عناصر الدولـة و أركانها

0
عناصر الدولـة و أركانها:
1- السكان: هو العنصر الأساسي للدولة فلا يمكن قيام أو تصور دولة دون وجود مجموعة بشرية لتكوينها، أما عن العدد اللازم من السكان فيستحيل تحديده    و مع ذلك يعتبر عاملا هاما لنشأة الدولة و قوتها، إذا لوحظ أن البلاد المستعمرة    أو التابعة التي تعتمد على غيرها تضم أقل من 10 ملايين نسمة، و قد تمكنت جميع المستعمرات التي إزداد نموها الديمغرافي من تحقيق إستقلالها.

و الوضع الطبيعي أن يكون السكان في دولة معينة مكونين أمة واحد كالجزائر. لكن لا يجوز أن تخلط بين مفهوم الأمة و الشعب و الدولة.
فالأمة: جماعة من الناس متحدة المدينة تربط بينهم الدكريات و الحضارة     و العادات و الأخلاق و الأعراف و الجنس و اللغة و الدين، مما يولد لديهم الشعور و الرغبة في العيش معا، و هي قد تستقر على بقعة أرض متسلطة أو منفصلة.

أما الشعب: فهو الركيزة الأولى لوجود الدولة، له أهداف مشروعة يسعى لتحقيقها، فقد يتكون من أمة واحدة كما قد يتكون من عدة أمم.

أما الدولة: فهي شعب موحد برابطة قانونية (الجنسية) و رابطة سياسية تنشئ حقوق و واجبات بينها و بين الأفراد الذين ينتمون إليها، و عليه قد يكون عنصر السكان في الدولة جزء من أمة واحدة مثل الأمة العربية الموزعة على عدد من دول. و يقسم رجال القانون السكان الى قسمين: المواطنين و الأجانب.

المواطنون: و هم الأشخاص المقيمين على إقليم الدولة و يرتبطون بها برابطة قانونية تسمى " الجنسية" وهي تقوم على أساس الحماية من طرف الدولة لمواطنيها و الولاء و الطاعة من طرف الأفراد لدولتهم و تقوم الدولة بحماية مواطنيها داخل الوطن و خارجه و في هذا الإطار نصت المادة 24 من الدستوري الجزائري: " الدولة مسؤولية عن أمن الأشخاص و الممتلكات و تتكفل بحماية كل مواطن في الخارج و تتمثل حماية الدولة لمواطنيها داخل إقليمها في المظاهر التالية:
1- حمايتهم من أي عدوان خارجي.
2- حماية ممتلكاتهم العقارية و المنقولة.
3- لا يجوز للدولة أن تنفي أبناءها إلى دولة أخرى و لا أن تسلمهم لدولة أخرى لمحكماتهم.

و يترتب على الجنسية تمتع المواطن بمجموعة من الحقوق أهمها: الحق في التعليم العمل السكن الائق- المواصلات-الصحة العمومية-التنقل بكل حرية داخل التراب الوطني ليلا و نهارا.و تسمى هذه الحقوق بالحقوق العامة. و هناك حقوق أخرى تسمى بالحقوق السياسية و التي تمارسها في فئة من المواطنين عندما تتوفر فيها الشروط القانونية المطلوبة كالسن الحرية- الأهلية و تتمثل في حق الترشيح في المناصب السياسية حق التصويت - حق تولي المناصب العليا كالقضاء و الإدارة و حق تكوين الأحزاب السياسية و إنشاء الجمعيات و حرية التعبير و الإضراب في حدود القانون و للمواطنين وحدهم حق تمثيل الدولة في الخارج كسفراء و قناصلة و مبعوثين.

المادة 9 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: تنص على ما يلي: " لا يجوز إعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا" و مقابل هذه الحقوق التي يتمتع بها المواطنين فإنه يتعين عليهم الإلتزام بمجموعة من الواجبات إتجاه دولتهم       وأهمها:

1- الإلتزام بقوانين الدولة و احترام السلطات العمومية: التنفيذية التشريعية  و القضائية.
2- أداء الخدمة الوطنية داخل البلد بالنسبة للذكور و الخدمة المدنية بالنسبة للإناث حسب قوانين بعض الدول.
       3- أداء الضرائب المترتبة على المواطنين.
       4- الدفاع عن الوطن في حالة العدوان الخارجي.

       إن الجنسية هي المعيار الأساسي في تمييز المواطنين عن الأجانب، و نظرا لأهميتها فان المشرع هو صاحب الإختصاص في تحديد طريقة كسبها أو فقدها    أو تسحبها شريطة أن لا يتنافى ذلك مع أحكام القانون الدولي العام و القانون الدولي الخاص و لعل من أهم مظاهر إهتمام القانون الدولي العام بالجنسية ما يلي:1-الحق في الجنسية،   2- الحماية الديبلوماسية.

1- الحق في الجنسية: تنص المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على ما يلي:
 أ لكل فرد حق التمتع بجنسية ما.
 ب-لا يجوزتعسفا حرمان أي شخص من جنسيته و لا من حقه في تغييرها و يترتب على هذا المبدأ أنه يصبح لكل فرد جنسية تربطه بدولة واحدة كقاعدة عامة و معنى ذلك نجد حالات لإزدواج الجنسية أي أن الشخص يتمتع في نفس الوقت بجنسيتين أو أكثر و بالتالي يكون مرتبط بأكثر من دولة، و تسعى الدول عن طريق قوانين الجنسية و قواعد القانون الدولي الخاص إلى القضاء على هذه الظاهرة قدر الإمكان كما أنه يترتب على عدم تمتع الشخص بالجنسية ما يعرف بإنعدام الجنسية و تنتج هذه الوضعية عن:
أ إسقاط الجنسية من طرف السلطات العمومية عن شخص كعقوبة.
ب- حالة اللاجئين الهاربين من حرب أهلية أو من كوارث طبيعية الى دولة أخرى حيث يجدون أنفسهم بدون وثائق تثبت إنتمائهم الى دولة ما.
ج- زواج المرأة من أجنبي و بالتالي تسقط جنسيتها. و تسعى الدولة في إطار الاتفاقيات الدولية إلى حل مشكل هؤلاء الأشخاص أي عديمي الجنسية.

2- الحماية الديبلوماسية: و يقصد بها قيام الدولة بحماية مواطنيها الموجودين في إقليم دولة أخرى عند تعرضهم لمشاكل تمس أشخاصهم و أموالهم    و لكن شريطة توفر ما يلي:
أ نظافة اليد أي أن يكون بريئا و لم يكن المتسبب في ذلك المشكل.
ب- أن يكون متمتعا بالجنسية الفعلية للدولة التي يطلب حمايتها في حالة إزدواج الجنسية.
ج- أن يكون الشخص الطالب للحماية قد إستعمل جميع الطرق القانونية في البلد الذي يقيم فيه لحل مشكلته و مع ذلك لم يتمكن و لم يحصل على حقوقه.

إذا توافرت هذه الشروط يمكن للدولة المعنية أن تتقدم الى الدولة الأخرى كالنيابة عن هذا الشخص للمطالبة بحقوقه و ذلك بالطرق الديبلوماسية و في حالة عدم الاتفاق بين الدولتين لحل هذا النزاع يمكن اللجوء إلى القضاء العالمي.

ملاحظة: يجب عدم الخلط بين مصطلح الحماية الديبلوماسية و مصطلح الحصانة الديبلوماسية.
     
الحماية الديبلوماسية: يستفيذ منها كل مواطن مهما كانت درجته مقيم في الخارج و توفرت فيه الشروط الثلاثة: المذكورة سابقا.

الحصانة الديبلوماسية: فهي خاصة بالأشخاص العاملين في السلك الديبلوماسي أو القنصلي.

الأجانب: هم الأشخاص الذين يقيمون على إقليم دولة غير دولتهم و يحملون جنسية غير جنسية تلك الدولة المقيم فيها و تتحدد الأوضاع القانونية لهؤلاء من قبل القوانين الوطنية في دولة الإقامة معا فمثلا: ينص الدستور الجزائري في المادة 67 على ما يلي: " يتمتع كل أجنبي يكون وجوده فوق التراب الوطني قانونيا بحماية شخصه و أملاكه طبقا للقانون " و في الجزائر ينظم وضعية الأجانب فوق إقليمها إستنادا إلى قوانين وطنية فإنها ملزمة بالتقيد و إحترام قواعد القانون الدولى المتعلقة بالأجانب و من بين هذه القواعد:
- أن يعامل الأجنبي بصفته إنسانا فيحترم في شخصه كما تحترم حقوقه المكتسبة في البلد الذي يقيم فيه.
- و يجب على الدولة المستقبلة لهؤلاء الأجانب أن تسمح لهم بالإستفادة من مرافقها العمومية كالمستشفيات ووسائل النقل و المحاكم و غيرها طبقا للشروط الموضوعية.
- غير أن الأجنبي يمنع من ممارسة بعض الحقوق السياسية كحق الإنتخاب.
- و حق الترشيح للمناصب النيابية و تولي الوظائف العامة كالوزارة        و القضاء و غيرها.
- و يرتبط عادة بالأجانب مصطلحان هما: حق اللجوء السياسي و حق الطرد.

1- حق اللجوء السياسي: هو حق يمنحه القانون الدولي للأشخاص الذين تدفعهم أو تضطرهم الظروف الأمنية السيئة في بلادهم إلى الهروب إلى بلدان أخرى طلبا للعافية و الآمان خوفا من الإضطهاد و الموت و قد نصت على هذا الحق المادة 14 من الإعلان العالمي بحقوق الإنسان حيث جاء فيها ما يلي:" لكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى و التمتع به خلاصا من الإضطهاد"، " لا يمكن التذرع بهذه الحقوق إذا كانت هناك ملاحقة ناشئة بالفعل عن جريمة غير سياسية أو عن أعمال تناقض مقاصد الأمم المتحدة "
 و أسباب اللجوء السياسي: تتعدد بإختلاف الظروف فهناك أشخاص يهربون من أوطانهم بسبب قيام حرب أهلية، و هناك أشخاص آخرون يهربون من تعسف و إضطهاد بعض ممثلي السلطات العمومية العالمين في الجيش أو الشرطة أو غيرها، و هناك أشخاص يهربون من إضطهاد بعض الجماعات المتطرفة دينيا أو عرقيا حيث تتواجد الطوائف الدينية و العرقية بكثرة كما هو الشأن في الهند      و الباكستان. و تجدر الملاحظة أن هذا الحق لا يقتصر على رجال السياسة فقط بل مفتوح لكل شخص مهما كان وضعه الإجتماعي و مهما كان سنه و مهما كان مستواه. و الدولة المستقبلة لهؤلاء اللاجئين السلطة التقديرية الكالمة في قبول      أو رفض طلبات هؤلاء الأشخاص.

       2- الطرد أو الإبعاد: هو تصرف تقوم به الدولة إتجاه الأجانب المقيمين في إقليمها. و يتمثل في طردهم عندما يصبح في وضعية تهدد أمن الدولة و سلامتها    و تقوم الدولة بهذا التصرف بكل حرية و ليست ملزمة بتقديم أي تبريرات.

2- الإقليم: يذهب الرأي الغالب في الفقه إلى ضرورة وجود قطعة أرضية يقيم عليها سكانها بصفة مستمرة لتكوين الدولة، فالبدو الرحل لا يكونون دولة ماداموا غير مستقرين، و مع ذلك قد إعترف لبعض القبائل الرحل بكيانها السياسي كما يجوز لهذه القبائل أن تدخل مع الغير في معاملات كما هو حاصل و مسلم به من إختصاصات قبائل الهنود الحمر في أمريكا بناءا على إتفاقهم مع الحكومة الأمريكية و كذا مع بعض القبائل الإفريقية، و لكن مع هذا فإنه لا يمكن القول وفقا للرأي الغالب في الفقه أن هذه المجتمعات قد توفرت فيهم العناصر اللازمة لتكوين الدولة. و قد يتكون إقليم الدولة من عدة جزر كالجزر البريطانية و اليابانية. و يمتد إقليم الدولة ليشمل المياه الإقليمية و يفيد القانون الدولي العام المدى الذي تمتد إليه المياه الإقليمية 12 ميل بحري.

و يكفي أن ننوه أن بعض الدول تكتفي بأن تحدد مياهها الإقليمية بـ 3 أميال بحرية بينما تحدد البعض وفقا لضروف خاصة مياهها الإقليمية بمساحات أخرى.

أما الجمهورية الجزائرية فقد حددت مياهها الإقليمية 12 ميل بحري.
و قد تستهدف من بسط سلطتها على مساحات أكبر من المياه الإقليمية، أما الإقليم الجوي فيشمل ما فوق أرضها الأرضي و المائي و لا يجوز إستعماله من دولة أخرى إلا بإذن منها.

3- التنظيم السياسي ( السلطة): يرى أغلب الكتاب أم ركن الأقاليم و ركن الشعب غير كافيين لقيام الدولة بل يجب أن يتوفر في الدولة ركن التنظيم السياسي الذي يتيح لبعض أفراد المجتمع من أن يطلعوا بمسؤولية الحكم فيه، و منه ينقسم المجتمع إلى فئة حاكمة و أخرى محكومة.

و يقضي ضرورة توافر ركن التنظيم السياسي لقيام الدولة أن تكون السلطة العليا في المجتمع قادرة على تسيير الشؤون العامة، و وضع القرارات موضع التنفيذ، و لا يشترط أن تقوم السلطة العليا بموافقة و رضا المحكمين و لكن يكفي فقط وجود الأركان الثلاثة حتى يتحقق قيام الدولة.

و تكون السلطة العليا قادرة على إلزام الأفراد بطاعتها و الإتجاه للقوة عند الضرورة بما تتوفر من إمكانيات منظمة لهذا الغرض.

و هكذا يكون للدولة السلطة و السيادة على رعايتها، فتظهر السيادة بوجهها الداخلي، أما وجهها الخارجي فيتجلى مفهومها أن لا تكون السيادة أو سلطة حاكمة في الدولة خاضعة لتوجيهات خارجية، و هذا ما يعبر عنه بالإستقلال السياسي       و ذلك بأن يتولى أبناؤها شؤون الحكم فيها دون توجيه من الخارج، كما يلزم وفقا للرأي الراجح في الفقه أن تكون الدولة متمتعة بالإستقلال الإقتصادي حتى تكون لها السيادة التي تكفل لها عدم التبعية من ناحية (المالية و التجارية).

و إذا كان السبب السياسي لوجود السلطة هو الحاجة إليها فإن إستمرار وجودها يكفله الإعتياد عليها، فأفراد المجتمع لا يتصورون في أي وقت ما بأن تسيير الأمور في مجتمعهم بغير سلطة و لو قامت في نفوسهم من العوامل على ما يبعث على الضيق منها، و هكذا تستقر العادة و كذلك يحافظ الحكام على السلطة     و على إتباع المحكمين لأحكام القانون و النظام العام.

إلى جانب هذه الأركان الثلاثة لقيام الدولة، فإن بعض كتاب القانون و خاصة الفقهاء منهم يطالبون بضرورة إعتراف الدولة الجديدة من قبل دول أخرى و يترتب على هذا الإعتراف قبولها في المجتمع الدولي كعضو، و تبادل التمثيل الديبلوماسي و القنصلي.

و يرى بعض الكتاب كذلك أن قيام الدولة و إكتمال شخصيتها القانونية لا تتوافقان على إعتراف الدول بها، فهي تولد في المجال الدولي لمجرد توافر أركانها، فيعتبر الأثر ذا أثر مقرر كاشف إذا إنصرف أثره فقط إلى إقرار الأمر الواقع،     و يرى أصحاب هذا الرأي أن عدم الإعتراف بالدولة بالرغم من إكتمال أركانها يعد عملا عدائيا ضد الدولة الجديدة.

و يرى أغلب الكتاب أن الشخصية المعنوية ليست ركنا في تكوين الدولة نتيجة لوجودها فهي من أثار قيامها فبمجرد نشوء الدولة تتمتع بالشخصية المعنوية. و يترتب على تمتع الدولة بالسيادة نتيجتين هامتين:
               
       النتيجة الاولى: تمتع الدولة بالشخصية القانونية الدولية ( و يقصد بها أهلية الدولة و قدرها على القيام بجميع التصرفات القانونية على مستوى الدولي.

الشخصية المعنوية:
تعريفها: الشخصية المعنوية هي مجموعة من الأموال يعجز عنها الفرد لتحقيقها من غير هذه الوسيلة.

الأشخاص المعنوية متعددة: يقصد بالشخصية المعنوية مجموعة من الأشخاص أو الأموال ترصد لتحقيق مصالح و أهداف يعجز عنه الفرد أو المال الخاص عن تحقيق ذلك و يصبح هذا الشخص القانوني المعنوي يتمتع بأهلية قانونية تسمح له من إكتساب حقوق و تحمل الإلتزامات.

1- طبيعة الشخص المعنوي:إختلف الفقه حول طبيعة الشخص المعنوي فهناك من أيد هذا التوجه بإظهار الشخصية المعنوية و هناك من أنكرها.

الإتجاه المؤيد لفكرة الشخصية المعنوية: هو الغالب و قد إنقسم هذا الاتجاه إلى عدة نظريات.

 أ- نظرية الافتراض القانونية ( الحيلة القانونية):يرى أصحاب هذا الإتجاه أن الشخص المعنوي ما هو إلا حيلة قانونية إبتكره المشرع لإعطاء شخصية قانونية لأشخاص و هميين ليسهل التعامل خلافا للشخص الطبيعي الذي يكتسب الشخصية القانونية منذ ولادته و يصبح بذلك الشخص الوحيد في إنشاء التصرفات.

إن المشرع عند إعطائه الشخصية المعنوية لأشخاص إفتراضيين يهدف الى تسهيل المهام و التعامل و كذلك تسهيل إدارة الأموال العامة أو الشؤون العامة،     و يلاحظ أن المشرع هو المؤهل قانونيا لإعطاء الصفة القانونية للشخصية المعنوية.

وهذه النظرية هي السائدة حاليا و لها رواجا كبيرا، غير أنه يؤخذ عليها إذا كان المشرع هو المؤهل قانونيا الذي يكسب الصفة القانونية للشخص المعنوي فمن الذي أكسب الدولة شخصيتها المعنوية.

ب- النظرية الحقيقية أو الوجودية ( الشخصية الحقيقية): ترى هذه النظرية ان الاشخاص المعنوية هي أشخاص حقيقية و فعلية و ليست وهمية أو خيالية لأن الشخص المعنوي يوجب فعلا بمجرد تكوين هذا الشخص و لا يتعلق الأمر بالوجود المرتبط بالمشرع و انما يتركز أساسا في الإعتراف بهذا الشخص فإذا كان الاختلاف بارزا بين الشخص الطبيعي و الشخص المعنوي فالأول وجوده مادى في حين الثاني له وجود معنوي لكن يشتركان في عنصر إنشائهم فهو الوجود الفعلي    و الحقيقي و من الشروط الأساسية لقيام الشخص المعنوي الحقيقي هو:
1- وجود مصالح مشتركة و مشروعة.
2- وجود ممثل يعبر عن إرادة هذا الشخص.

الإتجاه المنكر لفكرة الشخصية المعنوية: ينكر وجود الشخص المعنوي من أصله حيث يرى أنصار هذا الإتجاه أنه لافائدة من وراء تقرير الشخصية المعنوية   و قد يؤدي الأمر إلى بلبلة فكرية لأنه لا يبرره الواقع النظري أو الحقيقي زيادة على ما لاحظناه في البداية تلك الإنتقادات الموجهة للنظرية الافتراضية.

أنواع الشخصية المعنوية: لقد قسمها الفقه إلى أشخاص معنوية خاصة       و عامة:

الأشخاص المعنوية الخاصة: و هي التي تخضع لأحكام و قواعد القانون الخاص إلا ماكان منها لصيقا بالشخص الطبيعي كحق الزواج أما النتائج المترتبة عن الشخص الطبيعي فتترتب على الشخص المعنوي كذلك.

و نلاحظ أن دلالة الشخصية المعنوية و إن كانت تحتل مكانة في إدارة قواعد القانون الخاص إلانها تكتسي أهمية بالغة في دراسة الشخص معنوي العام.

الأشخاص المعنوية العامة: و هي الأشخاص الخاضعة للقانون العام كقاعدة عامة وقد نصت المادة 49 قانون مدنى جزائري على أن الأشخاص المعنوية العامة هي الدولة، الولاية،البلدية، المؤسسات الادارية العامة……

الأشخاص المعنوية العامة هي نوعين:
الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية:
الدولة: هي أهم الأشخاص المعنوية العامة الإقليمية على الاطلاق و فكرة الشخصية المعنوية للدولة خاضعة أساسا لقواعد القانون العام أي تكوين حياتها       و إختصاصتها على كل أجزاء الإقليم و إن كل الأشخاص المعنوية الأخرى تحت سلطة الدولة.

الولاية: عرفها قانون الولاية أنها جماعة عمومية إقليمية تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و تشكل مقاطعة ادارية و تحدث بموجب قانون         و المشرع هو المؤهل قانونيا لإنشاء الولاية ( القانون 7 افريل 1990 رقم 15).

البلدية: كما عرفتها المادة الأولى من قانون البلدية 90-80 ل 7 افريل 1990 العدد 15 على ان البلدية هي جماعة من الاشخاص الإقليمية عمومية اساسية       ( م 15 من الدستور) تتمتع بالشخصية المعنوية الإستقلال المالي و تنشأ بموجب قانون.

يلاحظ من خلال ماسبق أن الشخص المعنوي الإقليمي يتميز بأن إختصاصه يتحدد في مجال إقليم معين.

الأشخاص المعنوية العامة المرفقية( المصلحية): و قد يطلق عليها كذلك الهيآت العامة أو المؤسسات الإدارية العامة ( المادة 7 قانون إجراءات مدنية جزائرية) هي التي تمارس إختصاصها دون الأخذ بعين الإعتبار العنصر الإقليمي.

النتائج المترتبة على منح الشخصية القانونية: نصت المادة 50 قانون مدني جزائري عن الأثار القانونية التي تترتب على منح الشخصية المعنوية، إن الشخص المعنوي مهما كان نوعه ( خاص أو عام) يتمتع بجميع الحقوق التي يقرها القانون الا ما كان منها ملازما للشخص الطبيعي و من النتائج التي تترتب على منح الشخصية المعنوية: الذمة المالية الأهلية، الموطن، نائب أو ممثل، حق التقاضي كي يمكن مقاضاته.

       النتيجة الثانية: المساواة بين الدول و خاصة المساواة القانونية على مستوى المنظمات و المؤتمرات الدولية و في كثير من الاحيان تنتهك سيادة الدول و قد حدث هذا على الخصوص في القرنين 19 و 20 و لذلك نتطرف إلى مظاهر إنتهاك السيادة من الناحية التاريخية نظرا لأهميتها.

       مظاهر إنتهاك السيادة: قد يعتدى على سيادة دولة ما مما يؤدى الى فقد هذه السيادة النهائية كحالة الإستعمار و أما إلى نقص في هذه السيادة و في هذه الحالة الأخيرة تعتبر ناقصة السيادة و سنوضح فيما يلي هذه الحالات:

       1- الإستعمار: و نقصد هنا الإستعمار المباشر أي سيطرة دولة بقواتها العسكرية على جميع أجزاء إقليم دولة و أخرى و التصرف في شؤونها الداخلية     و الخارجية. أما الحالات التي تؤدى إلى نقصان في سيادة الدولة هي: الحماية     و الانتداب و الوصاية.
       - الحماية: هي قيام دولة قوية بحماية دولة ضعيفة و يتم ذلك اما بناء على معاهدة بين دولتين الحامية و المحمية كما حدث بين تونس و فرنسا عام 1881      و كذلك المغرب و فرنسا عام 1912 و أما أن تتم بالقوة أي تفرض على الدول الضعيفة كما حدث بالنسبة لمصر سنة 1914 حين فرضت عليها بريطانيا حمايتها.

                و من خصائص الحماية: ان تحافظ الدولة المحمية على تسيير شؤونها الداخلية فحين تتولى الدولة الحامية الشؤون الخارجية و شؤون الدفاع و قد ساد هذا النوع من الحماية في القرن 19 و أوائل القرن 20 و هي غير موجودة الآن.

       2- الإنتدب: نظام أقرته عصبة الأمم بعد حرب العالمية الأولى لتبرير النظام الإستعماري الذي كان سائدا أنذاك و إعطائه الصغة القانونية و قد نصت على هذا النظام المادة 22 من عهد عصبة الأمم. و يقصد بالإنتداب إشراف دولة قوية من الدول الأعضاء في عصبة الأمم على شعب من الشعوب التي كانت تابعة للدولة العثمانية التي كانت مستعمرة من طرف ألمانيا و التي تعتبر في نظر عصبة الأمم غير قادرة على تسيير شؤونها بنفسها و قد أنشأت عصبة الأمم لجنة خاصة لمراقبة الدول المكلفة بالإنتداب و الشعوب الخاضعة لها و قد ساد هذا النظام مع بداية القرن 20 أي من 1919 إلى غاية إنشاء منظمة الأمم المتحدة 1945 حيث حل محله نظام آخر هو " نظام الوصاية"

       الوصاية: هو نظام جاء به ميثاق الأمم المتحدة عام 1945 و هدفه وضع الأقاليم غير المستقلة و التي كانت خاضعة للإنتداب تحت إشراف دولة من الدول الكبرى مع خضوعها لمراقبة منظمة الأمم المتحدة و في هذا الشأن تنص المادة 75 من الميثاق على مايلي " تنشئ الأمم المتحدة تحت إشرافها نظاما دوليا للوصاية      و ذلك لإدارة الأقاليم التي قد تخضع لهذا النظام بمقتضي إتفاقيات فردية لاحقة      و للإشراف عليها و يطلق على هذه الإقاليم فيما يلي: الأقاليم المشمولة بالوصاية"

و من أهداف الوصاية: العمل على ترقية أهالي أو سكان الأقاليم المشمولة بالوصاية في أمور السياسة و الإجتماع و الإقتصاد و التعليم و العمل على الوصول بها أما الى الحكم الذاتي أو الإستقلال حسب ما يلائم ظروف كل شعب و يعتبر نظام الوصاية أكثر تطورا من نظام الإنتداب ذلك أن منظمة الأمم المتحدة أنشأت مجلسا خاصا لمراقبة كل ما يتعلق بالوصاية يسمى " مجلس الوصاية" و مهمة هذا المجلس مراقبة مدى إلتزام الدولة المكلفة بالوصاية مما ورد من أحكام في الميثاق إتجاه الأقاليم المشمولة بالوصاية.

ونظرا لإنهاء الوصاية على الأقاليم التي كانت مشمولة بهذا النظام الخاضعة لهذا النظام و ليس لها وجود حاليا.
       الإعتراف بالدول: هو قرار تصدره دولة قائمة تقر بمقتضاه وجود دولة أخرى جديدة و الدخول معها في علاقات. ظهر بشأن الإعتراف بالدولة نظريتان :

1- النظرية المؤسسة أو المنشئة: يرى أنصار هذه النظرية أن الإعتراف بالدولة الجديدة في المجتمع الدولي شرط مكمل للإركان السابقة و لا تقوم الدولة بدونه فهو في نظرهم شهادة ميلاد الدولة الجديدة بعد توافر الأركان الأخرى مثلا: السيادة و الاعتراف بالنسبة لإنصار هذه النظرية هو أساس تمتع الدولة بالشخصية القانونية الدولية.

       2-النظرية المقررة أو الكاشفة: و هي عكس النظرية الأولى أذ يرى أنصارها أن للإعتراف دورا كاشفا أو مقررا فقط للدولة التي توافرت فيها الأركان الأخرى تعتبره موجودة في نظرهم و بالتالي فهي تتمتع تلقائيا بالشخصية القانونية الدولية حتى و لو لم يعترف بها. و يري أنصار هذه النظرية ان الإعتراف يساهم في دخول الدولة الجديدة في علاقات مع الدول القديمة و يجري العمل في المجتمع الدولى في وقتنا الحاضر بالنظرية الكاشفة و قد أخذت بهذا الموقف مجموعة من الإتفاقيات الدولية منها إتفاقية بوقوتا 1948 ( بين دول أمريكا اللاتينية) أن الإعتراف بالدول: ليس ركنا من أركان وجودها ( قيامها) و لكنه شرط يسهل دخولها إلى حظيرة المجتمع الدولي و إنشاء علاقات مختلفة مع الدول المعترفة بها   ( الجديدة).

أنواع الإعتراف: للإعتراف أنواع مستخلصة من التعامل الدولي فقد يكون إعترافا صريحا و قد يكون ضمنيا و قد يكون إنفراديا و قد يكون جماعيا.
1- الإعتراف الصريح: و هو الإعتراف العلني حيث تعلن سلطات دولة ما   ( رئيس الجمهورية أو رئيس الحكومة أو رئيس البرلمانالخ) بالإعتراف بهذا المولود الجديد.

2- الإعتراف الضمني: و هو الذي يتم بطرق غير مباشرة دولة قديمة علاقة ديبلوماسية مع دولة جديدة ( فتح سفارة في الدولة الجديدة) أو إبرام معاهدة دولية ذات أهمية كبيرة كما هو الشأن بالنسبة للمعاهدة المبرمة بين مصر و إسرائيل في كامبدافيد سنة 1979 أو قيام رئيس إحدى الدولتين بزيارة الدولة الأخرى.

3- الإعتراف الإنفرادي: و هو إعتراف الدول منفردة كل على حدى و هي الطريقة السائدة و الشائعة و لهذا يعتبر الإعتراف من التصرفات الإنفرادية.

4- الاعتراف الجماعي: و هو الإعتراف الذي يتم من طرف مجموعة من الدول في وقت واحد عندما يكونوا مجتمعين ( في مؤتمر مثلا) و قد يحدث أن تكون مجموعة من الدول أن تنسق مواقفها عند الضرورة قبل الاعتراف كما حدث بالنسبة للإتحاد الأوروبي عندما طرحت مشكلة الإعتراف بالدول التي نشأت بعد تفكك الإتحاد السفياتي و هذه تعتبر حالة إستثنائية.و تجدر الملاحظة أنه لا يشترط أن تعترف جميع دول العالم بالدولة الجديدة بل يكفي ان تعترف بها مجموعة من الدول و لكن من مصلحة الدولة الجديدة أن تعترف بها جميع الدول.

       إن إنضمام دولة جديدة إلى منظمة دولية ما، لا يعني إعتراف الدول التي لم تعترف بها مسبقا.

       نتائج الإعتراف: يترتب عن غعتراف الدول ببعضها نتائج هامة نذكر من بينها ما يلي:
1-إقامة علاقات ديبلوماسية بين الدولتين و في الغالب تتبع بعلاقات تجارية، ثقافية، عسكرية، إقتصادية. الخ

2- يعامل ممثلوا الدولة الجديدة ( المعترف بها) طبقا لإتفاقيات فيينا لسنة1969 الخاصة بالعلاقات الديبلوماسية و القنصلية حيث يتمتعون بالحصانات   و الإمتيازات في الدول المعترفة.
3- يمكن للدولة المعترف بها حماية مواطنيها في الدولة الأخرى عن طريق الحماية الديبلوماسية.

خلاصة القول: إذا كانت الدولة الجديدة لا تحتاج إلى إعتراف الدول الأخرى لكي تنشأ لكنها في حاجة إلى الإعتراف بها لكي تتمكن من التعامل مع أعضاء المجتمع الدولي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © القانون والتعليم

تصميم الورشه