابهين من الناحية العملية. 1
الفرع الثاني: الركن المعنوي
إن القصد الجنائي الذي يتطلب وجوده في هذا النوع من الجرائم هو علم الجاني بأنه وسيط في فساد وفسق القصر، أي أن يكون المتهم يعلم تماما أن ما يقوم به فيه تحريض للقصر على الفسق أو تشجيع عليه أو تسهيل له. فمن اعتاد على نقل قصر في سيارته وهو يعلم انهم ذاهبون لممارسة الفسق أو الفساد أو يضع تحت تصرفهم مكانا لممارسة أفعال لا أخلاقية، يكون قد شجعهم وساعدهم إلى الوصول إلى الهدف المنشود. وسواء وقع هذا الفعل أي الفسق أو الفساد بعد ذلك أو لم يقع أي أن النتيجة هي الوقوع في الفسق غير مشترطة لتوقيع العقوبة على الجاني، وان علم الجاني بالقانون فهو مفترض ويجب أن تتجه إرادة الجاني صوب ارتكاب الفعل المكون للجريمة وأن تكون إرادته حرة وكاملة، ولا يهم بعد ذلك الباعث على ارتكاب هذه الجريمة كونه لا يعتبر من عناصر القصد الجنائي.
فالجاني الذي يدفع بأنه لم يكن يقصد سوى تحقيق أرباح من هذه الأفعال أو أنه قام بهذه الأفعال من أجل إشباع شهواته الشخصية لا يعدو أن يكون مانعا من تطبيق مقتضيات المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري ولكن المحكمة العليا ذهبت إلى اعتبار أن حقيقة جنحة تحريض قصر على الفسق يفترض أن يكون هناك باعث معين الذي هو تحريض أو إشباع عواطف الغير أي أن المحكمة تعتبر أن أشخاص الجريمة المعاقب عليها بموجب نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري هم ثلاثة : الوسيط، الصحية وأخيرا المستفيد من فسق وفساد القصر، حيث أن المحكمة العليا ذهبت إلى حد اعتبار أن إشباع المتهم لرغباته الغرامية مع القاصرة،
 

1- عبد العزيز سعد، المرجع السابق، ص 84 


29
لا يستطيع أن  يكون جنحة) المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري( لأن الفاعل المتهم ليس له هدف معين لتحريض عواطف الغير.1
الفرع الثالث:عنصر السن
إن نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري قد ميز ما بين فئتين:
 البند الأول:القصر الذين يفوق سنهم 16 سنة ولم يكملوا 19 سنة
إن إدانة المتهم بجنحة تحريض قصر لم يكملوا 19 سنة ويفوق سنهم 16 سنة أو إدانته على أساس تشجيع أو تسهيل الفسق لهم أو فساد أخلاقهم دون ذكر توفر عنصر الاعتياد لدى المتهم يؤدي إلى جعل هذه الإدانة شرعية. ذلك أن الاعتياد هو عنصر أساسي في هذه الجريمة التي تقع ضد هذه الفئة من القصر، ويقصد بالاعتياد التكرار. ولكي يمكن إثباته يجب أن يثبت بصفة قاطعة أن الفاعل النهم قد مارس فعل التحريض أكثر من مرة واحدة، أي أن يكون قد باشر أعمال التحريض مرتين أو ثلاثة أو أكثر من شخص أو عدة أشخاص متعددين، لأن المشرع الجزائري في الحقيقة لا يعاقب فقط على الاعتياد على فعل التحريض أو التشجيع أو التسهيل وممارسته بصفة متكررة باعتبار أن ذلك ينبئ على المتهم صيانتها والحفاظ عليها. وليس شرطا لاثبات صفة الاعتياد أن يكون المتهم قد سبق أو وقف أمام المحكمة وتمت إدانته أو أن صحيفة سوابقه العدلية تشير إلى ذلك بان صفة الاعتياد يمكن إثباتها بجميع وسائل الإثبات.
بما في ذلك الاعتراف وشهادات الشهود،2 ولكن بالرجوع إلى ما استقر عليه القضاء الجزائري حيث أنه وصل الحد إلى درجة اعتبار أن رضا الضحية بممارسة علاقات جنسية مع الفاعل ومتى كانت هذه العلاقة هي من أجل إشباع الشهوات الشخصية للفاعل وكان عمر القاصر يزيد عن 16 سنة، فان ذلك لا يعدو أن يكون الجريمة المعاقب عليها بموجب المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري.


 

1-                                   جنائي15 /05/1990، ملف رقم 450 ع.ج.م.م.غ.م
2-                                   الدكتور عبد العزيز سعد، المرجع السابق،ص 85


30
البند الثاني: الذين لم يكملوا سن 16 سنة
إن نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري أشار إلى أن ارتكاب أفعال التحريض على الفسق أو فساد الأخلاق أو التشجيع على هذه الأفعال التي ترتكب بصفة عريضة بالنسبة للقصر لم يكملوا سن 16 سنة معاقب عليها وبالتالي نقول أنه بالنسبة لهذه الفئة من الضحايا لا يشترط المشرع لتوقيع العقوبة على الجاني عنصر الاعتياد، إذ أن مجرد ارتكاب فعل من الأفعال المشار إليها يفترض معه توقيع العقوبة المقررة بموجب نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري، فالمشرع الجزائري يرى أن التحريض الواقع بصفة عرضية ضد شخص قاصر يفوق عمره 16 سنة ويقل عن 19 سنة غير معاقب عليه نظرا لعدم خطورة الجاني المحرض.
ومن خلال الوقوف على هذه الفقرة يمكننا القياس على أن التحريض من أجل إشباع شهوات الغير والتحريض من أجل إشباع الشهوات الشخصية للجاني مثلا إذا كان الجاني قد حرض قاصرا لم يكمل سن 16 سنة ووصل الحد إلى المواقعة الجنسية الكاملة، فلا نكون بصدد المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري و إنما نكون بصدد جريمة أخرى وهي الاغتصاب المعاقب عليها بموجب نص المادة 336 الفقرة02  من قانون العقوبات الجزائري لأن المشرع جعل من صغر السن ما يكفي لعدم الاعتداء بالرضا الصادر من القصر بصورة مطلقة، وفي هذه الحالة لا تكون الضحية سوى قاصرة، أما إذا كان التحريض من أجل إشباع شهوات الغير، فهنا يصبح تطبيق نص المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري ساري المفعول كون أن أركان الجريمة متوفرة كلها. بالإضافة إلى هذه المقارنة البسيطة يمكننا الاستدلال بمقتضيات المادة 334 من قانون العقوبات الجزائري بخصوص هتك العرض والذي فيه اعتداء على حق الحرية الجنسية، فعلاً جنسيا. فالفعل المخل بالحياء على ذهن المجني عليه فكرة الاتصال الجنسي، وهو اتصال لا يرغب فيه، فعلى الرغم من رضاء المجني عليه بالفعل، فان هذا الرضاء ليست له قيمة قانونية كاملة بالنظر إلى صغر سن المجني عليه.
ففي جريمة هتك العرض، يعتبر صعر السن من الظروف العينية المشددة للجريمة ويتحقق إذا كان عمر من وقعت عليه جريمة هتك العرض بغير عنف لم يكمل ستة عشرة سنة ذكرا كان أو أنثى، إذ يجوز في هذه الحالة الوصول بمدة العقوبة إلى الحبس 10 سنوات، أما إذا وقعت

                                                                                                                        
31

الجريمة بعنف على المجني عليه الذي لم يكمل سن 16 سنة ذكرا كان أو أنثى، فيجوز الوصول بمدة العقوبة إلى السجن لمدة 20 سنة.
ومن هنا نشير إلى أن القانون قد أعفى الجاني الذي يهتك عرض المجني عليه بلغ 16 سنة من عمره بغير عنف باعتبار أن من يبلغ 16 سنة ويقع عليه هتك عرض بغير عنف ويكون راضيا عن ذلك، فانه بعد أن يكون قد بلغ هذا العمر ويقبل ما يقع عليه من أفعال هتك عرض ، بهذه الصورة لا يجوز مسألة الجاني عن فعل ارتضاه المجني عليه، وهذا أمر غريب في القانون لأن المشرع بذلك يكون قد ائتمن الشخص على عرضه إذا بلغ 16 سنة كاملة، إذا كانت هذه الأفعال قد وقعت من قبل المحرض من أجل إشباع شهواته الشخصية، فلا مجال لتطبيق مقتضيات المادة 342 من قانون العقوبات الجزائري وإنما إذا وقعت من أجل إشباع شهوات الغير، فعلى النيابة متابعة المحرض بتهمة تحريض قصر على الفسق وفساد في الأخلاق.1
المطلب الثالث: آثار الجريمة على القصر
إن السلطة التشريعية لا تجرم فعلا إلا لكونه أنتج آثارا وخيمة ومصرة بمصلحة المجتمع غير أنه في جرائم تحريض القصر على الفسق أو فساد الأخلاق، فالمعلوم أن الصحية الأولى هو ذلك القاصر الذي لا بد على الدولة أن توفر له الحماية القانونية اللازمة من أجل تكوين مجتمع صالح.
ومن هذا المنطلق نقول أن الصحية في هذا النوع من الجرائم هو ذلك القاصر الذي تتعرض لأضرار مادية أو معنوية تسبب فيها الجاني من خلال اقترافه لجرمه.
فالفسق أو فساد الأخلاق يشكل في حد ذاته ضررا كون أن أفراد المجتمع يعتبرونه كذلك وعليه، فعلى المشرع الاعتراف للقصر بأن لهم صفة الضحية في هذه الجرائم كون أن ملكة الإدراك لدى هذه الفئة من المجتمع غير مكتملة. وعليه فلا بد من التحدث إلى هذه الفئة وهذا من قبل الأشخاص المقربين إليها وهم الأولياء وبالخصوص بالنظر إلى طبيعة الجريمة المرتكبة حقهم وعليه، يمكن اعتبار، في هذه الحالة، أن أولياء القصر هم ضحايا في هذه الجرائم لكن هذا بصفة غير مباشرة.


 

1—الدكتور محمد رشا متولي، المرجع السابق ص 145   

32
والرأي الذي استقر عليه في كون أن هذه الجريمة تشكل خطرا حقيقيا وحتميا على القصر، في كون أن هذا النوع من الجرائم تتولد عنه آفات اجتماعية خطيرة جدا لا يمكن التحكم فيها فيما بعد ولا السيطرة عليها، وكأن هذا النوع من الجرائم في غالبية الحالات يولد إقبال القصر على ظاهرة الإجرام على اختلاف أنواعه، وهو الأمر الذي تفطن له المشرع الفرنسي.
من خلال الإشارة إلى بعض الحالات التي يقصد من ورائها المحرض إلى دفع القاصر إلى ارتكاب جرائم أو حيازة مخدرات أو نقلها أو استهلاكها أو تحريضه إلى الفسق، كما أن هذا النوع من الجرائم كان في غالبية الحالات سببا في ارتكاب القصر لجرائم السرقة أو تعاطي المخدرات إلى أن ينتهي بهم الأمر إلى حد ممارسة واحتراف الدعارة. وتفيد غالبية الإحصائيات في العالم إلى أن إقبال القصر على الإجرام وهو ما يعرف بجنوح الأحداث الذي غالبا ما يكون مصدره هو تحريضهم على الفسق أو فساد الأخلاق، وعليه، فان القاصر قد أقرت له جميع التشريعات العالمية والمواثيق الدولية الحماية القانونية اللازمة، كونه يكون دائما في مركز الضعيف ويمكن بسهولة التحكم فيه واستغلاله لأغراض هي في الحقيقة غير إنسانية، لا يقبلها العقل ولا الخلق ولا ديننا الحنيف.1    



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه