السواء والشذوذ

0
السواء والشذوذ

عرفت البشرية أنواعا من السلوك الشاذ في كل العصور ، وكان تحديد السلوك الشاذ من أصعب المشكلات . وقد حاول الباحثون تقديم عدد من المعايير التي يستندون إليها في مدى حكمهم على السلوك من حيث سوائه وشذوذه . ومن هذه المعايير ما هو إحصائي وما هو إجتماعي ما هو طبي نفسي وما هو قانوني ، وبرغم من ذلك فإن المنطق يقتضي بالتعرف على السلوك السوي ثم الإنتقال إلى السلوك الشاذ.

1-السواء :
لا يقتصر على مجرد الخلو من سمات الشذوذ. وفي غياب الإتفاق التام بين علماء النفس على حصر مفهوم السلوك السوي فهناك من يرى بأن الشخص السوي هو ذلك الذي يستطيع أن يقدم أو أن يسلك سلوكات تتماشى مع ثقافة البيئة الإجتماعية وما يسود فيها من قيم ومعايير إضافة إلى عمل الإنسان على تحقيق ذاته وطموحاته في هذه البيئة . وحتى نتمكن من حصر دائرتي السواء والشذوذ لا بد من الإعتماد على مرتكزات متعددة وهي :

* الإدراك الفعال للواقع : الشخص السوي يفهم ويقيم قدراته وردود أفعاله وما يجري حوله فهما جيدا ويقيمها تقيما واقعيا. كما أنه لا يسئ إدراك ما يقوله ويفعله الآخرون.

* المعرفة بالذات : الشخص السوي يعرف حاجاته ودوافعه ومشاعره بدرجة كافية تمنعه من أن يخفيها عن ذاته أو يشوهها.

* إحترام الذات وتقبلها : الشخص السوي يقدر ذاته ويشعر بأنه مقبول من الآخرين ويشعر بالراحة معهم  ، كما أن ردود أفعاله في المواقف الإجتماعية تتميز بالتلقائية.
   
* الثقة بالنفس الناتجة عن تقبل الذات و التعبير عنها بالطريقة الخاصة بكل فرد ، والعيش تبعا للقيم الداخلية الذاتية مع التخلي عن السعي المستمر للتحقيق ما لا يمكن تحقيقه أو التظاهر بما هو ليس فينا.

* تقبل الآخرين كما هم دون النظر إليهم من خلال قيمنا الشخصية ، ويعني ذلك أن النظرة إلى العالم و على الآخرين نظرة حيادية لا تتأثر بميولنا وأهوائنا وإتجاهاتنا وآرائنا الشخصية.

* إنشاء العلاقات العاطفية السليمة : الشخص السوي يستطيع أن يقيم علاقات حميمة مع الناس كما أن علاقاته تؤدي للإشباع والمتعة إنه حساس بحاجات الآخرين ومشاعرهم كما أنه لا يلح على تلبية طلباته بشكل زائد فهو ليس شخصا مرتكزا حول ذاته.

* ممارسة الضبط الإرادي على السلوك : الشخص السوي يستطيع أن يضبط وأن يوجه سلوكه. إنه قد يتصرف تحت شروطه الضغط والقسر ولكنه يستطيع أن يلجم (يتحكم) مشاعره العدوانية والجنسية عندما يكون ذلك ضروريا . إنه قد يختار الخضوع أو عدم الخضوع ولكنه لا يفعل ذلك نتيجة نزوة عابرة.

2- الشذوذ : لقد إستخدم علماء النفس أكثر من معيار لتحديد ماهية السلوك اللاسوي ، من بين هذه المعايير ما يلي :

1)- المعيار الذاتي : يعتبر هذا المعيار خاصا بالفرد فهو يشعر بالألم النفسي وبعدم الإرتياح الذاتي والتوتر وعدم السعادة ، بأنه يعاني من صراع ، مع أن سلوكه الخارجي قد يعكس أولا يعكس حالته الشعورية . أي أنه قد يبدو هادئا من الخارج ويشعر مع ذلك بالضيق من الداخل كما أنه قد يظهر عليه ما يشعر به. ومثل هذا المنهج في تحديد الشذوذ لا بد من أن يعتمد على قدر الشخص على التعبير بما يشعر به.

2)-المعيار الإجتماعي : يعتبر هذا المعيار معيارا إحصائيا لإعتماده على نسبة الإنتشار ولكنه لا يكتفي بمجرد شيوع السمة بين الناس ، وإنما مدى تقبلها لدى أكبر عدد من أفراد المجتمع ، وبهذا المعنى نجد أن السمة التي تظهر بنسبة تكرار عالية قد تعتبر شاذة إن لم يتفق غالبية أفراد المجتمع على ذلك. ومعنى ذلك أن الشخص السوي هو المتوافق مع المجتمع ، أي من إستطاع أن يساير قيم المجتمع ومعاييره وقوانينه وأهدافه.

3)- المعيار الطبي : السلوك الشاذ من وجهة النظر الطبية هو نتيجة حالة مرضية أو مضطربة نستدل عليها من وجود أعراض إكلينيكية معينة ولذلك فهذه النظرة تفترض أن الشخص ذا الشخصية السوية هو شخص بلا أعراض ، وبالرغم من ذلك فإن الخبرة تعلمنا أنه نادرا ما نجد فردا خاليا تماما من الأعراض ، وبخاصة في ظل كل الظروف الضاغطة. والعرض أو مجموعة الأعراض- على أية حال- هي علامات واضحة لشخصية مضطربة ، والشخص الذي تظهر عليه هذه الأعراض يعتبر شاذا . ويمكن تقسيم حالات اللاسواء إلى عدة فئات :

الأمراض العقلية : وهي إضطرابات تصيب عقل الإنسان ، وتتميز هذه الإضطرابات بأعراض كالهلوسات والهذيانات.

الأمراض النفسية : وتتميز معضمها بعرض القلق المزمن الذي يتحول إلى ظهور سلوكات مرضية كالوساوس والمخوف المرضية والإكتئاب.

إضطرابات الشخصية : هي إنحرافات لبعض سمات الشخصية وإضطراب في السلوك يكشف إحساسا من سوء التوافق التوافق الإجتماعي وتكون مستمرة في الوقت نذكر من بينها :

* الشخصية العدوانية : هي الشخصية التي يغلب على سلوكها العدوان والتدمير والتخريب فهي تتسم بسهولة الإستثارة واللجوء إلى التدمير لمجرد إحباطات بسيطة.

الشخصية النرجسية : ذات الطابع المنتفخ ، والحاجة لإعجاب الآخرين فهو يعتبر نفسه محور العالم.

* الشخصية التابعة : تتميز بالسلوك الخاضع والتعلق الشديد مر فوق الحاجة الزائدة لإهتمام الآخرين.

* الشخصية اللاإجتماعية : أو الشخصية المضادة للمجتمع وتتميز بضعف الضمير الأخلاقي وعدم إحترام حقوق الآخرين والرغبة في الإستغلال والغش والنصب والإحتيال والكذب.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه