مبدأ تدرج القوانين أو مبدأ سيادة القانون

مبدأ تدرج القوانين
أو
مبدأ سيادة القانون

*- ضرورة وجود السلطة.
*- مبدأ المشروعية أو مبدأ سيادة القانون.
*- أساس مبدأ المشروعية.
I- مبدأ المشروعية و تدرج النظام القانوني.
معايير التدرج.
المعيار الموضوعي.
 المعيار الشكلي.

II- مصادر الشرعية.
أ)- المصادر المكتوبة.
       1- الدستور.
       2- التشريع.
       3- القرارات التنظيمية.
       4- أحكام القضاء.

ب)- المصادر غير المكتوبة.
       1- العرف.
       2- المبادئ القانونية العامة.



       مبدأ المشروعية أو مبدأ سيادة القانون:

ضرورة وجود السلطة: وجود السلطة في المجتمع ضرورة لبقاء المجتمع     و استقراره، و أنه بدون السلطة ينهار المجتمع و ينتهي و يتلاشى.

مبدأ المشروعية: الدولة المعاصرة، دولة قانونية بمعنى أن بها قانون، بمعناه العام يحكم كافة تصرفات الأفراد و السلطة و أنه لكي يكون تصرف السلطة مشروعا و مقبولا فإنه يجب أن يتطابق مع حكم القانون فحكم القانون هو الذي يسود و هو الذي تخضع له تصرفات السلطة كما يخضع له الأفراد. و يطلق على هذه القاعدة مبدأ المشروعية.

إنطلاقا من أن تصرفات الإدارة المادية أو القانونية لا تكون مشروعة إلا إذا إتفقت مع حكم القانون بل وأحيانا مع الفهم الصحيح لحكم القانون.

أساس مبدأ المشروعية: فحوى مبدأ المشروعية و مقتضاه، هو وجوب إلتزام الإدارة حكم القانون في كل أنشطتها و تصرفاتها.

الدستور هو القانون الأعلى في النظام القانوني و مقتضى هذا وجوب إلتزام المشرع العادي ( السلطة التشريعية) لأحكام الدستور فلا يجوز للسلطة التشريعية أن توافق على تشريع أو قانون لا تتفق أحكامه مع أحكام الدستور. من هنا فقد أطلق البعض على مبدأ المشروعية تسمية (مبدأ علو الدستور) ذلك أن الإدارة ملتزمة بإحترام أحكام القانون، و المشرع ملتزم حين يوافق على القانون أن تتوافق أحكام هذا القانون مع أحكام الدستور. و لا يعني التزام الإدارة حكم القانون في كل تصرفاتها أن يظل القانون القائم دون تعديل أو تغيير (جامدا) بل يجب أن يساير تطور المجتمع.

مبدأ المشروعية و تدرج النظام القانوني: أساس المشروعية يتمثل في علو الدستور، و وجوب التزام المشرع حكم الدستور فيما يسنه من قوانين ثم التزام الإدارة في نشاطها حكم القانون، و هكذا نجد نظاما هرميا إحترامه هو الأساس الذي تقوم عليه الشرعية. و يطلق على هذا النظام تدرج القواعد القانونية. و هو ما يعني ضرورة إلتزام القاعدة الأدنى بحكم القاعدة الأعلى. فالقانون العادي في مرتبة أقل من الدستور، و من هنا يجب أن لا يخرج القانون العادي على حكم الدستور،        و اللائحة التنظيمية في مرتبة أدنى من القانون العادي، و من ثم فلا يجوز لها مخالفته، و هكذا.

معايير التدرج:ينظم التدرج القانوني معياران، معيار موضوعي و أخر شكلي.

المعيار الموضوعي: مفاده أنه لتحديد القاعدة الأعلى الواجبة الإتباع فإنه يجب النظر الى المضمون، فالقرار الفردي يكون في مرتب أدنى من القاعدة التنظيمية بغض النظر عن مصدر كل منهما، فإذا ما أصدر وزير مثلا لائحة تنظيمية بشروط شغل إحدى وظائف وزارته، ثم جاء رئيس الوزراء فأصدر قرارا فرديا بتعيين أحد الأفراد في هذه الوظيفة، فإن قرار رئيس الوزراء الفردية يجب أن يلتزم بحكم القاعدة التنظيمية التي أصدرها الوزير من قبل في هذا الصدد و يستند هذا المعيار على اساس أن للقاعدة القانونية قوة الإلزام، فإذا سمحنا للقرار الفردي أيا كان مصدره بمخالفتها فقدت القاعدة القانونية قوة الإلزام فيها و هذا معناه إصدارها كلية.

المعيار الشكلي: يعتمد على مصدر القرار و الإجراءات التي إتخذت في غصداره، فالدستور أعلى القوانين لأنه صادر من سلطة مؤسسة، و القانون العادي في مرتبة أدنى من الدستور لأن السلطة التشريعية قامت إستنادا الى الدستور فوجب عليها التزام أحكامه. و قرار الوزير يجب أن يلتزم بقرار رئيس الوزراء.

و إذا أصدرت سلطة إدارية لائحة تنظيمية فإنها تلتزم بإحترام هذه القواعد، طالما أنها لم تلغها أو تعدلها. و يعتمد هذا المعيار كذلك على الإجراءات فحين يشترط الدستور أغلبية معينة لإصدار تشريع معين فمفاد هذا التشريع يكون في درجة أعلى من درجة التشريع العادي الذي لا يشترط له الدستور هذه الأغلبية      و اساس العلو هنا هو الإجراءات الشكلية التي أحاطت بالتشريع.
مصادر الشرعية: مفاد مبدأ الشرعية هو التزام السلطات العامة و الإدارية منها بحكم القانون في تصرفاتها أي أن تصرفاتها المادية و القانونية مطابقة لحكم القانون، بل و متفقة مع الفهم الصحيح للقانون و القانون الذي يجب أن يسود حكمه على هذه التصرفات هو القانون بمعناه العام و الواسع، و من ثم فإن مصادر الشرعية هي بذاتها مصادر القانون.

المصادر المكتوبة: هي المصادر الشرعية المكتوبة أو المدونة، هي المصادر الرسمية التي تصدر عن سلطات تملك حق إصدارها و هي حسب تدرجها في الهرم القانوني الدستور، التشريع، اللوائح التنظيمية و أحكام القضاء.

أولا: الدستور LA Constitution: هو مجموعة قواعد التي تنظم سلطات الحكم و تبين كيفية تأسيسها و إختصاصات كل منها و العلاقة بينها ثم العلاقة بينها و بين المحكومين، و يرسي الضمانات الأساسية للمحكومين.

الدستور له مكانة سامية لأنه يصدر عن سلطة مؤسسة أما القواعد الأخرى فتصدر عن سلطات أنشأها الدستور و تستمد وجودها و شرعيتها من الدستور ذاته.

و لا يخضع الدستور، و النصوص الدستورية لمبدأ الشرعية إذ لا يجوز الدفع بعدم مشروعية نص دستوري بمقولة أنه جاء مخالفا لقواعد العدالة أو لمبادئ القانون الطبيعي كما لا يجوز للقضاء أن يتعرض لمشروعية النص الدستوري على الإطلاق.
و تلتزم جميع السلطات في الدولة، في تصرفاتها و أعمالها، بحك الدستور.

ثانيا: التشريع: LA LOI: يعرفه الفقهاء من الزاوية الموضوعية بأنه القواعد العامة المجردة و بأنه القواعد التي يسيطر عليها طابع العمومية عكس القرار الإداري ذي الطابع الفردي.

أما المعيار الشكلي فيعتمد على العضو مصدر القاعدة فالعمل تشريع إذا توافرت فيه الشروط.
1)- أن يصدر عن سلطة خولها الدستور حق إصدار التشريع.
2)- أن يصدر العمل عن هذه السلطة، طبقا للقواعد و الإجراءات            و الأشكال، التي يبينها الدستور و يستند هذا المعيار الى نظرية الفصل بين السلطات.

*- رغم أن التشريع له موقع ممتاز لصدوره عن سلطة تشريعية و هي سلطة منتخبة إلا أنه مع ذلك يجب أن يخضع للدستور، فلا يجوز لتشريع أن يصدر مخالفا لنص في الدستور أو حتى مخالفا لفحواه.

ثالثا: القرارات التنظيمية ( اللوائح) Les reglement: هي قرارات تضمنت قواعد عامة و مجردة فهي قرارات تنظيمية، و تعتبر هذه القرارات التنظيمية بالمعيار الشكلي أي بالنظر لمصدرها، قرارات إدارية، و لكنها بالمعيار الموضوعي المادي تعتبر أعمال مشروعة لا تسام قواعدها، بالعمومية و التجريد.

تحتل هذه القرارات المرتبة الثالثة بعد الدستور و التشريع في النظام الهرمي القانوني، و لئن كانت اللوائح متشابهة للتشريع، في العمومية و التجريد، إلا أن الإتفاق منعقد على أن التشريع، يقع في مرتبة اللوائح، و تعليل ذلك أن التشريع يصدر عن السلطة التشريعية، و هي سلطة منتخبة و من ثم فهي الممثلة لكل المجتمع.

و يترتب على ذلك خضوع اللائحة للقانون العادي و للدستور، فلا يجوز للائحة أن تتضمن أحكاما تخالف أو تعدل أو تعطل نصا أو حكما ورد في التشريع أو في الدستور.

رابعا: أحكام القضاء La Jurisprudence: ينحصر عمل القاضي في تطبيق أحكام القانون على ما يطرح عليه من أقضية و منازعات، فالقاضي، لا يخلق قاعدة و إنما يطبق القواعد العامة الموضوعة سالفا.

و كثيرا ما يجد القاضي نفسه أمام نزاع لم يضع له القانون حلا، فيضع هو القاعدة القانونية، يؤصلها و يعمقها ثم يطبقها و يستلهم في ذلك مبادئ القانون العامة و أحكام القانون الطبيعي و أسس العدالة.

المصادر الغير مكتوبة: تتمثل في مصدرين، هما: العرف و المبادئ القانونية العامة.

1)- العرف La Coutume: هو تكرار إتباع الناس، لقاعدة معينة، في نشاط معين الى أن يشعر و بأنها أصبحت ملزمة، و أنه لا يجوز لهم مخالفتها.

هناك أنواع كثيرة من العرف، العرف التجاري، العرف الإداري، العرف الدستوري الخ.

و قد كان للعرف المرتبة العليا في المجتمعات القديمة إلا أنه بعد ظهور التشريع المدون و ظهور مزاياه من الوضوح و التحديد و سهولة معرفة أحكام تقهقر العرف ليخلي المكانة الأولى للتشريع فلا يجوز الإلتجاء الى العرف إلا إذا إفتقدنا النص.

2)- المبادئ القانونية العامة: قواعد قانونية غير مدونة، ملزمة، تتميز بأنها لم ترد في نص مكتوب و لكن القضاء هو الذي يكشف عنها، فتقررها أحكامه       و تصدرها على مقتضاها، و هذه المبادئ تتساوى في المرتبة و الدرجة مع التشريع العادي، و أن القاضي لا يلجأ إليها إلا إذا إفتقد النص أو كان بالنص غموض الى توضيح أو تفسير أو به نقص أو قصور يحتاج الى الإكمال، لا يجوز للإدارة مخالفتها لا بقرارات تنظيمية عامة و لا بقرارات إدارية فردية.


Share:

مفهوم النظام الرئاسي

النظام الرئاسي:
       1 مفهوم النظام الرئاسي: أنشئ النظام الرئاسي بمقتضى الدستور الأمريكي الصادر سنة 1787 و الذي أصبح نافذا سنة 1789 و الذي لازال معمولا به إلى يومنا هذا مع بعض التعديلات البسيطة.

       و رغم أن النظام البرلماني عريق إلا أن قواعده لم تتأصل ولم تستقر أوضاعه الأساسية في بريطانيا و فرنسا و بلجيكا إلا بعد سنة 1830، أي بعد وضع الدستور الأمريكي بـ 50 سنة تقريبا و بمعنى أخر أن نشأة النظام الرئاسي كانت قبل نشأة النظام البرلماني العصري في العالم.

       و يتميز النظام الرئاسي بالخصائص الأتية:
       أ حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية.
       ب فصل السلطات في الدولة إلى أقصى حد ممكن.
       ج رجحان كفة مجلس الشيوخ.
       و قد أخذت بهذا النظام الولايات المتحدة الأمريكية كما تبنته معظم دول أمريكا اللاتينية و بعض الدول الأفريقية، و نأخذ الولايات المتحدة الأمريكية كمثال بإعتبارها أم هذا النظام.

       2 أركان النظام الرئاسي:
       أ حصر السلطة التنفيذية في يد رئيس الجمهورية: إن السلطة التنفيذية في يد رئيس منتخب، و يشترط فيمن يتقدم للترشيح لمنصب الرئاسة:
       - أن يكون مولودا في الولايات المتحدة الأمريكية.
       - أن يكون قد بلغ الخامسة و الثلاثين ( 35 ) من العمر.
       - أن يكون قد أقام في الولايات المتحدة أربعة عشر ( 14 ) سنة.

       و في التعديل الثاني و العشرين سنة 1947 الذي أصبح قانونا نافذا سنة 1951 عاد الأمر يكيون إلى التقليد السابق و قصروا التجديد على مرة واحدة بحيث لا يبقى الرئيس أكثر من ثمانية ( 08 ) سنوات في الرئاسة، و للعلم فإن أول رئيس الجمهورية جورج واشنطن رفض أن تجدد له الولاية بعد 8 سنوات من الحكم في سنة 1797 ثم جاء الرئيس روزفلت سنة 1932 و الذي إنتخب للمرة الرابعة عام 1944 و توفي و هو في الرئاسة وبلاده وسط الحرب العالمية الثانية.

       ب رئيس الجمهورية يجمع بين رئاسة الدولة و رئاسة الحكومة:
       إن رئيس الجمهورية في النظام الرئاسي يجمع بين رئاسة الدولة و رئاسة الحكومة، فهو الذي يرسم خطوط السياسية العامة للحكومة، و الوزراء لا يعدون إلا مجرد مساعدين أو تابعين للرئيس فليست لهم سياسة شخصية، و لذالك يطلق عليهم تسمية الأمناء " SECRETARIES " إشارة إلى أنهم ليسوا سوى منفذين لتعليمات    و سياسة الرئيس، و الوزارات عبارة عن مصالح فهو غير مقيد بأراء الوزراء حتى ولو أجمعوا على رأي واحد. و يجتمع بهم كل أسبوع ليعرف أراءهم.

       و لكن هو وحده يتخذ القرارات و أغلب الأمناء ليسو رجال سياسة إنما هم فنيون ولقد عرف عن بعض رؤساء الجمهوريات عدم إستشارة الأمناء بل إستشارة جماعات من رجال العلم أو من الأصدقاء، كما كان الشأن عند فرانكلين روزفلت الذي كان يستشير بالأساتذة الجامعيين و رجال الفكر كان يطلق عليهم " مؤسسة الأدمغة " أو الرئيس جاكسون الذي جرت عادته على إستشارة جماعة من أصدقائه كان يطلق عليهم " وزارة المطبخ ".

       ج عدم وجود مجلس الوزراء: إن الأمناء أو السكرتاريين أو الوزراء لا يكونون هيئة أو مجلسا له إرادة جماعية وله سلطة إصدار قرارات بإسمه و له إختصاصات معينة فيما يتعلق بتوجيه سياسة و إدارة مصالح الدولة كما هو الشأن في النظام البرلماني، ففي النظام الأمريكي لا يوجد مجلس الوزراء ولا رئيس مجلس الوزراء كما لا يوجد مبدأ التضامن الوزاري عن السياسة العامة للحكومة كما هو مقرر في النظام البرلماني.

       د السلطات ( أو الإختصاصات ) الواسعة لرئيس الجمهورية:
       يملك رئيس الجمهورية إختصاصات واسعة يمكن تلخيصها فيما يلي:

       لرئيس الجمهورية حق تعيين السكرتيرين (ممن تتوافر فيهم القدرة على تنفيذ سياسته) و عزلهم متى شاء إذا قدر أن أحدهم أو بعضهم غير قادرين على تنفيذ سياسته ( لأنهم مسؤولون أمامه و ليس أمام البرلمان ) .
       إن الرئيس يملك وحده إختصاصات السلطة التنفيذية فالأمناء (السكرتيرين) لا يشتركون معه في السلطة التنفيذية كما هو الشأن في النظام البرلماني فهم كما قدمناه مجرد مساعدين.

       الناحية الإدارية: يصدر الرئيس اللوائح و هو رئيس الإدارة الفيدرالية           ( الإدارات و المصالح التابعة للحكومة المركزية و مقرها واشنطن دي- سي) فهو الذي يعين كبار الموظفين ( و إن كان يشترط لتعينهم موافقة مجلس الشيوخ )       و عزلهم ( دون موافقة مجلس الشيوخ ).

       الناحية العسكرية: رئيس الجمهورية هو الرئيس الأعلى للقوات المسلحة،      و ليس ثمة ما يمنع الرئيس من الناحية القانونية من قيادة القوات المسلحة شخصيا    و إن لم توجد لذلك سابقة في تاريخ الولايات المتحدة.

       أما في وقت الحرب، فالرئيس له سلطات ذات صبغة دكتاتورية سواء على أشخاص المواطنين أو على ممتلكاتهم. كما أن له سيطرة كاملة على إدارة الحرب، بحيث له أن يأمر بإرسال القوات المسلحة حيث يشاء و أن يشترك في وضع الخطط الحربية و أن يأمر بوقف القتال، و أن يقيم حكومات عسكرية في المناطق المحتلة.

       السياسة الخارجية: الرئيس هو الممثل القانوني الوحيد لحكومة الولايات المتحدة الأمريكية في علاقاتها مع الدول الأخرى.

       الرئيس هو الذي يدير العلاقات الدبلوماسية و يعين و يعزل السفراء        (و غيرهم من الممثلين السياسيين) و القناصل، و الرئيس هو الذي يقوم بالمفاوضات و عقد المعاهدات (مع ملاحظة إشتراط موافقة مجلس الشيوخ على التعيين دون العزل كما يشترط موافقة المجلس على المعاهدات). و هو المختص وحده بالإعتراف بالدول  أو بالنظم الأجنبية الجديدة.

       التشريع: للرئيس إستثناء من مبدأ الفصل ما بين السلطات، و للرئيس دور في التشريع يتجلى في:

       - إصدار اللوائح التي يطلق عليها Executive Orders .
       - حق الإعتراض على القانون الذي يوافق عليه البرلمان ( مدة عشر (10) أيام من موافقة البرلمان على القانون) ورده إلى البرلمان لإعادة النظر فيه، فإذا وافق عليه البرلمان مرة أخرى بأغلبية 2/3 من الأعضاء في كل من المجلسين صدر القانون و إلا سقط إذا لم تتوافر فيه تلك الأغلبية.

       و الحكمة من ذالك هو أن يكون حق الإعتراض بمثابة سلاح في يد الرئيس ليحول دون ما قد يأتيه البرلمان من إستبداد و طغيان أو تصرف صادر عن تسرع.

       هـ فصل السلطات في الدولة إلى أقصى حد ممكن:   لقد تأثر واضعوا الدستور الأمريكي بكتابات و أفكار لوك و مونتسكيو في الفصل ما بين السلطات،   و كان هذا المبدأ بمثابة عقيدة يدينون بها بإعتبارها سياجا للحريات و سلاحا من الإستبداد و الطغيان. فالسلطات وزعت بين هيئات ثلاث هي السلطة التشريعية، التنفيذية، القضائية، و قد عمل واضعوا الدستور الأمريكي على إقامة الفصل بين السلطتين التشريعية و التنفيذية إلى أقصى حد ممكن مع كفالة التوازن بينهما بحيث لا تستطيع إحداهما أن تسيطر على الأخرى و تخضعها لإرادتها بل جعلهما على قدم المساواة. أما السلطة القضائية فهي مستقلة إستقلالا تاما عن السلطتين التشريعية      و التنفيذية و تعتبر بمثابة حامية للدستور.

       - مظاهر الفصل (الإستقلال) بين السلطات: أهم مظاهر الفصل بين السلطات هي:
       لا يملك البرلمان حيال الوزراء (الأمناء) أي سلطة، فلا يجوز إستجواب الوزير  أو مناقشته أو سؤاله.
       لا يجوز الجمع بين عضوية البرلمان و الوزراة، و من ثم فلا يجوز للوزراء ولا لرئيس الجمهورية حضور جلسات البرلمان كما هو الشأن في النظام البرلماني.
       ليس لرئيس الجمهورية أن يدعو الكونغرس أو أحد مجلسيه للإنعقاد كما ليس له أن يفض دوراته ، فالكونغرس ينعقد تلقائيا في مواعيد حددها الدستور        و المجلس هو الذي يؤجل دوراته و هو الذي يفض دوراته دون تدخل من أحد.
       ليس للسلطة التنفيذية حل أي مجلس من مجلسي الكونغرس.
       لا يجوز للسلطة التنفيذية إقتراح القوانين.
       إن القضاة ينتخبون من الشعب مباشرة.
       لا يستطيع البرلمان الأمريكي أن يعدل نظام المحكمة العليا الإتحادية     إلا بعد إتباع الطريقة الخاصة بتعديل الدستور الإتحادي.
       للقضاء حق مراقبة دستورية القوانين و مراقبة تصرفات السلطة التنفيذية.

مظاهر الإتصال و التعاون بين السلطات:
       من جانب السلطة التشريعية: إختصاص مجلس الشيوخ في التصديق على تعيين كبار الموظفين، إذ يعطي الدستور الأمريكي رئيس الجمهورية حق تعيين كبار الموظفين كالوزراء و السفراء و القناصل و قضاة المحكمة العليا وسائر كبار موظفي دولة الإتحاد، و ذلك بعد موافقة مجلس الشيوخ.
       إختصاص مجلس الشيوخ بالموافقة على المعاهدات، و يختص رئيس الجمهورية بعقد المعاهدات، إلا أن هذا الحق مقيد بشرط مشورة مجلس الشيوخ، ثم إن المعاهدة لا تصير نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الشيوخ بأغلبية 2/3 من الأعضاء الحاضرين.

       إختصاص مجلس البرلمان بالإتهام الجنائي، خول الدستور مجلس النواب الحق في إتهام أي رجل من رجال السلطة التنفيذية بمن فيهم رئيس الجمهورية إذا إرتكب أحد الجرائم المنصوص عليها في الدستور، و إذا إتهم مجلس النواب رجل السلطة التنفيذية، فإن مجلس الشيوخ يقوم بمحاكمته، و يشترط الدستور للإدانة موافقة ( 2/3 ) من أعضاء مجلس الشيوخ.

       من جانب الرئيس: لقد منح الدستور الأمريكي خروجا على إستقلال السلطة التشريعية بالوظيفة التشريعية إختصاصات تشريعية، و أهم هذه الإختصاصات:
       - حق الرئيس في إصدار اللوائح التنفيذية.
       - حق التوصية التشريعية.
       - حق الإعتراض على القوانين.

رجحان كفة مجلس الشيوخ: إن مجلس الشيوخ يمثل الولايات على قدم المساواة بمعدل عضوين (02) لكل ولاية و فضلا عن كونه يشترك مع مجلس النواب في التشريع بحيث لا يصدر قانون إلا بموافقة المجلسين، و في تعديل الدستور بالإضافة إلى تقاسم محاسبة أي رجل من رجال السلطة التنفيذية عند إرتكابه إحدى الجرائم المنصوص عليها في الدستور ( بحيث يتولى مجلس النواب الإتهام و مجلس الشيوخ يتولى المحاكمة ). كما يقوم مجلس الشيوخ بما يلي:

       - يختص دون مجلس النواب بدور الرقيب على رئيس الجمهورية.
       - يشترك مع الرئيس في تعيين الوزراء و السفراء و القناصل و قضاة المحكمة العليا و كبار الموظفين بحيث يرشحهم الرئيس لشغل هذه المناصب بينما يشترط الدستور موافقة مجلس الشيوخ على ذالك.
       - يشترط الدستور موافقة مجلس الشيوخ على المعاهدات التي يبرمها الرئيس مع الدول الأجنبية بأغلبية الثلثين، و هذا ما يشكل أحيانا عقبة أمام سياسة الرئيس الدولية.
                              
ملاحظة: عضو مجلس الشيوخ ينتخب لمدة ستة (06) سنوات، بينما ينتخب عضو مجلس النواب لمدة سنتين (02).

       - تقييم النظام الرئاسي: إن الإستقلال الذي يتمتع به كل من رئيس الجمهورية و البرلمان بمقتضى حكم الدستور يؤدي إلى وقوف كل منهما على نقيض الأخر.

       إن منع الدستور و سحب الثقة من الرئيس خلال رئاسته يجعله محصنا من التهديد بإسقاطه. و هذه الحصانة تجعل رئيس الدولة غير مسؤول عن تصرفاته الإدارية أو غيرها.

       إن جمع الرئيس بين السلطة الواسعة القوية مع الإستقلال في الوقت نفسه يصل بهذا الوضع إلى الديكتاتورية
Share:

طرق نهاية الدساتير

* نهاية الدساتير: الدساتير يمكن أن تنتهي نهاية عادية أو نهاية غير عادية و العادية هي التي تتم عن طريق إصدار دستور جديد فهذا يفيد ضمنيا بأن الدستور الأول قد ألغي أما النهاية غير العادية فهي التي تتم عن الطريق الثورة أو الانقلاب.

1 – الطريقة العادية: يقصد بها أن الدساتير ينتهي العمل بها عند تقوم الدولة بإلغاء نص دستوري سابق و كذلك عن طريق الإرادة الشعبية التي تقوم عن طريق الإستفتاء بوضع حد لدستور نافذ و احلاله بدستور جديد غير أنه ينبغي أن نبدي ملاحظة في هذا الشأن مفادها أنه لا يوجد دستور واحد في العالم يحدد كيفية إلغائه. و إن حدد ذلك يكون قد حكم على نفسه بالموت مسبقا و لكن قد يحدث أن نميز بين الإلغاء و الوقف.

الوقف قد يحصل أن تمر الدولة بحالة إستثنائية أو حالة حرب فتجمع جميع الصلاحيات في يد رئيس الدولة و في هذه الفترة فإن العمل بالدستور يتوقف إلى غاية زوال الأسباب الداعية إلى ذلك التوقيف و يعود الدستور من جديد إلى النفاذ بعد فترة التوقيف.

الإلغاء يقضي على الوجود القانوني للدستور فيصبح حكمه حكم العدم.

و لهذا فإن الطريقة الأكثر لإلغاء الدستور بالطريقة العادية هي إصدار دستور جديد، عن طريق الجمعية التأسيسية أو عن طريق الإستفتاء.

2 – الطريقة غير العادية:  تتفرع إلى فرعين:

أ – الثورة الشعبية: يقصد بها التغير الجذري للأوضاع القائمة من قبل كلية و يترتب على ذلك حتما إيجاد دستور جديد يتناسب مع مرور الظرف الجديد         و مصطلح الثورة في العصر الحديث مرتبط بالفكر الماركسي ذلك أن الدولة الحديثة خاصة في أروبا الغربية لم تعرف الثورة و لقد تجسدت سابقا خاصة في الإتحاد السوفياتي 1917 هذه الثورة أدت إلى حلول " البروليتاليا " محل السلطة الحاكمة تمهيدا للقضاء على الدولة كلية لتصل إلى الشيوعية. و هذا سيؤدي إلى إعادة النظر في نظام الدولة و نظام الملكية فيها و العلاقة بين السلطات و الشعب عن طريق دستور جديد يستجيب لكل هذه المقتضيات و لدينا دستورين يعبران عن هذه المرحلة:  الدستور السفياتي 1917 و الصيني 1949.

إذا رجعنا إلى الفكر الليبرالي فإنه يستبعد هذا الشكل من انقضاء الدساتير بالثورة ذلك أن هذا الفكر لا يؤمن بإمكانية إلغاء الدساتير عن طريق الثورة لأنهم يرون أن الدساتير تحدد كيفية الوصول إلى السلطة بشكل سلمي عن طريق الأحزاب أو عن طريق فكرة التداول على السلطة، هذه المسألة مازالت محل خلاف في دول العالم النامية، وينبغي هنا أن نميز بين الثورة و المقاومة و الإصلاح.

المقاومة و هي مواجهة الاستبداد و التعبير عن عدم الرضا عن كل ما يصدر عن تلك السلطة الاستبدادية، و في أغلب الأحيان تكون هذه المقاومة بإدانة الممارسات الصادرة عنها، و لا تنصرف المقاومة أصل إلى إلغاء الدساتير بل في محاولة إعادة النظر للعلاقة بين السلطة الحاكمة و الشعب.

الإصلاح أن هناك بعض المسائل محل نظر فتكون هناك مطالبة بإصلاحها حتى تكون مقبولة في نظر الداعين للإصلاح و من ثم فالإصلاح تقدير ذاتي لوضع قائم لأنه يختلف من شخص لآخر خاصة ما تعلق بأبعاده و مهما يكن فإن الإصلاح نظرة تستهدف تقويم الأشياء من خلال منظور خاص و كل من المقاومة و الإصلاح لا يستهدفان إلغاء الدستور القائم على خلاف الثورة التي تقضي على الدستور الساري المفعول.

ب – الانقلاب:  يقصد به قيام مجموعة معينة من داخل السلطة بالإطاحة بنظام الحكم القائم و لهذا فالانقلاب يستهدف فقط استبدال شخص محل آخر        أو استبدال مجموعة محل مجموعة أخرى في و غالب الأحيان فإن الانقلاب يقوم به العسكريون و في حالات قليلة يقوم به سياسيون أو مدنيين و الملاحظ أن أغلبية الانقلابات التي وقعت كانت في إفريقيا و أمريكا اللاتينية، حيث بعد حرب العالمية الثانية تشير الإحصاءات إلى أكثر من 57 انقلاب في أمريكا اللاتينية وحدها. فهذا يثبت أنه في أمريكا اللاتينية أن الوضع السياسي لم يكتمل بعد و أن قواعد التداول على السلطة لم يجر التسليم بها و قبولها الأمر الذي يقضي على الاستقرار السياسي في الدولة.

و الانقلاب لا يقضي دائما على الدساتير القائمة فيمكن إلغاء الدستور        أو الإبقاء عليه و لكن التوجه الغالب أن الانقلاب يكون متبوعا بإلغاء الدستور الساري المفعول و بذلك نسطيع أن نقول بأن الانقلاب و إن كان يؤثر على السلطة السياسية فإنه يمتد أيضا إلى العلاقات القانونية القائمة بين مختلف السلطات في الدولة.   
 

Share: