التمييز بين ظروف جريمة السرقة و أركانها

0
 المطلب الثاني : التمييز بين ظروف جريمة السرقة و أركانها
               أشرنا فيما سبق إلى أ، الظروف هي عناصر تبعية تلحق بالجريمة و لا تدخل في تكوينها و لكنها تؤثر في جسامتها ، و يعني ذلك أن فقدان الجريمة لأحد أركانها قد يعدمها أو يحولها إلى جريمة أخرى ، كأن يقوم السارق بأخذ مال المسروق أمام ناظريه و هو راض عما يحدث ، فهنا تنعدم جريمة السرقة لعدم توافر عنصر الرضا في الركن المادي للجريمة ، في حين أن وجود الظرف أو عدمه لا يؤثر في قيام الجريمة إذ يقتصر أثره على تعديل جسامة الفعل و بالتالي عقوبته.
و هنا يمكننا أن نلاحظ الفرق الجوهري بين السرقة البسيطة و السرقة الموصوفة ، فالوصف هنا يعني إقتران جريمة السرقة البسيطة و أركانها المعروفة بظرف من ظروف التشديد المنصوص عليه على سبيل الحصر في ق ع ، و بهذا المعنى فإن الظروف واضحة و يمكن تمييزها بسهولة عن الأركان الخاصة بالجريمة ، فهي وقائع عارضة تساهم في جسامة الجريمة وتعطينا نظرة خاصة عن خطورة الفعل و ليست عناصر مكونة أو منشئة للجريمة كما هو الحال في أركان الجريمة " المادي ، المعنوي ، الشرعي ".
إن أهمية التفرقة تكمن في أن المشرع عندما يعتد بالظرف و يجعله ركنا خاصا ، فإنه لا يخلق جريمة جديدة بنموذج جديد يختلف أو يزيد عن نموذجها الأصلي ، في حين أن المشرع عندما يقتصر دور الظرف على مجرد تعديل لجسامة الجريمة بتعديل عقابها فقط ، فإنه يبقيها ضمن نموذجها الأصلي و بالتالي فلا يخلق نموذجا جيدا للجريمة ، و نعني بالنموذج الأساسي ( الأصلي ) للجريمة النص التجريمي الذي يتناول الجريمة في أبسط صورها مجردة من كافة الظروف التي يتوقع المشرع أن تحيط بها.
لتوضيح ذلك ، نقول أن النموذج الأساسي لجريمة السرقة هو النص الذي يحدد أركان الجريمة دون أية ظروف ، وهو نص المادة 350 من ق ع الذي جاء كما يلي : " كل من إختلس شيئا غير مملوك له يعد سارقا و يعاقب من سنة (01 ) على الأقل إلى خمس ( 05 ) سنوات على الأكثر ، و بغرامة..." و يحدد هذا النص عناصر جريمة السرقة في أبسط صورها بعيدة عن كافة الظروف التي يمكن أن تلحق بها ، و عندما تأتي المواد التالية ، تضيف إلى النموذج الأساسي بعض الظروف الخاصة بهذه الجريمة و التي تطرقنا إليها في المبحث السابق و قد ذكرت على سبيل الحصر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه