جريمة تزوير المحررات الرسمية أو العمومية
إن
تطور الجريمة الذي واكب تطور الحضارة و التقدم التكنولوجي ساهم كثيرا في تطور
القانون وجعل منه عصا مستقيمة مرنة تأخذ أشكالا مختلفة على حسب تطور الحياة،عكس ما
كان عليه حيث كان عصا مستقيمة صلبة.ومن بين الجرائم التي تطورت وأحدثت فيها طرق
كثيرة لإنجازها هي جريمة التزوير واستعمال المزور.
وعلى غرار قوانين العالم
فإن القانون الجزائري قد أدرج بين مواده وفي أبوابه وأقسامه نصوصا توضيحية لجريمة
التزوير و أنواعها و حتى العقوبات المخصصة لها.حيث أن أنواع جرائم التزوير على
عمومها أدرجت في وجه الجنح غير واحدة ألا و هي جريمة تزوير المحررات الرسمية أو
العمومية التي جاءت بوجه الجناية لما اتصلت به من شروط و على رأسها صفة الجاني و
نوع الفعل الذي يهدد النظام و الشيء العمومي على وجه خاص.
وتعتبر جريمة التزوير
ككل جريمة تختص بخصائص تميزها عن غيرها من الجرائم.كما تعد من الجرائم المخلة
بالثقة العامة واقتصاد الدولة وسيادتها .وهذا الأمر جعل منها تتراوح بين الجنحة
والجناية على عكس بعض الجرائم التي أخذت إحدى الصفات الثلاث إما مخالفة أو جنحة أو
جناية دون النظر إلى الظروف المشددة أو الظروف المخففة أو حتى الأعذار القانونية
التي يستفيد بعض المجرمين منها في كثير من الجرائم.
إن المشرع الجزائري أدرج
في قانون العقوبات،في الجزء الثاني منه "التجريم" في كتابه الثالث
"الجنايات و الجنح وعقوباتها" في الفصل السابع "التزوير"
56مادة تتحدث عن التزوير و أنواعه مع إستعمال المزور غير أننا سنتحدث عن خمس مواد
وهي محور بحثنا و المتعلقة بالقسم الثالث من هذا الفصل و التي تتحدث عن نوع من أهم
أنواع التزوير وأخطرها ألا وهو تزوير المحررات الرسمية أو العمومية التي إعتلت سقف
أنواع التزوير بوصفها الجناية الوحيدة بين الجنح المصنفة في فصل التزوير.
إن الأهمية التي أولاها
المشرع لهذا النوع من أنواع التزوير لم يكن بالشيء الهين ولا بالأمر الذي تغض عنه
الأبصار حيث أن العنوان دال على المضمون،و الضرر فيه أكبر من أن يستهان به لأن فيه
مساسـا ـ إن صـح القول ـ وزعزعة للثقة العامة،وتشويه الأعراض وعليه قد سلطنا الضوء
على عدة أمور في بحثنا هذا،حيث قسمناه إلى فصلين كلاهما يحتوي علي مبحثين،أين
قسمنا كل واحد منهما إلى عدة مطالب.
وعلى هذا الأساس ذهبت
تساؤلاتنا حول هذا الموضوع بشكل صريح و واضح لما تحتويه هذه الجريمة من أهمية
بالغة في عالم الإجرام وأخطارها على المجتمع المدني والدولة، حيث كانت تساؤلاتنا
على النحو الأتي:
ـ ما هي جريمة التزوير؟
ـ ما هي خصائصها، أهميتها وعناصرها؟
ـ ما هي أركانها وأساليب إرتكابها؟
ـ ما هي المحررات الرسمية أو العمومية؟ شروطها وأنواعها ؟
ـ ما هي طرق التزوير في المحررات الرسمية أو العمومية ؟
ـ ما هي أركان جريمة تزوير المحررات الرسمية أو العمومية؟ وما هي
العقوبات المسلطة على مرتكبيها؟
و اعتمادا على قانون
العقوبات الجزائري الذي أدرجها في المواد ما بين 214إلى غاية 218 ، وبعض أقوال
الفقهاء وأرائهم و كذا رأي القضاء حول هذا الموضوع سوف نحاول الإجابة على هذه
التساؤلات دون أن ندخر أي جهد في محاولة الوصول إلى تحليل و وصف عملي لهذه الجريمة
التي أدرجها المشرع الجزائري في إطار الجنايات تارة، وفي إطار الجنح تارة أخرى
بسبب صفة الجاني التي تغير من صفة الجريمة على غرار بعض الجرائم التي تمس بالنظام
العام وزعزعة الثقة العامة داخل المجتمع المدني. على خلاف الجرائم الأخرى المتعلقة
بالتزوير واستعمال المزور.
خطة
البحث:
المقدمة العامة
الفصل الأول: عموميات حول
جريمة التزوير..................................01
المبحث الأول: مفهوم جريمة التزوير...........................................02.
المطلب 1: تعريفها،
خصائصها، أهميتها........................................02
المطلب 2: عناصرها.............................................................06
المبحث الثاني: أركان وأساليب جريمة التزوير................................09
المطلب 1: أركانها................................................................09
المطلب 2: أساليب إرتكابها......................................................12
الفصل الثاني: جريمة تزوير المحررات الرسمية أو العمومية...............15
المبحث الأول: مفهوم المحررات الرسمية أو العمومية........................16
المطلب 1: تعريفها وشروط صحتها............................................16
المطلب 2: أنواعها...............................................................19
المبحث الثاني: جريمة تزوير المحررات الرسمية أو العمومية...............21
المطلب 1: طرق تزوير المحررات الرسمية أو
العمومية.....................21
المطلب 2: أركانها...............................................................24
المطلب 3:
عقوباتها.............................................................30
الخاتمة العامة
إن جريمة
التزوير في المحررات الرسمية أو العمومية هي جريمة ككل الجرائم المنصوص عليها في
قانون العقوبات الجزائري، غير أن الفعل فيها يقع على الورق أو المعدن أو ما شابه
ذلك من الأشياء التي تقبل التغيير عليها، دون الإضرار بجسد الإنسان. ومع ذلك فإن
فعل التزوير يقع في الفرد موقع الإعتداء الجسدي عليه كونه يمتلك حقا أخذ منه عن
طريق التزوير في المحرر الذي هو بمثابة إثبات للحق الذي يمتلكه.
لقد تعرضنا في بحثنا
إلى دراسة مفهوم جريمة التزوير بشكل عام دون أن نخصص وقوع الجريمة على شيء معين.
فقمنا بتعريف التزوير ، ودراسة خصائصه مع
إستقراء لمدى أهمية هذه الجريمة بالنسبة لسيادة الدولة واللعب بالذمة المالية وخلط
أوراق السياسة الإقتصادية، كما نبين أهميتها في إستعمال التقنيات الحديثة
والمتطورة على عكس الجرائم الأخرى. ورأينا أن جريمة التزوير تعتمد على ثلاث عناصر
لقيامها وهي:
· المحرر والذي يمثل محل الجريمة.
· تغيير الحقيقة والتي تعتبر النشاط الإجرامي أو
السلوك الحاصل في الجريمة.
· الضرر وهو النتيجة الحتمية لهذه الجريمة
كما تعرضنا للأركان العامة لهذه
الجريمة التي يرى بعض الفقهاء على أنها دون الجرائم الأخرى، فهي تكتفي بركنين فقط
وهما:
· الركن المادي.
· الركن المعنوي.
غير
أن البعض الآخر ورأيهم الأرجح بأن جريمة التزوير لا تخلو من الركن الشرعي ولا
تستطيع الإستغناء عنه لأي سبب من الأسباب على غرار الجرائم الأخرى،أما بالنسبة
لأساليب إرتكاب جريمة التزوير فتتمثل في كل من:
*التقليد.
* التزوير.
* التزييف.
* إنتحال الشخصية والحلول محل
الغير.
وعند قيامنا لدراسة
الجريمة في حدود التزوير الواقع على المحررات الرسمية أو العمومية تطرقنا لدراسة المحرر الرسمي أو العمومي من
ناحية المفهوم، فعرفناه ووضعنا شروط صحته على حسب ما أتفق الفقهاء عليه، وحددنا
أنواعه وهي:
· المحررات السياسية أو الحكومية.
· المحررات القضائية.
· المحررات الإدارية.
هذا في بداية الأمر ثم توجهنا إلى دراسة طرق وقوع جريمة التزوير في
المحررات الرسمية أو العمومية، كما حددنا أركانها مع العقوبة المقررة من طرف
المشرع الجزائري لمرتكبي هذه الجريمة.
وأخيرا نستطيع القول بأن
جريمة تزوير المحررات الرسمية أو العمومية هي:"تقليد أو تزييف أو تزوير أي
محرر رسمي أو عمومي من طرف موظف عام أثناء تأديته لوظيفته أو أي شخص كان، أو من
استعمل محررا مزورا وهو يعلم ذلك". وتقوم على ثلاثة أركان وهي: الركن الشرعي،
الركن المادي، الركن المعنوي.
أما بالنسبة للعقوبة فيمكننا القول بأن المشرع جعلها تتراوح مابين
الجنايات والجنح على حسب خطورتها وعلى حسب صفة الجاني.
وفي الأخير نرجو أن نكون قد وفقنا في بحثنا هذا
كما أننا لا ننكر بأن هذا البحث لا يخلو من النقص والهفوات، وما هو إلا إجتهاد منا
على أثر من سبقونا إلى ذلك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق