طرق تزوير المحررات الرسمية أو العمومية في القانون الجزائري
طرق تزوير المحررات الرسمية أو العمومية
بالنسبة
لطرق التزوير التي يتبعها القاضي أو الموظف أو القائم بوظيفة عمومية، فقد ميز
المشرع الجزائري بين طرق التزوير المادية في المادة 214 من قانون العقوبات
الجزائري وبين طرق التزوير المعنوية في المادة 215 من نفس القانون.
طرق التزوير المادي:
ونقصد بطرق التزوير المادية التغيير في المحرر بعد إنشائه وهو ما يترك أثرا
ماديا للتزوير على المحرر،وتتمثل طرق التزوير المادي في ما يلي:
أ/وضع توقيع مزور:
التوقيع المزور هو التوقيع غير الحقيقي أي التوقيع الذي ينسبه المحرر إلى
غير مصدره الحقيقي ودون رضاه، وهذا التزوير يقع عندما يعمد الموظف أو القاضي إلى
تحريف التوقيع على المحضر بحيث يصبح التوقيع على المحرر توقيعا مزورا، بمعنى
التزوير يتحقق بطريقة وضع الإمضاءات المزورة وذلك إذا وضع الجاني ما ليس له في
المحرر ويستوي أن يكون هذا الإمضاء لشخص موجود أو شخص وهمي.(1)
ب/حذف أو
إضافة أو تغيير في مضمون المحرر:
تغطي هذه الوسيلة كافة أساليب التغيير المادي الذي يدخله الجاني على المحرر
بعد تمام تحريره، والتوقيع عليه من ذوي الشأن. والأمر الجوهري الذي تتميز به هذه
الطريقة هو أن التغيير الذي يدخله الجاني على المحرر إنما يحدث بعد الفراغ من
كتابته، فإذا كان هذا التغيير قد حدث أثناء كتابة المحرر فإن التزوير الذي وقع
يكون معنويا لاماديا.
ويشترط أن يتم التغيير من طرف القاضي أو الموظف أو
القائم بالوظيفة العامة، وقد تتعدد طرق التغيير في المحرر فقد تتم بالمحو بأية
وسيلة كانت أو بالقطع أو الزيادة قي الكلمات،أما إذا استعمل الجاني مادة لإزالة
الكلمات فلا تكون بصدد جريمة التزوير وإنما بصدد جريمة إتلاف. (1)
ج/إصطناع
المحرر:
الإصطناع هو إنشاء محرر بكامل
أجزائه على غرار أصل موجود أو خلق محرر على غير مثال سابق، فالإصطناع يفترض إنشاء
كل محرر ونسبته على خلاف الحقيقة إلى شخص لم يصدر عنه أو إلى جهة لم يصدر عنها قط،
ولما كان الأصل ألا تكون للمحررات قيمة إلا إذا حملت توقيع الذي أصدرها فالغالب أن
يقترن التزوير بالإصطناع بطريقة وضع الإمضاء أو الختم المزور،
هذا ويقوم التزوير الواقع بطريقة الإصطناع ولو كان مضمون
المحرر مطابقا للحقيقة إذ يكون التغيير متحققا بنسبة المحرر زورا إلى سلطة لم يصدر
عنها ذلك المحرر، كما تقوم الجريمة ولو كانت الإمضاءات أو الأختام التي يحملها
المحرر صحيحة في ذاتها إلا إذا كان التوصل إلى وضع الإمضاء أو الختم قد تم عن طريق
الإختلاس أو الإحتيال. (2)
طرق التزوير المعنوي:
ونقصد بالتزوير المعنوي ذلك التغيير الذي يقع على المحرر أثناء كتابته ولا
يترك أثرا ماديا عادة، والإثبات في التزوير المعنوي أكثر صعوبة منه في التزوير
المادي. ويتمثل فيما يلي:
أ/ إصطناع واقعة أو إتفاق خيالي:
وتأخذ هذه
الطريقة أربعة صور حسب ما نصت عليه المادة 215 من قانون العقوبات الجزائري.(3)
الصورة 1: تدوين إتفاقيات أو عقود غير الصادرة عن
المتعاقدين
ويقع
التزوير بهذه الطريقة إذا عهد أو كلف أصحاب الشأن شخصا بكتابة
محرر وفقا لما
يصدر عنه أو لما يملوه عليه من أقوال وبيانات وشروط فيدون بيانات أو أقوال مغايرة
لما طلبوه.
وقد يقع التزوير بهذه الطريقة في محرر رسمي أو عرفي، ومن
أمثلة التزوير في المحرر الرسمي بهذه الطريقة أن يطلب متعاقدين من الموثق تحرير
عقد بيع فيحرر الموثق عقد هبة أو يحرر عقد بيع ولكن يثبت فيه شروطا غير التي اتفق
عليها من طرف المتعاقدين، ومن هذا المثال يتبين بوضوح أن التزوير بهذه الطريقة
قابل لأن يقع في المحررات الرسمية والعرفية سواء.
غير أنه لا يتوقع أن يصدر من موظف عام مختص تزوير
في المحرر الرسمي أو العمومي. لأن وقوع التزوير بهذه الطريقة يفترض أن يوكل إلى
الجاني أمر كتابة المحرر، ومع ذلك إذا كان الموظف العام حسن النية فلا يسأل جنائيا
عن التزوير بمعنى ينتفي القصد الجنائي، والتالي يكون من أملى هذه البيانات على
الموظف هو الذي ارتكب التزوير.
الصورة 2: جعل واقعة كاذبة في صورة واقعة صحيحة
جوهر
هذه الطريقة هو إثبات واقعة على غير حقيقتها ولهذا السبب تعتبر أشمل الصور في طرق
التزوير المعنوي، ومثال ذلك:كأن يعمد كاتب المحرر إلى تقرير وقائع يعلم بأنها غير
صحيحة كأن يذكر أن العمل قد تم بشهادة الشهود وهو يعلم بعدم توافر الشهود فعلا،
والتزوير بهذه الطريقة قابل لأن يقع في محرر رسمي إذ يفترض أن يكون فاعله موظفا
عاما أو ضابطا عموميا مختصا بتدوين المحرر.فمثلا الموظف الذي يحرر شهادة ميلاد
ويثبت فيها خلافا للحقيقة أن واقعة الميلاد قد وقعت في تاريخ مغاير للتاريخ
الحقيقي.
ويقع
التزوير كذلك في المحرر الرسمي من غير الموظف العام أو الضابط العمومي باعتباره
مساهما مع الموظف العام أو الضابط العمومي كحسن النية في الأحوال التي يزعم فيها
الشخص أمام الموثق بأنه وكيل عن البائع أو الشاري.
الصورة 3: جعل واقعة غير معترف بها في صورة واقعة
معترف بها
وهذه الصورة ليست إلا تطبيقا للصور السابقة على
أساس إثبات المحرر واعتراف شخص بواقعة معينة في حين أنه في الحقيقة لم يعترف بها.
بمعنى أنه أعطى واقعة مزورة غير صورة
الواقعة الصحيحة ومثال ذلك كأن يعمد قاضي التحقيق إلى إثبات إعتراف المتهم بالتهمة
الموجهة إليه في حين أنه لم يعترف حقيقة وإنما ينسب إليه هذا الإعتراف كذبا، أو أن
يثبت الموثق للعقود أن البائع قد صرح أمامه بأنه قد تسلم المبلغ المالي في حين أن
البائع لم يصرح بذلك فعلا.
الصورة 4: تحريف الواقعة بإغفال أمر ما أو إيراده على غير
وجهه
تثار
مشكلة التزوير بالترك في الأحوال التي يغفل فيها الشخص إثبات ما كان عليه إثباته
في المحرر توصلا لتغيير الحقيقة فيه ومثال ذلك كأن يعمد الموظف أو القاضي إلى
إغفال ذكر واقعة في المحرر كان من الواجب ذكرها أو يعتمد إسقاط بعض الإقرارات التي
تلقاها من الأطراف أو بتغيير فحواها، فإغفال الإقرار أو تحريفه أمام القانون يؤدي
إلى القول بأن القانون اعتبر هذه الجريمة تتم بالترك.
ب/إنتحال
شخصية الغير:
يستوي لقيام
التزوير بهذه الطريقة أن ينتحل المزور شخصية خيالية أو شخصية حقيقية لها وجود
فعلي، كما يستوي أن يتم إنتحال شخصية في محرر رسمي أو عمومي.
ومن تطبيقات إنتحال الشخصية في المحررات الرسمية
أو العمومية أن يتقدم شخص لأمام القضاء بصفة شاهد في القضية ويتسمى باسم شخصية
الشاهد الأصلي في القضية ويدلي بشهادته في محضر الجلسة بذلك الإسم المنتحل.(
تعليقات
إرسال تعليق