المطلب
الثاني
: التمييز بين ظروف جريمة السرقة و أركانها
أشرنا فيما سبق إلى أ، الظروف هي
عناصر تبعية تلحق بالجريمة و لا تدخل في تكوينها و لكنها تؤثر في جسامتها ، و يعني
ذلك أن فقدان الجريمة لأحد أركانها قد يعدمها أو يحولها إلى جريمة أخرى ، كأن يقوم
السارق بأخذ مال المسروق أمام ناظريه و هو راض عما يحدث ، فهنا تنعدم جريمة السرقة
لعدم توافر عنصر الرضا في الركن المادي للجريمة ، في حين أن وجود الظرف أو عدمه لا
يؤثر في قيام الجريمة إذ يقتصر أثره على تعديل جسامة الفعل و بالتالي عقوبته.
و هنا يمكننا أن نلاحظ
الفرق الجوهري بين السرقة البسيطة و السرقة الموصوفة ، فالوصف هنا يعني إقتران
جريمة السرقة البسيطة و أركانها المعروفة بظرف من ظروف التشديد المنصوص عليه على
سبيل الحصر في ق ع ، و بهذا المعنى فإن الظروف واضحة و يمكن تمييزها بسهولة عن
الأركان الخاصة بالجريمة ، فهي وقائع عارضة تساهم في جسامة الجريمة وتعطينا نظرة
خاصة عن خطورة الفعل و ليست عناصر مكونة أو منشئة للجريمة كما هو الحال في أركان
الجريمة " المادي ، المعنوي ، الشرعي ".
إن أهمية التفرقة تكمن
في أن المشرع عندما يعتد بالظرف و يجعله ركنا خاصا ، فإنه لا يخلق جريمة جديدة
بنموذج جديد يختلف أو يزيد عن نموذجها الأصلي ، في حين أن المشرع عندما يقتصر دور
الظرف على مجرد تعديل لجسامة الجريمة بتعديل عقابها فقط ، فإنه يبقيها ضمن نموذجها
الأصلي و بالتالي فلا يخلق نموذجا جيدا للجريمة ، و نعني بالنموذج الأساسي (
الأصلي ) للجريمة النص التجريمي الذي يتناول الجريمة في أبسط صورها مجردة من كافة
الظروف التي يتوقع المشرع أن تحيط بها.
لتوضيح ذلك ، نقول أن
النموذج الأساسي لجريمة السرقة هو النص الذي يحدد أركان الجريمة دون أية ظروف ،
وهو نص المادة 350 من ق ع الذي جاء كما يلي : " كل من إختلس شيئا غير مملوك
له يعد سارقا و يعاقب من سنة (01 ) على الأقل إلى خمس ( 05 ) سنوات على الأكثر ، و
بغرامة..." و يحدد هذا النص عناصر جريمة السرقة في أبسط صورها بعيدة عن كافة
الظروف التي يمكن أن تلحق بها ، و عندما تأتي المواد التالية ، تضيف إلى النموذج الأساسي
بعض الظروف الخاصة بهذه الجريمة و التي تطرقنا إليها في المبحث السابق و قد ذكرت
على سبيل الحصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق